تسارعت خطى التحركات السياسية على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي لجهة خلق أرضية صلبة تنطلق على إثرها جولة المفاوضات المرتقبة بالدوحة بين الحكومة وحركات دارفور نهاية الشهر الجاري، والمتوقع لها ان تكون الأخيرة في مسار التسوية السياسية لقضية دارفور. ---- وفي إطار هذا الحراك انطلقت أمس الأول فعاليات أعمال الندوة العلمية التطبيقية التي دعت لها ونظمتها موسكو تحت إشراف مباشر من ميخائيل مارغيلوف المبعوث الروسي للسلام في السودان وتأتي إنطلاقة الندوة كخطوة عملية لفتح باب الحوار بين الفرقاء السودانيين من أجل إيجاد حلول لكل قضايا السودان وعلى رأسها قضية دارفور، وحظيت الندوة بحضور دولي كبير شمل الأطراف الدولية والإقليمية كافة ذات الصلة بملف السودان. وعلى رأس تلك الجهات كل المبعوثين الدوليين للسلام في السودان من الولاياتالمتحدةالأمريكية، والصين، وفرنسا، وهولندا، وفنلندا، وكندا، وبريطانيا، بجانب الوسيط المشترك جبريل باسولي إلى جانب ممثل الجامعة العربية والأمم المتحدة ممثلة في بعثتها في السودان اليوناميس واليوناميد والإهتمام الروسي بعقدالندوة التي أعلن عنها قبل عام بواسطة المبعوث جاء اهتماماً منها بضرورة تحقيق تسوية سياسية في السودان مبنية على استقلالية ووحدة أراضيه، وظهر ذلك من خلال الخطاب الذي قدمه الكسندر سلطانوف وزير الدولة بالخارجية الروسية في فاتحة أعمال الندوة التي عبر فيها عن أمل بلاده في أن يسهم المحفل في دعم الجهود التي تبذلها عدة أطراف لتحقيق السلام في السودان، ودعا الى أهمية تطبيع العلاقات بين السودان وتشاد وتثبيت التعاون بين السودان والأمم المتحدة والجامعة العربية من أجل دعم التفاوض. الندوة وبحسب مراقبين لم يشهد لها مثيل إذ لم يسبق ان اخضعت كل قضايا السودان للمناقشة بهذا المستوى، وشددت على طرفي نيفاشا بضرورة تنفيذ إتفاق السلام الشامل، وتعول روسيا بحسب المراقبين على جولة التفاوض المقبلة في الدوحة بأن تكون النهائية من أجل إىجاد تسوية لمشكلة دارفور، وأبدى المبعوث الروسي ميخائيل مارغيلوف اهتماماً بعقد الندوة لخشيته من ظهور دولة جديدة، كما قال على خارطة العالم مشابهة للصومال، وقال إن روسيا ستقوم بدور الوسيط النزيه في السودان لأنها ليست لها مصالح اقتصادية فيه وليس لها ماضٍ استعماري، وقال إن روسيا تقف موقفاً محايداً، وتؤيد كل المبادرات السلمية مع الشركاء الدوليين، وزاد بالقول إن مساعدة روسيا للدول الافريقية تنبع من موقف سياسي واع. السودان ممثلاً في رئيس الوفد د. غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية عبر عن أمله في الجلسة الافتتاحية في أن تسفر الندوة عن طرح توصيات للخروج من الأزمات القائمة في السودان ويرى ان اللقاء استكشافي لتشخيص المشاكل في بعض مناطق السودان واقتراح الحلول. وقال ان الحكومة ملتزمة بكل الاتفاقيات وان الاصل في سلطات الحكومة هو انتهاج مبدأ التفاوض المبني على اسس محددة. وابلغ المجتمعين ان ما تبقى من انفاذ اتفاقية السلام الشامل ينحصر فقط في قضيتي الاستفتاء والانتخابات التي يجري حالياً العمل على حل الخلافات المتعلقة بهما بواسطة الشريكين، وابدى تخوفه من ما اسماهم بتجار الحرب في دارفور، وطالب المجتمع الدولي بممارسة الضغط على الحركات المسلحة لرفضها الجلوس على طاولة المفاوضات مذكراً المجتمع الدولي بانه شريك اساسي في دارفور وطالبه بالايفاء بالالتزامات التي قطعها في وقت سابق وحرص الوفد الكبير الذي رافق مستشار رئيس الجمهورية الذي ضم د. قطبي المهدي، ود. مطرف صديق وكيل الخارجية، ود. لام اكول القيادي الجنوبي البارز ، عثمان خالد مضوي، د.