الكل يعرف مع من تقف أمريكا في الحرب المفروضة على السودان بأجندة خارجية ومنذ أبريل 2023م. جيوستراتيجيا خطة أمريكا مبنية على إدارة النزاعات الخارجية البعيدة عن جوارها، وليس العمل على إنهائها، ويجب الاعتبار بالنظر لموقفها في غزة وحتى في أوكرانيا.. الهدنة المطروحة، مُدلِسة ومملوءة بالفخاخ، ومقصود بها تجميع أبناء القبائل العربية الرعوية الداعمة للميليشيا، الذين رفضوا القتال مؤخرا، ليتفرغوا للمواشي التي تنتظر عودتها للجنوب، وبعد استشراء أجواء الحرب والنهب في مناطقهم، وتزايد الأرامل والأيتام؛ وكذلك لتخفيض الكلفة العالية للمرتزقة، وتفادي الإحراج العالمي الجائح بعد انكشاف تحركاتهم عالميا. موافقة الحكومة السودانية على الهدنة المطروحة، بدون المطالبة بانسحاب الميليشيا من بارا ونيالا والفاشر، ودون وضع سلاحها، ووقف تدفق السلاح الأجنبي والمرتزقة، يعني ببساطة الموافقة على انفصال دارفور، وإعلان دولة الميليشيا، رضينا بذلك أم أبينا. وحديث وزير الخارجية، السفير محي الدين سالم، إبان تأبين الناظر عبدالقادر منعم منصور، واضح، وفاضح، ولا لبس فيه. فإذا كان الوسيط الأمريكي اللبناني الأصل، بولس، جاداً في وقف الحرب على أهل السودان وإبادة أهل دارفور، فيتعين عليه إثبات ذلك بوقف تدفق الأسلحة المستمر، وخاصة الأمريكية من مطارات الجوار، وتصنيف الميليشيا المتمردة والخارجة عن القانون حركة إرهابية، مثلها مثل حركة النصرة، والمجموعات الإرهابية في الساحل، المصنّفة أمريكيا كحركات إرهابية، والتي يشارك جنودها حاليا كمرتزقة، يقاتلون مع الميليشيا في دارفور، ويستخدمون نفس الإشارات وماركات الأسلحة، كما في بوركينا ومالي والنيجر وبنين. هذا هو الواقع الذي يتعين أن يفهمه المفاوض السوداني ويتحرك به في حواراته، فليس هناك ضمانات، ولا موثوقية، ولا عهود في هذه الاتفاقيات، ولا تستند على قرار من الأممالمتحدة ولا يحزنون. فأين مرجعيتها القانونية والتشريعية؟ لا سيما أن السلطة القائمة في البلاد بوضع اليد، فشلت في تشكيل مجلس تشريعي منذ 2019م ليستكمل مثلث منظومة الحوكمة مع الجهازين التنفيذي والقضائي، وللتعبير عن الرأي العام الغالب للشعب السوداني، الذي ظل يقاتل في صف واحد مع جيشه الوطني. فلماذ يشركون الشعب في ساحات القتال ولا يستشار في إتخاذ القرار؟ والشورى هي الأمر القاطع الملزم للجميع: "وشاورهم في الأمر .. وأمرهم شورى بينهم" والآيات نزلت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في ساحات القتال. فكل الهُدَن السابقة مع الميليشيا المتمردة أفضت الى احتلال المزيد من المناطق من تلقاء الغدر المستقر، وإنفاذاً للأجندة التي تحركها، فما الذي تغيّر الآن لإبرام هدنة لمدة ثلاثة أشهر بدون أيّة ضمانات ولا انسحابات؟!! تجربة المفاوض السوداني في نيفاشا عام 2005م والتي أفضت لفصل الجنوب عام 2011م يجب أن تكون حاضرة في ذهن المفاوضين. وعلى الوفد السوداني أن يتحرك مستندا ومدعوما بالرأي العام السوداني، وليس بالرباعية الجزافية، التي لا تستند قراراتها على أيّة مشروعية دولية أو إقليمية، فليست تمثل الأممالمتحدة، ولا الإتحاد الأفريقي، ولا جامعة الدول العربية، ولا الشعب السوداني، بل تشمل دولا تنتمي عرقيا لوساوس الميليشيا العنصرية، النابذة لأهل دارفور الأصليين، وتُحقِّرهم لأصلهم العرقي، الذي لم يختاروه، وتقتلهم على الهوية اللونية والقبيلة التي ينتمون إليها. فليس في الرباعية من يُمثل مواطني دارفور، من المجموعات غير العربية. لكن الظن الغالب الذي تشكّل قناعة راسخة لدى معظم أهل دارفور، وبعض الظن إثم، أن قادة وداعمي الميليشيا أضحوا يستنصرون عليهم ببني جلدتهم في الإقليم، مدفوعين بمكر وتدابير الحليف الأمريكي الطامع، الذي يسعى للجم التحرك الصيني في أفريقيا، والسيطرة على المعادن في دول الساحل والبحيرات، وفي الكنغو وأنقولا، وخلق دويلات وكيانات قبلية وظيفية تابعة، في شرق ليبيا، وشرق تشاد، والنيجر، ومع عرب دارفور، يستوطن فيها عرب الشتات الصحراوي، لإبعادهم من سواحل وحدود أوربا الجنوبية، ولتكون بمثابة بؤر ومستوطنات قبلية وعائلية، موالية لمشروع الشرق الأوسط الجديد، وإليها يتم تهجير الفلسطينيين المبعدين من غزة ورام الله، بعد مصادقة الكنيست مؤخرا وبالإجماع على ذلك. شعار الرئيس ترمب المعلن: "عدم التوصل لأي إتفاق أفضل من إبرام إتفاق سيئ.." هذه حكمة قاصدة، وقاعدة ذهبية في إدارة المفاوضات، يتعين أن يأخذ بها المفاوض السوداني. فالحكمة ضالة المؤمن. فليأخذ المفاوض السوداني بذلك الشعار ثم يطرح اتفاقه البديل على الوسطاء والكفلاء للتداول حوله للخروج بمقترح أفضل. كذلك يتعين على السودان المطالبة بتوسيع ما يسمى بالرباعية، لتضم دولا فاعلة في الإقليم والمنطقة، مثل تركيا وقطر، اللتين تحظيان باحترام وتقدير شعب السودان، ولهما خبرات واثقة في إبرام اتفاقيات ناجحة ونزيهة من قبل، ومنها اتفاقيات الدوحة وسلام دارفور، لأجل توسيع الحوار. بيد أنه يتعين على الشعب السوداني الإعتماد على الله وحده، وعلى الحق الذي يقاتلون دونه، وعدم الركون للمراوغات الخادعة، المحمولة بالجيواسترتيجيا الدولية، التي لا ترعى استقلالا، ولا وحدة ترابية، ولا تحترم أمة ولا قبيلة. وذلك هو الطريق الوحيد للحفاظ على إستقلال القرار السياسي والسيادة الوطنية للأمة السودانية. ومن لم يَذُد عن حوضه بسلاحه يُهدّم ومن لا يتقِ الشتم يُشتم دكتور حسن عيسى الطالب إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة