سلم المجلس العسكري الحاكم في مصر، مقاليد الحكم رسمياً يوم السبت، إلى الرئيس المنتخب الجديد محمد مرسي بمنطقة الهايكستيب العسكرية، بعيد ساعات قليلة من تأديته اليمين أمام المحكمة الدستورية، وبعد الانتهاء من إلقاء خطاب في جامعة القاهرة. وقال المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة أثناء مراسم نقل السلطة: "لقد عايشت مصر أحداثاً كثيرة، منها ما نعاصره الآن بعد أن قال الشعب المصري كلمته في اختيار رئيسه"، مضيفاً أن الجيش انحاز للشعب المصري في ثورته إيماناً بأن الشعب مصدر السلطات. وبحسب المشير طنطاوي، فإن المؤسسة العسكرية تحملت إدارة شؤون البلاد لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وكانت لديها القدرة على مجابهتها، مضيفا: "استطعنا تجنيب الدولة العديد من العقبات التي كانت تحدق بها". وبين المشير بالقول: "نحن أوفينا بوعدنا بتسليم الحكم إلى الرئيس المنتخب، لأننا نعيش حالة من الديمقراطية الحقيقية، وستظل سلامة مصر فوق كل اعتبار، موجهاً حديثه إلى الرئيس مرسي: إن الطريق طويل وصعب ولكننا نملك المقومات التي تؤهلنا لتحدي الصعاب"، وقام بتسليم الرئيس المصري درع القوات المسلحة. وبدوره قال الرئيس المصري الجديد محمد مرسي: "إنني أقدم التحية لجميع رجال القوات المسلحة، مؤكداً أن مصر تعيش يوماً مشهوداً والذي برهن على أن أبناء مصر نسيج واحد وعلى قلب رجل واحد، والعالم بأسره يشهد نموذجاً فريداً لم يشهده من قبل، لأنه يرى كيفية انتقال السلطة من المؤسسة العسكرية إلى سلطة شعبية منتخبة بشكل سلس وهذا النموذج سيحظى بالتدريس فيما بعد". وطمأن مرسي المجلس العسكري بقوله: "لن يمس حق من حقوقكم، وسأبذل كل ما في وسعي لتقديم الدعم الكامل والمتزايد لمؤسسة الجيش، وستلقون مني عناية فائقة لأنكم العيون الساهرة على حماية مقدسات الوطن". كما حث مرسي الجيش على الاستعداد العالي دائماً، وأن ينكبوا على تحسين التدريب لرفع كفاءة القوات المسلحة، وأن لهم الحق أن يطلبوا كل ما يتطلعون إليه، ودعا الجيش أيضاً للمشاركة في ضبط إيقاع الأمن في البلاد، لأنه من الأولويات التي يتطلع إليها المواطن المصري. وأضاف مرسي: "عندما يشعر الناس بالأمان، سينصرفون إلى أعمالهم طواعية، وستشهد مصر منظومة اقتصادية قوية لم تشهدها من قبل، مشيراً إلى أنه سيلبي مطالب رجال الشرطة والجيش لحماية الوطن". ولفت مرسي إلى أن التحية التي قدمت للشهداء في خضم ثورة الخامس والعشرين من يناير من قبل إحدى قيادات الجيش، توجت اليوم للرئيس المنتخب. ألقى الرئيس المصري الجديد محمد مرسي خطاباً في جامعة القاهرة عقب تأديته اليمين أمام المحكمة الدستورية، صرح من خلاله بأن المصريين لا يصدرون الثورة للخارج، وأن مصر لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، كما لا نسمح لأحد بأن يتدخل في شؤوننا الداخلية. وقال مرسي إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أوفى بوعده الذي أخذه على نفسه بالأ يكون بديلاً عن الإرادة الشعبية، وستعود المؤسسات المنتخبة لمزاولة دورها. وطالب في خطابه بعودة الجيش المصري إلى ثكناته ليتفرغ لمهمته السامية في حماية وأمن حدود الوطن، وإني أتقدم لهم بتحية على ما بذلوه من جهد وما تكبدوه من مشاق، مشيداً في الوقت ذاته بالجهود العظيمة للقوات المسلحة، وعناصر الشرطة لدورهم في تأمين صناديق الاقتراع، مشيراً إلى أنه سيبذل قصارى جهده للحفاظ على القوات المسلحة والشرطة والقضاء. ولفت مرسي إلى أنه سينهض بأمن مصر القومي من خلال التعاون مع القوات المسلحه درع الوطن وسيفه. وأضاف "سأحافظ على هذه المؤسسة وسأعلي من شأنها لتكون أقوى مما كانت وسيكون الشعب معها"، موضحاً أن أمن البلاد سيكون أمام