درجت الإدارة الأمريكية منذ ما يقارب الشهر من إطلاق أحاديث ووعود تجاه الخرطوم، يفهم من كنهها بأنها إشارات ايجابية تؤسس لتطبيع العلاقة بين واشنطون والخرطوم، بإبداء واشنطون لحسن النوايا بوعودها تلك ، الا انه وفي أول اختبار حقيقي لحسن النوايا تلك تستشيط الخرطوم غضبا باعتبار ان واشنطون لا تفي بوعودها التى تطلقها ، وتزهد في خير واشنطون. ووعود دان سمث الممثل الخاص للرئيس الأمريكي لإقليم دارفور لوكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان بدعم وثيقة الدوحة ومشاريع التنمية بدارفور التى أعلن عنها قبل فترة ،لن تكون الجزرات الأخيرة الممدودة للخرطوم ، والتي ستستعصم بجبل من الشروط المبذولة من قبل الإدارة الأمريكية والتي هي شروط بلا نهاية تسأل عن المزيد من التنازلات. فالسياسة الأمريكية تجاه الخرطوم لن يكتب لها التغيير الذي ترغب فيه الخرطوم، وواشنطون تبقي على اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وهذا الإبقاء رغم تقليل الخرطوم من شأنه إلا ان ذلك يمنع واشنطون من تقديم اى دعم حقيقي للمشروعات في دارفور او اى إقليم داخل الحدود الجغرافية للسودان ، فقرار الإبقاء على قائمة واشنطون السوداء تلك يحرم الحصول على اى من المساعدات العسكرية الأمريكية وليس هذا وحسب بل يضع قيودا مشددة على حصولها على اى مبيعات للمواد ذات الاستعمالات العسكرية الطابع وليس بعيدا حرمان العراق أيام فرض الحصار الاقتصادي عليها من حصولها على أقلام الكتابة المعروفة بأقلام الرصاص..والأمر الأكثر أهمية ان تلك الوعود لن تجد طريقا للبر بها لان بقاء السودان في تلك القائمة يحرمه من التمتع والحصول على أموال المعونة الأمريكية المخصصة للدول ، ويشمل ذلك المنع الحصول على أي دعم مالي من المنظمات والمؤسسات الدولية الأخرى . الأمر الآخر المرتبط بإمكانية إنفاذ الوعود الطيبة حسن النوايا تلك ، في الشهر الماضي طالب نواب بالكونغرس الأمريكي بعد جمع توقيع (62) نائبا طالبوا إدارة البيت الأبيض والرئيس باراك أوباما بتغيير سياستها الراهنة تجاه الخرطوم ، وحسب المذكرة التى دفع بها هؤلاء النواب ان السياسة الأمريكية الراهنة تجاه الخرطوم قائمة على عمليات الوساطة بالتجزئة وهو أمر مرفوض بالنسبة لهم وبالتالي الدعم الذي سيقدم لوثيقة الدوحة ودارفور يدخل في ثقب تلك الرؤية ، ويرى مقدمو المذكرة ان على الإدارة الأمريكية ان تتبنى سياسة تخاطب جذور المشكلة في السودان وبحل شامل للنزاعات في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وتعزيز الديمقراطية والمساءلة وحماية المدنيين.وبالنسبة لقضية دارفور فليست هناك أية مبادرة أمريكية مباشرة للمساهمة في حل النزاع ، كما ان الورشة التى نظمها معهد السلام بواشنطون لم تشمل أية توصيات حسب ما أفاد به د. التيجاني السيسي رئيس السلطة الإقليمية بدارفور الذي شارك في فعاليات الورشة ، بجانب ان الأطراف الرافضة للدوحة - العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد - لم تشاركا فيها بفاعلية ولم تبذل اى جهود جبارة لإقناعهما بالمشاركة والحضور . وأشار البروفيسور صلاح الدومة - أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية - إلى ان الموقف الأمريكي والسياسة الأمريكية تجاه السودان لم تتغير ، وقال في حديثه ل (الرأي العام) ان الشروط الأمريكية المعلنة ليست ضد صالح السودان فالشروط الأمريكية تطالب بوقف الحرب ومحاربة الفساد وإطلاق الديمقراطية وتنفيذ الاتفاقيات التي وقعت عليها حكومة السودان ، وذهب الدومة إلى ان التصريحات التى تصدر من منسوبي الإدارة الأمريكية هنا وهناك ويفهم من أنها في صالح الخرطوم يجب ان لا تثير حيرة باعتبار ان أمريكا مهما اختلفت مع النظام لا ترغب في زعزعته لتقاطع مصالحها مع الاستقرار السياسي في البلاد . تقرير: أم زين آدم