في المؤتمر الصحفي الذي عقده النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في 26 مارس 2013 دعا لحوار دستوري جامع للتوافق والتراضي حول مستقبل السودان وكيفية إدارته وحل قضاياه. ودعا للتفاهم مع القوى السياسية المختلفة في الداخل والخارج لتحديد غاياتها ومنهجها وحل مشكلات السودان عبر الحوار ونبذ العنف والممارسة الديمقراطية. والمطلوب من القوى السياسية الجلوس والنظر في كيفية ايجاد إجابات لما هو صالح في أبواب الدستور الحالي، وما هي الأبواب التي تحتاج إلى تعديل. وذكر طه أن الحكومة لن تعزل أحداً في الحوار الوطني، ويمكن لمالك عقار وعبد العزيز الحلو أن يشاركا في الحوار وإعداد الدستور باعتبارهما مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات. وأكد أنهم مستعدون للمضي قدماً نحو كل ما يعزز هذا الحوار والتوافق مع الاحتكام للشعب لتحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة. كان من الممكن أن نصدق مثل هذا الكلام المعسول لولا تجاربنا مع نظام الانقاذ الذي يجتر مثل هذه التصريحات قرابة ربع قرن من الزمان. وكانت المعارضة هي المبادرة بالدعوة للمؤتمر الدستوري الجامع لإخراج الوطن وشعبه من أزمته الخانقة التي قادت في نهاية المطاف إلى انفصال الجنوب . وعندما يقول النائب الأول أن الممارسة الديمقراطية ونبذ العنف والتداول السلمي للسلطة، فهو يردد شعاراً رفعه الحزب الشيوعي منذ عشرات السنين جاء فيه أن الديمقراطية هي مفتاح الحل لأزمة الشعب والوطن. الآن نناقش حديث السيد النائب الأول .كيف يتم حوار دستوري جامع والبلاد تشهد قمعاً وإرهاباً وتحجيماً للرأي الآخر؟ هناك المئات من النساء والرجال معتقلون بسبب أرائهم ومواقفهم السياسية المعارضة للنظام؟ والأحزاب السياسية ممنوعة بقانون أمني من ممارسة حقها السياسي في مخاطبة جماهيرها في الساحات العامة. وعدد من صحف الأحزاب محظورة وصحيفة(الميدان) يأخذ الأمن بليتاتها(plates) من المطبعة وبلغ ذلك أكثر من(110)عدداً من 2 مايو 2012 . وتواجه المظاهرات بعنف وقسوة غير مسبوقة لازال التعذيب الوحشي مستمراً، وماذا يعني طه بأن مالك عقار وعبد العزيز الحلو يمكن أن يشاركا في الحوار وإعداد الدستور كمواطنين وليس كقيادة للحركة الشعبية قطاع الشمال، ويحضرا المناقشة في أديس أبابا بهذه الصفة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم(2046). ويعجب المرء لحديث النائب الأول مناشداً للمواطنين إلى تقديم المعلومات والبيانات لكشف الفساد. رغم أنه قرأ وأستمع لتقارير المراجع العام عن الفساد الموثَّق الذي عرضه للبرلمان والذي بلغ مئات المليارات. ويكفي أن مدير فرع بنك واحد نهب(10) مليار جنيها، كل ذلك يتطلب تفكيك النظام الشمولي نفسه. فالأزمة غير قابلة للتجزئة. لهذا نقول:( إن حديث النائب الأول لم يخرج عن تكرار ما قيل من قبل .أما اذا كان جاداً فيما يقول فليبدأ بإطلاق الحريات الديمقراطية، وتعديل القوانين التي تحجرها ولن نمل تكرار أن الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي مفتاح الحل لأزمة الوطن). ولنا عودة