أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى تؤتي مبادرة رئيس الجمهورية أكلها
نشر في النيلين يوم 01 - 09 - 2013

لا يشك أحد في مصداقية رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير، فلم يعهد الناس عليه كذبا ولاخداعا، ولايشكون كذلك في عزمه وعزيمته ،ولهذا عندما أعلن عن مبادرة لحلحلة مشكلات السودان وفي مقدمتها المشكل السياسي وإصلاح نظام الحكم وتوسيع قاعدة المشاركة نظر الناس جميعا للموضوع نظرة جادة، وانتظروا خيراً كثيراً يأتي منه، يعود نفعه على السودان والسودانيين جميعا، وصار البعض يتصور مظان هذا الاصلاح ويتحدث عنها وكثرت الأحاديث والأقوال في هذا الشأن رغم أن ما يرشح من رئاسة الجمهورية تفسير وشرح خطوات الاصلاح يظل ضنيناً.
تحدثت مصادر كثيرة وسعى البعض لأن يكون مدخل الاصلاح بإصلاح ذات البين بين المؤتمرين المتفارقين الوطني والشعبي، وتبع ذلك تكهنات بلقاء يجمع رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني المشير عمر البشير مع الأمين العام للؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي، وتبع ذلك حديث عن أجندة اللقاء وشروط التقارب وغيرها ، ثم أعلنت خطوة أخرى في مسار الاصلاح بلقاءات تجمع الرئيس مع زعماء المعارضة كلهم يلتقيهم فرادي.
وبدأ ذلك بلقاء جمع بين الرئيس البشير ورئيس حزب الأمة السيد الصادق المهدي أعلن بعده الرجلان أنهما اتفقا على قومية القضايا الكبيرة وقومية المشاركة في حلها، ورشحت أخبار تبشر بقرب دخول حزب الأمة بقيادة السيد الصادق المهدي في شراكة مع المؤتمر الوطني في الحكومة الا أن السيد الصادق المهدي قطع في خطبة الجمعة الأخيرة بعدم المشاركة، وأكد أنهم ماضون في حشد التوقيعات لتحرير شهادة وفاة ورحيل النظام الحاكم بقيادة الرئيس البشير وحزبه المؤتمر الوطني.
وفي تقديري إن المسارات والطرق التي تنساب فيها مساعي حل المشكل السوداني لاتوصل إلى نتيجة ايجابية وأن أكثر ما يُقال في هذا الشأن إن لم يكن كله- تغريد خارج السرب و«عرضة خارج الحلبة». ويصدق عليه وصف المثل السوداني:«الخير مصوبر في محل.. والخيل تجقلب في محل».. ومساعي السيد رئيس الجمهورية ومبادرته للاصلاح السياسي لن تأتي بمردود ايجابي إن لم تبدأ بالبيت ، بالاصلاح الداخلي في الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني ،وقديما قالوا« فاقد الشيء لا يعطيه» وأرى أن كثيرا من مشكلات السودان سببها يعود إلى ضعف البناء الداخلي لحركتنا الاسلامية وحزبنا المؤتمر الوطني،وبالتالي حكومتنا التي أصابها العجز بسبب هذا الضعف، وضعف الذين يشاركون معنا من الأحزاب المتوالية وغير المتوالية التي صارت كلاً على الحكومة والحزب، أينما وُجهت لا تأتي بخير.
وضعف الحركة الاسلامية لا أعني به ضعف التمكين، ولكنه ضعف البناء، وضعف المنهج والخطط والسياسات والرؤي وضعف الأشخاص الذين يقومون على ذلك، فالحركة الاسلامية بدأ أضعافها وتهميشها منذ عهد الانقاذ الأول عندما جمع الأمين العام الدكتور حسن الترابي أنداده ،ومنح كل منهم مصحفا ومصلاة.. في إشارة إلى التقاعد والتهميش، ثم وضع القرار في أيدي مجموعة محدودة تُسيّر الأمور كيفما تشاء دون مرجعية شورية واضحة، فصار التنظيم قناعا يرتديه كل متعد يصدر به القرارات والتوجيهات ويقدم به من يقدم، ويؤخر به من يؤخر، ويفعل ما يريد دون أن يسأله أحد، وحتى لو حدثت مساءلة فإنها لاتستند الى مرجعية شورية واضحة.
