رحلة البحث عن اساليب العنف ضد المرأة التي تقود دفتها وحدة مكافحة العنف ضد المرأة التابعة لمجلس الوزراء توقفت هذه المرة على ما يبدو في محطة (زواج الصغيرات) حيث حشدت الوحدة قبل ايام قلائل علماء واطباء وفقهاء لمناقشة قضية تحديد سن الزواج ومراجعة قانون الاحوال الشخصية لاستيعاب هذا الامر. وبالفعل اثارت مسألة تحديد السن الامثل للزواج جدلا واسعا خلال مداولات الورشة التي عقدتها وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل بالتنسيق مع صندوق الاممالمتحدة للسكان والتي ناقشت القضية من ناحية تشريعية وتأصيلية ومن ناحية صحية ايضا. الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري عضو مجمع الفقه الاسلامي تحدث عن هذه المسألة في كثير من النواحي سواء كان في الدين او في العرف او حتى في تجربته الشخصية واللافت فيها تقديم الزواج على الدراسة في الترتيب حيث سبق الزواج التحصيل الاكاديمي وتحصلت عليه زوجته بعد الفراغ من الانجاب وفي حديثه يرى الكاروري أن زواج الصغيرة له اصول في الدين لكنه يشير إلى رؤية فقهاء آخرين اشترطوا الزواج في سن صغيرة بموافقة وإذن ولي الزوجة, وقال إن جمهور العلماء يرى جواز زواج الصغيرات و فقهاء آخرون يرون منع زواج الصغيرة لذلك فقد لخص الكاروري رؤيته في هذه القضية وهو يستطرد ملامح القانون المرتقب الذي سيحسم هذه المسألة بقوله: ( يمكن للقانون ان يقيد زواج الصغار لا ان يمنعه). ويلفت الكاروري إلى أمر آخر يختبئ خلف دعاوى الغرب بتحديد النسل قائلا: إن الغرب يجتهد في اجراءات أن يجعل النسل عند جيرانهم اقل وكذلك تفعل اسرائيل لذلك فالكاروري يرى ضرورة الانتباه لهذا الامر ويحث على الزواج بقوله: (لا مانع في الزواج في وسط الطلاب وفي سن التحصيل الاكاديمي ) ويحذر من مشكلات تصاحب الزواج المتأخر والانجاب في هذه السن. و تتفق د. عائشة الغبشاوي مع الكاروري في ان زواج الصغيرة يرجع الى العرف وترى ان القضية بالفعل تحتاج الى تناول علمي وفقهي وواقعي وترغب الغبشاوي في تحقيق توازن (يتفادى الصغر والعنوسة )في ذات الوقت والاخيره ذكرتها تلميحا لا لفظا قائلة: (اكره هذه الالقاب التي تلحق بالمرأة التي تتأخر في الزواج). د. عائشة ترى ان زواج الصغيرة أمر يرجع الى العرف, وتحدثت عن الممارسات التي تحدث في الغرب في سن صغيرة ووسط ط المدارس (في الغرب تصرف الموانع كما ضروريات الدراسة) وترى ان يجعل امر الزواج في سن صغيرة امرا اختياريا وليس اجباريا فهي ترى انه في حال ابدت الصغيرة رغبة في الزواج ففي هذه الحالة يكون في الزواج المبكر حفظ. إلا أن الحديث عن اتخاذ العفة والاحصان مبررا لتزويج الصغيرات امر تصدى له بعض المشاركين في الورشة , فبعضهم يرى أن الأولى بالزواج ان كان الامر كذلك من تقدمت بهن السن كما ان الواقع ايضا يرصد علاقات غير شرعية لمتزوجات وهو الأمر الذي ذهبت اليه عفاف ميرغني وهي عضوة في المركز النسائي العالمي حيث ترى أن الإحصان أولى لمن فاتهن سن الزواج, كما أن الإحصان نفسه يواجهه الواقع بوجود علاقات غير شرعية وسط المتزوجين. إلا أن الكاروري رد على هذه المسألة بقوله ( إن الزواج مظنة الاحسان ولا يمكن أن تسقط مسألة الإحصان) كما تصدى لذلك أيضا د. عائشة الغبشاوي بالقول ان الزواج مظنة الاحصان الا انها ترى أن ضعف العاطفة عند الرجال قد تقود لمثل ما ذكر. وتحذر الغبشاوي من آراء تقول إن فيها نوعا من الزندقة وتحذر من الأمية الدينية ومن جهل للاحكام الدينية وأن الحديث عن موت الامهات وارتباطه بالسن امر غير مقبول لان الموت آجال, وترى ان مؤسسة الزواج تتعرض لتحديات واصبحت مهددة وتصنف الغبشاوي الطلاق على انه عنف وتقول إن حالات الطلاق التي تمت في المحاكم في العام 2009م بلغت( 27) ألف حالة ناهيك عن الحالات التي تمت خارج المحاكم. قانون الأحوال الشخصية نص فقط على سن الرشد لذلك, فكل الآراء التي تم التداول حولها ركزت على تعديل القانون ومراجعته في هذه وفي مسألة أخرى أثارها مولانا احمد عبدالمجيد قاضي المحكمة العليا الذي اعد بحثا حول الحاق ابن الاغتصاب لابيه يدرسه حاليا مجمع الفقه الاسلامي. د. عبداللطيف عشميق اختصاصي النساء والتوليد تحدث عن الجوانب الصحية في مسألة سن الزواج وأدلى بمعلومات قد تكون حاسمة في مسألة السن قائلا (اقل من سن 15 سنة حتى النمو لا يكتمل ) الحوار حول هذه القضية لا يزال مستمرا وقد اتفقت الوحدة مع الهيئة القضائية التي تنظر في قانون الاحوال الشخصية على الجلوس معها والاستمرار في الحوار واستيعاب رؤية الوحدة ومخرجات التداول الذي تم وقالت د. عطيات مصطفى رئيس وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل بمجلس الوزراء ل(الرأي العام) من اهم الاشياء التي تمت في هذه القضية الاتفاق حول امكانية مناقشة سن التمييز والاجماع على رفض الزواج في سن العاشرة, كما ان الحوار سيتم مع القضائية واختصاصي النساء والتوليد لدراسة هذه القضية واعداد دراسة علمية حول تحديد السن الامام الصادق المهدي سبق ان تحدث في مسألة الزواج المبكر واشار الى الحديث الذي يستند إليه بعض الفقهاء الذين يجوزون الزواج في سن التاسعة بحجة ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة وهي في هذه السن حيث قال المهدي ان زواج السيدة عائشة تم في سن السادسة عشر وليس التاسعة واعتبر زواج الصغيرة والميل له امر سلبي. على كلٍ القضية لا تزال قيد الحوار وربما يتجه القانون في التعديل القادم الى تحديد امثل لسن الزواج من وجهة نظر كل الآراء من ناصية التشريع والتأصيل فضلا عن الجوانب الصحية.