آن الأوان لأحزابنا السياسية الحاكمة والمعارضة وللمؤسسات البحثية والجامعات ومنظمات المجتمع المدني أن تتنادي للحوار حول دستور السودان القادم بعد أن أثبتت التجارب السابقة أن أعداد أي دستور لا يتم التراضي حوله سيكون مصيره التغيير وكم من دستور تم إعداده والعمل به ولكنه دائماً ما يصطدم بعدم الاعتراف به من الذين لم يشاركوا في إعداده ونموذج ذلك دستور 1998م الذي رفضته الأحزاب المعارضة لعدم مشاركتها فيه. وحتي الدستور الانتقالي للعام 2005م الذي شاركت عدد من القوي السياسية المعارضة في إجازته عبر المجلس الوطني الانتقالي فإنه مجرد ما اختار الجنوب الانفصال أصبح وكأنه طفل بلا أبوين رغم انه دستور تم الاتفاق حوله بين طرفين احدهما في أقصي اليمين والآخر في أقصي اليسار وكان يفترض أني تراضي عليه الجميع. ولكن لان أحزابنا المعارضة تعودت أن ترفض أي شئ لا تكون صاحبة الدعوة له فقد طرحت فكرة الدستور الدائم والتي دعا لها السيد رئيس الجمهورية قبل أكثر من ثلاثة أشهر ببيت الضيافة شاركت فيها عدد من الأحزاب السياسية إلا أن غياب ثلاثة أحزاب هي الأمة والشيوعي والشعبي قلل من فرص الإجماع. والدعوة للحوار الوطني التي أطلقها النائب الأول لرئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه الثلاثاء الماضي يجب ان تقابل بمزيد من الايجابية لا لأنها جاءت من النائب الأول ولكن لأنها جاءت بعد لقاء جمع النائب الأول بالقيادي بالمؤتمر الشعبي علي الحاج واتفاقهما علي العمل لدفع الحوار الوطني. ومؤكد أن بقاء د. علي الحاج أكثر من عشر سنوات بالخارج مكنه من التأمل وقراءة الأوضاع بعيداً عن الإحن والضغائن كما أن النائب الأول من خلال بقائه في السلطة لأكثر من عشرين عاماً واطلاعه اليومي علي المهددات كل هذا مكنه من النظر الي الأمر بمنظار اكبر. وعلي أحزابنا السياسية ان تتجاوز مرارات الماضي وتتقدم خطوات ايجابية الي مائدة الحوار حتي ندخل النصف الثاني من العقد الحالي وبلادنا أكثر عافية وقدرة علي استدامة الديمقراطية من خلال خوضها للانتخابات القادمة واستعدادها لقبول نتائجها أياً كانت لأن قواعد اللعبة الديمقراطية تقتضي ان تتوافق علي قوانينها ثم تحترم نتائجها. صحيفة الوفاق