ولما حدثت المفاصلة المشهورة وانقسم الاسلاميون في المؤتمر إلى حزبين وطني حاكم ،وشعبي معارض، تبني الحاكمون بناء كيان خاص للحركة الاسلامية يواجهون به تكاثف القيادات التاريخية للحركة الاسلامية مع الدكتور الترابي في المؤتمر الشعبي، وبرغم أن هذا الكيان أدى الدور المطلوب منه بنجاح كبير وحافظ على مرجعية الحكم للحركة الاسلامية، لكنها ظلت مرجعية نظرية صورية ذلك أن الكيان أصبح وكأنه أحد أجهزة الحكومة أو المؤتمر الوطني، وكان لوجود علي عثمان في قيادة الحركة الاسلامية في بنائها الجديد دور ايجابي في تفعليها وفي منحها البعد القيادي، وذلك لشخصية علي عثمان ورمزيته القيادية في الحركة الاسلامية، وهي رمزية لم تتوفر في أحد غيره بعد الدكتور الترابي، الا أن الصراع ابعده عن هذا الموقع ،وقد يقول البعض إنه اختار الابتعاد، وهذا صحيح شكلاً.. فعلي عثمان لايدخل في معارك صغيرة وانصرافية، ولكن مؤامرة الابعاد بدأت منذ كتابة مسودة دستور الحركة الاسلامية التي نصت على ألا يتجاوز أجل الامين العام في المنصب دورتين، وبرغم أن هذا النص لا يطبق بأثر رجعي استنادا على القاعدة القانونية التي تقطع بعدم رجعية القوانين،وأن الآجال التي تحددت للمواقع في الأجهزة لايستطيعون الالتزام بها، الا أن حكمة علي عثمان جعلته يبادر ويعتزل ويقطع عليهم الطريق فتاهوا في الأرض، وازدادوا تيهاً عندما علموا أن قاعدة الحركة الاسلامية لاتناصرهم ولاتقبل بهم، والأخ الزبير أحمد حسن الذي جاء أمينا عاما للحركة كان خيارا توافقيا، والزبير تعاصرنا معه في الدراسة، هو في جامعة الخرطوم ونحن في الجامعات المصرية، وكان يجمع بيننا العمل الصيفي في العطلات، ومنذ أن كان طالبا عرفناه ورعا وصادقا، وكان ولايزال رجلا قرانيا، ملتزما في كل شئ ،ولكنه لا يمتلك الرمزية القيادية التي تؤهله لقيادة الحركة الاسلامية ،ولذلك فقدت الحركة معناها، ومغزاها، ولم تعد كيانا فاعلا.
أما بالنسبة للمؤتمر الوطني، فهو قد تحول من حزب حاكم إلى حزب حكومة، وصار أمناؤه أقرب إلى الموظفين منهم إلى قادة سياسيين، وانعزلوا بالحزب ليس عن الشعب السوداني عامة، ولكن انعزلوا به حتى عن القواعد الحزبية التي لم تعد هناك ارضية مشتركة بينها وبين قيادة الحزب ولم يعد للحزب وجودا في القطاعات والقواعد الشعبية ولم يعد له أي نشاط على كافة المستويات القاعدية، وهذا لايمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حال حزب حاكم وقائد ورائد.. ونقطة البداية المطلوبة من السيد رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الحاكم أن يبدأ بالبيت الحركة الاسلامية والمؤتمرالوطني، وليبدأ ذلك بحوار مفتوح مع القواعد ويبدأ وينطق من هناك من القواعد ويتبعه إعادة بناء ولايخفي علي أحد الحراك الذي يجري الآن في قواعد المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية ويحاول البعض تجييره إلى مصالحه الخاصة، أو لتحقيق أجندة غير أجندة أصحاب هذا الحوار وكثيرون ممن يزعمون الاصلاح ماهم إلا ساعين لاستغلال الاجواء العامة بما في ذلك الذين حاولوا تنظيم أنفسهم مثل مجموعة«السائحون» فهؤلاء لهم نزعات إصلاحية، لكنهم مثلهم مثل الكيانات القائمة لايمثلون القواعد خير تمثيل، ولايجوز لهم الحديث باسمها، وغيرهم كثر يدعون ذلك ولا سبيل لقطع الطريق أمام كل هذه الادعاءات الصادقة وغير الصادقة الا بإدارة حوار جاد وصادق وشفاف وبدون وسائط ووسطاء، يعم كافة مكونات الحركة والحزب، ويتبعه إعادة هيكلة وبناء واختيار قيادات جدد يمثلون المرحلة، يصعدون من القواعد ويمثلونها، ويكونوا قادرين على تلبية أشواق المنتمين إلى هذا التيار. أما أن يحصر البعض حل أزمة الحزب والحركة في حوار فوقي من قيادات المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي لإعادة التئام الحزبين المتفارقين، فهذا وهم كبير، ولايقود إلى أي نتائج، ولن يكون له أي مردود ايجابي لا على الجماعة ولا الحكومة ولا الوطن وهو مضيعة للزمن، واهدار للجهد.
