استبقت الحكومة إعلان المدعي العام لقائمة جديدة للمتهمين في جرائم حرب بدارفور بتحركات دبلوماسية وسياسية وشعبية لافشال المخطط، وبينما يعقد الرئيس عمر البشير اجتماعاً حاسماً مساء اليوم يضم القوى السياسية بما فيها المعارضة ، تقدم السودان بطلب رسمي الى جامعة الدول العربية يدعو فيه الى عقد اجتماع طارىء على مستوى وزراء الخارجية لبحث الوضع بينه والمحكمة الجنائية الدولية ، في غضون ذلك حذرت الصين من ان الخطوة ستؤدي الى انهيار العملية السلمية بدارفور. وفي تطور لاحق عارضت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة مشروع قرار تقدمت به بكين بوقف اجراء المحكمة الجنائية الدولية بشأن المطالبة باستدعاء مسؤولين حكوميين في وقت حملت فيه الحكومة الدول الثلاث الرافضة المساندة أية تداعيات قد تنجم جراء القرار. وانخرط مبعوث السودان للأمم المتحدة السفير عبدالمحمود عبدالحليم في اجتماعات مكثفة امس مع اعضاء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وذكر عبدالمحمود في حديث ل «الصحافة» بأن كلاً من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وقفت ضد مساعي تقوم بها بكين بمساندة روسيا بإرجاء إجراء المحكمة الدولية . وحمل عبد المحمود الدول الرافضة مسؤولية كل ما من شأنه ان يحدث جراء القرار وتساءل السفير «نعجب كيف للولايات المتحدة ان ترعى عدم عضويتها في نظام روما في وقت أعلنت فيه عن اعتزام المحكمة الدولية لاجرائها» وتابع «لقد بدأت الحلقة تضيق حول الجهة التي تريد تدمير السلام». وفي ذات السياق رجح السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية محجوب فضل عدم إعلان اسم الرئيس في القائمة المنتظرة ورأى في حديث ل «الصحافة» أن الاجراء كله لا يخرج عن كونه بالون إختبار وخطوة لجس النبض وقال إن المساس بالرئيس يعتبر مساساً بسيادة الدولة واستقلالها واجهاضاً للعمل السياسي ومن شأنه أن يهز النظام العالمي أجمع واعتبره منحىً خطيراً وقال إن مجرد التلويح به مرفوض. وفي رده على سؤال حول الاجراء الذي يمكن أن تتخذه الحكومة حيال قرار المحكمة قال إن الموضوع الآن سابق لأوانه لكننا سنتعامل وقتها بحسم وأضاف «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومعاكس له في الاتجاه». واتفقت أحزاب حكومة الوحدة في اجتماع امس مع قيادات من المؤتمر الوطني بمشاركة حزب الامة القومي على تشكيل آلية مشتركة للتعامل مع القضية، وذكرت في بيان مشترك رفضها القاطع لمحاولات اوكامبو في تقديم سودانيين لمحاكمة لاهاي ، وأشاروا الى ان في ذلك استهداف للبلاد وبأنها احدى خطوط التآمر للنيل من الجهود المبذولة للاستقرار السياسي والتحول الديمقراطي بالبلاد وباحلال السلام بدارفور. واعتبر نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون التنظيمية والسياسية الدكتور نافع علي نافع أن محاولات المدعى العام حلقة من حلقات التآمر على البلاد، واستهداف وحدته وامنه واستقراره،واكد خلال لقائه أمس بمقر المؤتمر الوطني بالقوى السياسية والأحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية ، ان مثل هذه الاجراءات لن تسهم في تحقيق الاستقرار في دارفور ولكنها تزيد الزعزعة في الاقليم، وفي ذات الصعيد كشفت مصادر في الجامعة أن مشاورات تجري بين الامانة والدول العربية بشأن طلب رسمي الى جامعة الدول العربية يدعو فيه الى عقد اجتماع طارىء لمجلس الجامعة . وقال مندوب السودان لدى الجامعة العربية السفير عبد المنعم مبروك في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن «السودان تقدم بالطلب إلى الأمانة العامة للجامعة العربية في شأن عقد هذا الاجتماع»، ولم يوضح السفير الهدف من الدعوة إلى الاجتماع، كما لم يحدد أي تاريخ لعقده . من جهته حذر ممثل الصين لدى الاممالمتحدة من احتمال صدور مذكرات توقيف بحق مسؤولين سودانيين كبار بتهمة ارتكاب جرائم بحق الانسانية ، معتبرا ان اجراء مثل هذا «قد يعرض للخطر» عملية السلام الهشة اصلا في دارفور. وجاء تحذير المندوب الصيني وانغ غوانجيا في تصريح صحافي ردا على معلومات حول احتمال قيام مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو بالمطالبة بذلك ، وقال الدبلوماسي الصيني «انا قلق للغاية» مضيفا ان السلام في دارفور يتطلب «تعاون جميع الاطراف» ويستند الى ثلاثة اسس: محادثات السلام بين الخرطوم والمتمردين في دارفور والقوة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي والمساعدة الانسانية للامم المتحدة الى اللاجئين والنازحين ، واضاف ان توجيه الاتهام «يمكن ان يعرض للخطر هذه الاسس الثلاثة». من جهته وجه مجلس السلم والامن في الاتحاد الافريقي أمس «تحذيرا» الى المحكمة الجنائية الدولية من الملاحقات القضائية التي تنوي مباشرتها بحق مسؤولين سودانيين وجاء في بيان صادر عن المجلس الذي عقد اجتماعا مساء الجمعة انه «استمع الى مداخلة لمساعد مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بشأن بعض انشطتها واضاف البيان ان المجلس «جدد تأكيد الاتحاد الافريقي على التزامه مكافحة حالات الافلات من العقاب»،وتابع «وفي الوقت عينه اعرب مجلس السلم والامن عن قناعته العميقة بوجوب مواصلة السعي لتنفيذ العدالة بما لا ينسف او يقوض الجهود الرامية الى ارساء سلام شامل مذكرا بان مجلس الامن الدولي اكد كذلك في قراره الرقم 1593 الصادر في 31 مارس 2005 على ضرورة تعزيز المصالحة من جهته قال مسؤول كبير في الاتحاد الافريقي طالبا عدم الكشف عن هويته ان «موقف مجلس السلم والامن هو تحذير للمحكمة الجنائية الدولية من مخاطر عمل ضد بعض الشخصيات قد يهدد السلام في القارة واضاف ان «الاجتماع تمحور بشكل كبير حول دارفور وحول واقع ان الخطوات القادمة ستكون حازمة لكن المحكمة الجنائية الدولية لم تعط مزيدا من الايضاحات» مؤكدا انها لم تذكر رسمياً أي اسم