لا خطوط حمراء في علاقة السودان وتشاد، كل شئ، يمكن حدوثه، فجور في الخصومة لدرجة اعلان الحرب، قد تليها مرحلة حميمة تصل درجة لقاء الرؤساء، وهذه المرة تمت اجتماعات مهمة للجنة الفنية العسكرية المشتركة بين السودان وتشاد بعد قطيعة دامت ستة أشهر تعد الاطول في عمر العلاقات بين البلدين وذلك انفاذا لاتفاق داكار لتطبيع العلاقات بين البلدين، وخرجت توصيات الاجتماع دون ضوضاء ليجيزها اجتماع وزراء مجموعة الاتصال للدول السبع الخاصة بمتابعة تنفيذ اتفاق الطرفين والتي تلتقي للمرة السادسة في العاصمة التشادية انجمينا ويشارك فيها كل من السودان وتشاد واريتريا والجابون والسنغال والكنغو برازفيل. ---------- واعتمدت المجموعة وفق بيان صحفي اصدرته أمس الاول في ختام اجتماعاتها توصيات الخبراء ومشروع ميزانية نشر القوات على الحدود، بقيمة (21) مليون دولار الى جانب تشكيل قوة حماية المراقبين التي التزمت بها الخرطوم وانجمينا وتحديد منسق عام لذلك تحدد صلاحياته في اجتماع آخر للجنة الذي حدد له يناير القادم بالخرطوم، وبعد نقاشات استمرت عدة ساعات أجازت المجموعة توصيات اللجنة الفنية العسكرية بكاملها، وقيل وفق تقارير صحافية ان الاجتماع تجاهل مقترحا دفعت به السنغال يدعو لتعيين مراقبين سياسيين في نقاط الحدود بجانب المراقبين العسكريين، ولقد اثار هذا الطلب كثيراً من الجدل داخل اجتماعات المجموعة، لكن وفق آراء مراقبين يأتي رفض المقترح لرغبة دول المجموعة في التركيز أكثر على نشر القوات وتسيير أعمال اللجنة العسكرية بمعزل من تأثيرات جانبية اخرى. ويبدأ نشر قوات المراقبة وفقا للتوصيات خلال شهر يناير من العام القادم ،ويسبق هذه العملية نشر قوات الحماية البالغ عددها «2000» جندي مناصفة بين السودان وتشاد علي ان تدار نقاط المراقبة العشر على الحدود بضباط من دول مجموعة الاتصال التي حددت مدة عملهم بعام واحد فقط غير قابل للتجديد الا بموافقة دول السودان، تشاد وليبيا، ويؤكد مراقبون لصيقون بملف العلاقات السودانية التشادية أهمية تعزيز نقاط المراقبة واحترام مهمتها لانجاح عملها. ولم تنس لجنة الاتصال ضمانات انفاذ توصيات اللجنة العسكرية وذلك بتسهيل مهمة تدفق الدعم المادي لنشر القوات، حيث اوصت بتشكيل غرفة عمليات مشتركة من دول المجموعة يكون مقرها الدائم في ليبيا توكل لها مهمة تقدير وشراء احتياجات المراقبين حيث تم تحديد نهاية ديسمبر المقبل موعداً لاستكمال الاجراءات المطلوبة لتشكيل الفرقة المشتركة التي تزور الحدود بين البلدين في منتصف يناير القادم، على ان تلتزم الغرفة الدقة المتناهية والمواصفات الخاصة بالمعدات المطلوبة، وحسب التوصيات فالجماهيرية الليبية هي التي تعين رئيس الفرقة الرئيسية، فيما تتكون غرفتان فرعيتان للعملية مقرهما الجنينة وابشي من ضباط برتب عقيد ومقدم. ولعل اهم التوصيات التي تحدد مدى نجاح العملية تتمثل في الزام دول مجموعة الاتصال بتسديد (50% ) من قيمة تمويل مشروع نشر القوات في مقر اللجنة المشتركة بالجماهيرية الليبية قبل نهاية الشهر المقبل على ان تستكمل المجموعة البقية من مشروع الميزانية المعتمدة قبل شهر يونيو من العام القادم. ورغم ان الاتفاق اصلا تم بين البلدين بجهود افريقية واقليمية بحتة الا ان المجتمع الدولي والقوى الكبرى كانت شاهدة على الاتفاق حيث شارك ممثلون للاتحاد الافريقي والامم المتحدة وامريكا وفرنسا وكندا في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات مجموعة الاتصال بالعاصمة التشادية انجمينا. الدكتور ابراهيم ميرغني استاذ العلوم السياسية وصف ما اتفق عليه الطرفان بانجمينا بالخطوة المتقدمة، وقال ل «الرأي العام» انها تختلف عن الخطوات السابقة بين الطرفين، واشار الى ان الوساطة نفسها تعدت الدولة الواحدة ليبيا لتكون عدة دول، واضاف هناك حديث عن تمويل وخطوات اكثر ايجابية، الا انه قال انه اذا لم تحسم قضايا المعارضة في البلدين فلن تستقر الاوضاع في المنطقة عموماً او يحدث تصالح حقيقي بين النظامين في البلدين. ورغم الضغوط التي مارستها اطراف عديدة على الطرفين حسب مراقبين فإن العلاقات السودانية التشادية ستكون مفتاحاً لحل الأزمة الامنية في المنطقة، اذا ما رغب الطرفان في ذلك ولم يلجأ أي منهما لضرب الآخر من الخلف. تبقى ان الوساطة بعد ان يئست من حل اقليمي لازمة دارفور فطنت اخيرا الى اهمية نشر القوات ومراقبة الحدود بين السودان وتشاد، فالحد من نشاط المعارضة سيكون المقابل المطلوب لعودة وتطبيع العلاقات بين البلدين، حيث لا يطمع أحد الآن في ان تتجاوز العلائق أكثر من ذلك.