والأضعف من هذا الحوار مع القوي الحزبية المعارضة باعتباره يمكن أن يكون فيه حل لأزمة الحكم في البلاد، ورغم تقديرنا لهذه الأحزاب وقياداتها التاريخية ولأهمية استصحاب رأيها في البحث عن حلول لأزمة الحكم في السودان لكنها تمثل جانبا كبيرا في هذه الأزمة وهي أحزاب تحجرت تماما ولانزال تعتقد إنها قادرة على فعل كل شئ ،وتعيش على اوهام أوزانها السابقة، وكأنما التاريخ قد توقفت عجلة دورانه، ولو اكتفينا من هذه الأحزاب بمثالين هما الأكبر والأعرق.. وأعني حزب الأمة القومي الذي يقوده السيد الصادق المهدي والحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يتزعمه السيد محمد عثمان الميرغني فإن هذين الحزبين فضلا عن الشيخوخة التي ضربتهما فإنهما فقدا أكثر قياداتهما الفاعلة بالوفاة أو الانشقاق أو السعي نحو المؤتمر الوطني أو موالاته ولم تعد لهما قيمة الا في قيمة رمزيهما السيدين: الإمام الصادق المهدي ومولانا السيد محمد عثمان الميرغني لما يحظيان به من تقدير وإجلال من أهل السودان كلهم حتى الذين يختلفون معهم سياسيا.. والأسوا موقفاً من هذه الأحزاب الذين انشقوا عنها وتوالوا مع المؤتمر الوطني وصاروا يشاركون في الحكم باسماء مبتسرة لاتمثل مسمايتها، فالذين يحملون أسماءأحزاب الأمة المختلفة ويشاركون بها في الحكومة كلهم لايساوون شيئا بالنسبة للحزب الكبير الذي يقوده الامام رغم علاته وأدوائه . والقول ينطبق أيضا على الاتحاديين المتوالين ويكفي دلالة على ذلك قبولهم اختصاص الحزب الذي يقوده مولانا باسم«الأصل»..
ومع ذلك فإن هذه الأحزاب المتوالية صارت تشكل عبئا على الحكومة وعلى المؤتمر الوطني وصارت كلا عليهما حيثما وجههما لا تأتي بخير.. وصارت تسد الطريق أمام مشاركات حقيقية شعبية يمكن أن تمثل قواعد مجتمعية فاعلة وقادرة.
والأسوأ من هؤلاء الذين يشاركون باسم السلام، من بقايا الحركة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ومن حركات دارفور المسلحة، فهؤلاء لايمثلون الحركات ولا يمثلون أهل المصلحة وبعضهم صار جزءا من أزمة المناطق التي يدعون تمثيلها ،ومنهم من يعقدون الحلول ويأزمونها؛ لأنهم يعرقلون مساعي التصالح مع الذين لايزالون يحملون السلاح بحجج واهية لو طبقت عليهم لما استوعبتهم الحكومة ولما قبل بهم أحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.