محجوب هارون عثمان كبر والي شمال دارفور على توضيح وجهة نظره حول قضايا السودان وكيفية حلها وكما اوضح سفير السودان المعتمد بموسكو سراج الدين حامد فإن الندوة توزعت الى ثلاث حلقات لتشخيص قضايا السودان الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وقضية دارفور للخروج بتوصيات تحدد اطراً لحلول المشكلات. لكن بعض المراقبين ابدى تخوفه من ان يضفي قيام مثل هكذا ندوات مزيداً من التدويل لقضايا السودان في الخارج خاصة وان بعض تلك الدول تسعى من وراء قيام تلك المؤامرات لاتخاذها معبراً لتحقيق مصالحها الخاصة مع شركائها الدوليين ويمضي في ذات الإتجاه السفير عبد الوهاب الصاوي بالادارة السياسية لرئاسة الجمهورية رغم تأكيده ان دخول روسيا بثقلها ووزنها كقوة دولية يعد خطوة ايجابية خاصة وان روسيا تعد من الدول الكبرى التي لها تأثير كبير ولكنه ابدى تخوفه في ان يكون الهدف الاساسي لمثل هذه التجمعات تحت ستار قضايا السودان فرصة لمناقشة قضايا علاقات ومصالح الدول الكبرى مع بعضها عبر مشاكل السودان ويرى ان الدول التي ترغب في مساعدة السودان على حل مشاكله عليها العمل على مساعدة الفرقاء السودانيين على الإلتقاء خاصة وان مشاكل السودان يتم حلها بين السودانيين أنفسهم وأعرب عن أمله في أن يسهم المنتدى في دفع الفصائل المتخندقة في مواقعها الى طاولة المفاوضات واستبعد مراقبون ان تكون الندوة منبراً جديداً بديلاً للدوحة ويرون ان الندوة تمثل تظاهرة سياسية الغرض منها استعراض وتشخيص مشاكل السودان وعزز هذا الاتجاه الناطق الرسمي باسم الخارجية معاوية عثمان خالد حيث أكد في تصريح له امس ان موقف الحكومة واضح وهو لا بديل لمنبر الدوحة وقال إن ندوة موسكو تطرح رؤية موضوعية منهجية أقرب للطرح السياسي واضاف ان الاطراف طرحت موضوعات للمساعدة في الاستقرار والتنمية وهي تعد معبراً لاطراف التفاوض لانها تظهر في القضايا بشكل أعمق ومعالجة القضايا فيها ويرى أن الأرضية جاهزة لكي تكون جولة الدوحة المقبلة الاخيرة ومن يعزل نفسه عن الدخول فيها يكون عزل نفسه عن الدخول في الترتيبات السياسة ويمكن القول حسب رئيس الوفد د. غازي صلاح الدين إن الندوة كان المتوقع ان يصدر في ختامها بياناً من المبعوثين اليوم كانت فرصة لاستعراض وجهات النظر للأطراف الدولية ويرى انها وجدت اهتماماً كبيراً من روسيا يدل على ان روسيا بدأت تعود لمناطق نفوذها في المنطقة بقوة. وكانت روسيا الوريث الرئيسي للاتحاد السوفيتي بعيدة عن قضايا القارة عموماً والسودان خصوصاً وظلت تراقب التمدد الصيني ومحاولات امريكا لاقصاء اي قوة كبرى. ويرى مراقبون أن روسيا بعد أن رتبت أوضاعها في القوقاز ودخلت في تفاهمات مع إدارة اوباما المرنة دولياً بدأت ترنو وتحن إلى مناطق نشاطها السابق في مستنقعات القرن الماضي.