نصب عيني بمشاركة رجال الشرطة الذين نذروا أنفسهم لحماية الممتلكات والأفراد. مصر مقبلة على صفحة مضيئة وأكد الرئيس المنتخب، أن مصر طوت صفحة مظلمة من تاريخها وأقبلت على صفحة مضيئة كان نواتها دماء الشهداء والمصابين، مشيداً بقدرة المصريين على تقويم مسار السلطة الظالمة، ليحل محلها سلطة منتخبة بشكل سلمي وحضاري، وسنحافظ على إنجازات الشعب ولن نفرط فيها، لكونها ولدت من رحم المعاناة. وأضاف فرض الشعب المصري إرادته كاملة من خلال انتخابات نزيهة وديمقراطية أتت بمجلس الشعب والشورى، حيث عكست إرادة الشعب، وتمخض عن انتخابات البرلمان تأسيس الجمعية العامة للدستور. وتابع ستشارك كل مكونات المجتمع والخبراء القانونيون في وضعه وكتابته، وسيكون دستوراً مرسخاً للديمقراطية الحديثة المستقلة، وحارساً للحريات العامة والخاصة، يحمي استقلال القضاء، مطلقاً لحرية الفكر والتنظيم والإبداع، وسيعمل هذا الدستور المرتقب على تحقيق العدالة الاجتماعية لكي تلحق مصر بمصاف الدول المتقدمة، يكون فيها الرئيس خادماً للشعب وأجيراً للأمة، وأن الرئيس سيكون راعياً للدستور والقانون. استقلال القضاء وأشار إلى أنه سيحافظ على استقلال القضاء، وأن يكون حكم القانون هو الفيصل، معرباً عن سعادته بدور القضاء في الإشراف على الانتخابات بشقيها البرلماني والرئاسي. وبين أن النهوض بمصر هو مسؤوليتنا جميعاً، لأن مصر في حاجة ماسة إلى تكاتكف الجميع وأن الأمم تحقق نهضتها بالتعاون الناجح وعلى هذا الأساس سنفتح آفاق مؤسسات الدولة أمام جل الأفراد للمساهمة في نهضة الوطن. كما تعهد مرسي بأنه سيرسخ التعاون والمحبة بين أبناء المجتمع المصري وتفعيل حقوق المواطنة. ووجه مرسي رسالة إلى من يتوجس من صعوده إلى السلطة، قائلاً: إن الشعب اختارني لتحقيق مسيرة النهضة من أجل مصر ولن أحيد عنها. عودة الاقتصاد وبين الرئيس الجديد في خطابه، أن مصر في أمس الحاجة إلى إزالة الفوضى في كل المجالات وخاصة في المجال الاقتصادي، وهذه الفوضى زكاها النظام السابق، وسنعمل على تشجيع الاستثمار في كافة القطاعات وعلى استعادة السياحة، وسنرسم مستقبلاً زاهراً لأحفادنا مسلمين ومسيحيين لتعود مصر عزيزة قوية بغية تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. السياسة الخارجية وأفرد مرسي في خطابه مساحة للتطورات الإقليمية الراهنه، بقوله سنعمل بكل جد على تطوير منظومة جامعة الدول العربية، والسوق العربية المشتركة، وأن مصر في عهدها الجديد لن تقبل بأي انتهاك لأمنها القومي العربي، وستقف قوية صلبة في مواجهة الأخطار التي تهدد الأمة العربية. ونوه بأن النظام السابق عرض أمن مصر القومي للخطر وعمل على تقزيم دورها، كما أننا سنعمل على إعادة تشكيل منظومة الأمن القومي المصري، وسنعيد ثقلها الحقيقي في الدوائر والمحافل العربية والدولية، ونحن نبعث برسالة سلام إلى العالم. وشدد على أن مصر ستعمل على مصالح المواطنين في الداخل والخارج، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن مصر بمؤسساتها وشعبها ستقف بجانب الشعب الفلسطيني لنيل كافة حقوقه المشروعة، وسنعمل على إتمام المصالحة بين الفصائل الفسطينية. كما سلط الضوء في خطابه على الأوضاع الراهنة في سوريا، حيث قال إن الشعب المصري يقف بجوار الشعب السوري في محنته، ويجب أن يتوقف نزيف الدم وسنبذل كل جهدنا لوقف إراقة الدماء في سوريا في المستقبل القريب. وفي تطور متصل قال فاروق سلطان، اليوم أدى السيد الرئيس اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية، إعمالاً للمادة 30 من الإعلان الدستوري، والتي تنص على أنه في حال حل مجلس الشعب، يتوجب على رئيس الجمهورية حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية.