أعلنت روسيا في ختام زيارة مبعوث الرئيس الخاص للسودان ميخائيل مارغيلوف أنها ترتب لعقد مؤتمر شامل لدارفور يضم كل الأطراف المؤثرة وذات الصلة بملف دارفور في كل جوانبه السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والإنسانية، والاقتصادية. المؤتمر الذي تحدد له نهاية سبتمبر المقبل موعداً للإنعقاد بموسكو يؤكد أن روسيا بتعيينها مبعوثاً خاصاً وتحديدها لعقد مؤتمر جامع قد دخلت بقوة كلاعب مهم ومحايد في الملف الدارفوري. ومعروف أن روسيا كانت مشغولة بمشاكلها الداخلية المتمثلة بسقوط الاتحاد السوفيتي وما صاحبه من تفكك وانقسام في الدول التابعة له. الآن روسيا بحسب مراقبين استعادت موقعها في الخارطة الدولية كدولة محورية في النظام العالمي الجديد، كما أن دخول روسيا كوسيط محايد في أزمة دارفور بجانب قضايا دولية وإقليمية أخرى يعيد للساحة الدولية التوازن المطلوب بدلاً من ان تنساق الأمور وفق إملاءات من قوة آحادية الجانب، ودخول موسكو أيضاً بشكل قوي يعضد النظرية الصينية القائمة على ضرورة تمدد الأقطاب على الساحة الدولية حتى لا تنجرف القضايا الدولية باتجاه قوى آحادية مهيمنة تسير الأمور والمواقف وفق ما ترى وتريد، ومعروف أن الخرطوموموسكو تربطهما علاقات قديمة تقوم على التعاون والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشأن الداخلي، هذه المباديء الروسية في علاقاتها مع السودان جعل إعلانها لتعيين مبعوث خاص للسودان يجد الترحيب والإشادة من القيادات والمسؤولين في الدولة كافة، ومارغيلوف الذي قضى اسبوعاً في السودان التقى خلاله بعدد كبير من المسؤولين ذوي الصلة بملف دارفور، واختتم الزيارة بلقاء طويل مع رئيس الجمهورية بعد أن أنهى جولة ميدانية لدارفور وجنوب السودان أعلن أن بلاده ترتب لعقد مؤتمر شامل يدرس قضية دارفور في كل جوانبها ويتم من خلاله وضع الاستراتيجيات والخطط التي تمكن من إعادة التنمية لدارفور باعتبارها المشكل الأساسي لتفجير الأزمة. وعلى الرغم من أن الاستاذ عثمان خالد مضوي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني أعلن ل«الرأي العام» بأن مقترح انعقاد المؤتمر تقدم به السودان لحيثيات أجملها في الحيادية والصدق الروسيين تجاه التعاطي مع الملف السوداني، إلا أن الاستجابة الروسية السريعة وإعلانها لقيام مؤتمر يبحث كل الجوانب ولا يستثني أحداً يؤكد ان موسكو لمست بأن هناك أطرافاً دولية من مصلحتها ان تظل القضية هكذا من خلال محاباة طرف دون الآخر والسعي لإعمال مبدأ ازدواجية المعايير، مارغيلوف قال إن المؤتمر سيكون فرصة لتنسيق كل الجهود الرامية لحل أزمة دارفور وصولاً لحلول نهائية تعيد الاستقرار والأمن لدارفور بجانب العمل على إعادة التنمية والإعمار في المنطقة، وقال إن بلاده ستساند وتقف الى جانب السودان في المحافل الدولية. واستبشر وزير الدولة بالخارجية علي كرتي خيراً بدخول روسيا على الخط في قضية دارفور من خلال تعيينها لمبعوث واستضافتها لمؤتمر دولي جامع، وقال إن كل المبعوثين السابقين من الدول الغربية يأتون لتقصي الحقائق وفرض الأجندة والرؤى، الاستاذ عثمان خالد مضوي قال إن كل المؤتمرات الخاصة بدارفور التي عقدت في عدة عواصم ومدن غربية كانت غير محايدة وتستمع الى وجهة نظر واحدة، ولم تمنح الطرف الآخر الفرصة لإبداء وجهة نظره. وقال إن إختيار موسكو تم بناء على أنها دولة محايدة، وأضاف أن كل الأطراف الدولية ستكون حاضرة وأن المباحثات والنقاشات ستكون في أجواء هادئة بعيدة عن الضوضاء والأجهزة الإعلامية، أما السفير علي يوسف مدير إدارة المراسم بوزارة الخارجية قال ل«الرأي العام» إن مؤتمر موسكو سيكون مكملاً للجهود الاخرى المبذولة ولن يتعارض مع أي جهد أو مسعى طالما أن الهدف الأساسي هو إيجاد حل سلمي وجذري لقضية دارفور، وقال إن المطلوب من الخارجية هو التنسيق والتوظيف لكل تلك الجهود وصولاً لحل يحافظ على وحدة واستقرار السودان، ويرى يوسف أن روسيا استعادت وضعها على الخارطة الدولية كدولة محورية، وأن وجودها يعد ضرورة لعودة التوازن الدولي المطلوب، وقال إن تحقيق الحل السلمي في دارفور يحتاج لكل الأطراف الدولية المحبة للسلام. ومعروف أن قضية دارفور السبب الأساسي فيها ضعف التنمية وهذا يحتاج لجهد المجتمع الدولي في توفير معينات السلام التنموية لتكون جنباً الى جنب مع تحقيق السلام بعد توصل الاطراف لإتفاق نهائي لحل الأزمة، ويرى يوسف ان الرؤية أصبحت اكثر وضوحاً لموسكو بعد وقوف مارغيلوف ميدانياً على الوضع في دارفور، وهذا يجعل دورها المسنود بالحيادية أكثر أهمية خلال الفترة المقبلة، إذًا، عودة التوازن الدولي لقضية دارفور بدخول روسيا على الخط بجانب الصين يجعل الآمال معقودة على ما ستسفر عنه التحركات التنسيقية للدولتين داخل المؤسسة الدولية لإجهاض تحركات الجنائية، والنتائج الإيجابية المرتقبة لمؤتمر موسكو الجامع لوضع حد نهائي لمشكلة دارفور وللمزايدات الكيدية التي يسعى لها البعض للنيل من وحدة وسيادة السودان.