قبل أن يُمسك ملفات وقضايا الحزب الشائكة والمعقدة.. والمؤجلة.. وقبل أن يجلس على كرسي موقعه التنظيمي الخطير بالمركز العام لحزب المؤتمر الوطني.. قبل كل هذا وجد البروفيسير إبراهيم غندور نفسه وسط ((زحمة)) برامج ومناشط تنفيذية لا تكاد تتوقف.. ودخل في ((دوامة)) سفر وترحال فرضها واقع التفاوض الشائك حول قضايا المنطقتين بجنوب كردفان والنيل الأزرق.. هذا النشاط الدافق.. وهذه الحركة الموَّارة أكسبت الجهاز التنفيذي وجهًا جديدًا في العمل العام واللقاءات الجماهيرية المفتوحة التي كان غندور وسيبقى أحد نجومها البارزين.. مقابل هذه المكاسب التنفيذية تبرز مخاوف تنظيمية أخرى داخل المؤتمر الوطني بالمركز والولايات تتطلب حضورًا عاجلاً وتفرغًا كاملاً من بروف غندور لمواجهتها قبل فوات الأوان.. لم يجد بروف غندور وقتًا حتى الآن لجولة هادئة.. وعميقة داخل دهاليز ودواليب الحزب بالولايات.. فالنيل الأبيض ليست وحدها التي تعاني اختلالاً تنظيميًا في كابينة القيادة هناك أضعف المؤسسات وأفرز قدرًا من السيولة واللامبالاة في إدارة شأن الحزب.. ولايات أخرى كثيرة تعيش هذا الواقع المُر لا نستثني منها إلا ولاية الخرطوم التي يدير الحزب فيها كادرٌ تنظيمي بقامة وقدرات ووعي الأخ كامل مصطفى الذي يُشرف بنفسه وبتفرُّغ شبه كامل لإعادة ترتيب سجل عضوية الحزب التي تشهد وتعيش في ولايات أخرى ((خروقات)) بيِّنة وواضحة في تسجيل العضوية حيث بدأت منذ فترة عملية الفرز والتجبير لتصعيد أسماء بعينها في المرحلة القادمة.. يحدث هذا في ظل غياب شبه كامل للقيادة المؤسسية للحزب وغياب حاكمية التنظيم التي فتحت الباب واسعًا لمزاجية الرجل الأول في تحويل وتعديل وتوظيف الكوادر.. بل والتقرير بشأن فصلها أو إبعادها من الأجهزة!! ملف شائك ننتظر من بروف غندور وخبرات الحزب القانونية سرعة معالجته والفراغ منه بأعجل ماتيسر.. نعني بهذا النظام الأساسي للحزب والذي يحتاج لإعادة نظر ليضع حدًا لكيفية اختيار القيادات وتكوين الأجهزة علي المستوى القاعدي والقيادي.. الواقع الحالي يتيح مساحة كبيرة ((للطبخ واللت والعجن)) استنادًا إلى لوائح لم يتم ضبط إيقاعها القانوني منذ مدة.. ولم يجد المهتمون والمختصون وقتًا لضبط الصورة الذهنية المشوشة لكيفية تكوين الأجهزة واختيار تصعيد العضوية من القاعدة صعودًا إلى القمة!! منذ انقسام ومفاصلة الإسلاميين بقي السؤال المحرج والخطير قائمًا: هل يحكم الحزب بأمانته.. أم يحكم بحكومته؟!.. ذات السؤال لا يزال بانتظار البروف غندور.. بعد كل هذه السنوات تأكد للجميع وأولهم أستاذي وأخي البروفيسير غندور أننا لم نكسب عافية بإضعاف الحزب لصالح الحكومة.. ولم نتقدم كثيرًا عندما أفرغنا كل جهدنا لتقوية الحكومة بإضعاف الحزب!! إن وثيقة الإصلاح التي يطرحها المؤتمر الوطني حاليًا ستبقى هكذا معقدة في صياغتها متخمة بالعبارات الرائعة والجمل الرصينة.. لكنها لن تجد طريقها لوعي الجماهير ولا مشاركة القواعد إذا بقي نائب رئيس الحزب مشغولاً هكذا بالسفر الخارجي والمشاركة في افتتاح مؤتمرات ومستشفيات وأسواق خيرية هنالك كثيرون سيقومون بها نيابة عنه من الوزراء ووزراء الدولة الذين لا يكاد الشارع السياسي والإعلامي يحس بهم من أحد أو يسمع لهم ركزا!! يا قيادة وجماهير الوطني.. أعينوا غندور ليتفرغ كليًا لحزبكم.. لقد اتضح جليًا بعد كل هذه السنوات أن الحزب القوي والمتماسك أعظم خطرًا وأثرًا من الحكومة القابضة تنفيذيًا.. والضعيفة تنظيميًا!! صحيفة الصيحة