قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ( 2) ماذا بعد تحذيرات صابر ؟؟ حسن أحمد الحسن وصلتني رسالة مخلصة تحمل هموم الوطن الاقتصادية في واقع مابعدالانفصال من الأستاذ سيد الحسن المقيم في جاكارتا بماليزيا وهو خبير بشؤون الاقتصاد ومهموم بشؤون الوطن كغيره من الذين يحملون الوطن في حلهم وترحالهم . ولعل من أهم ما أشار إليه في رسالته التحذيرات التي أطلقها الدكتور صابر محمد الحسن عبر صحيفة يومية سودانية وهو ابن بيتين بيت الاقتصاد والمال وبيت الانقاذ وحزبها الحاكم وهي تحذيرات تتوافق مع توقعاتنا للظروف الصعبة التي تنتظر المواطنين وتزيد في واقع الأمر من همومنا لكونها تنطلق من خبير اقتصادي عامل في حقل المال والاقتصاد وفي أكبر مؤسساته السودانية فضلا عن كونه من أهل الحكم ومستشاريه. وماذهب إليه صابر أكثر مما ذهبنا إليه لكنه يطلق تحذيراته وهو معني بإيجاد الحلول بل هو مسؤول ضمن مسؤولية الحكم الجماعية عن مواجهة هذه التحديات والتحسب لها ، خاصة أن استحقاق الاستفتاء ومآلاته وحجم التوقعات بواقع الانفصال في ضوء المعطيات ليس أمرا مفاجئا أو مستبعدا في احسن الأحوال. ماذا قال صابر ؟ « إن الانفصال سيؤدي لفقدان (30%) من إيرادات نفط الجنوب.. المالية تقترح تسريع اكتشاف بترول الشمال وزيادة الجهد الضريبي قدرت جملة الفاقد الإيرادي حال انفصال الجنوب من الخزينة العامة ب (6.7) مليارات دولار أي بنسبة (33%) من إيرادات الخزينة العامة، وقال د. صابر محمد حسن محافظ البنك المركزي - بحسب رأيه الشخصي - إن هنالك ثلاثة خيارات الآن تجاه خيار العملة «الجنيه»، منها استمرار الدولتين في التعامل به تحت اتحاد نقدي موحد وفق تنسيق السياسات فيما بينهما لفترة أطول، والخيار الثاني هو اختيار إحدى الدولتين الجنيه والأخرى تبحث عن عملة جديدة، مشيراً إلى أن الدولة الأم تختار العملة الرئيسية في مثل هذا الخيار، والخيار الثالث هو أن تتجه الدولتان لاختيار عملات جديدة غير العملة المتداولة، واصفاً ذلك بالخيار الصعب والمكلف. وقال إن انفصال الجنوب سيؤدي إلى فقدان إيرادات البترول بنسبة تفوق ال (30%) من الحقول المنتجة وأشار إلى أن ذلك سيؤثر سلباً على نمو الاقتصاد، إلا أنه قال إن الفقدان لا يمثل أكثر من نسبة (10%) من الناتج الإجمالي المحلي، وأبان أن قطاع المالية العامة سيتأثر هو الآخر، وأشار إلى أن حصيلة البترول تشكل (45%) من إيرادات الدولة، وقال: إذا لم تقم الدولة باتخاذ اجراءات سيكون هنالك عجز في الموازنة. وشدد على ضرورة تبصير المواطنين وعدم تقليل الأثر كما حدث في الأزمة المالية العالمية، إلا أنه قال إن أثر الانفصال أخف قدراً من آثار الأزمة المالية العالمية. ودعا صابر إلى ضرورة إيجاد المعالجات بتفعيل الصادرات غير البترولية وترشيد الانفاق وتوجيه الموارد وتحديد الأولويات بعناية فائقة واتخاذ سياسات راشدة وتوجيه الموارد نحو الأولويات للخروج من المرحلة التي وصفها ب «الحرجة» خاصةً السنوات الأولى.» أدلى د0 صابر بهذه التصريحات بوصفه خبير اقتصادي وهي تصريحات ينبغي أن تتحول إلى تقارير رسمية موجهة منه شخصيا إلى الحكومة وقيادتها النافذة وبالتالي فالتحذيرات مكانها عيون المسؤولين وعقولهم لا زيادة العبء على المواطنين المغلوبين على أمرهم وهم يرون بعيون الزرقاء كم هو حجم الأخطار التي تحيط بالوطن وتحدق بهم . المطلوب هو مواجهة حقيقية للخسائر الناجمة عن الانفصال وايجاد سبل تعويضية لها تبدأ بخفض الصرف على الأمن والترهل الاداري وبند المصروفات المفتوح للحزب الحاكم وضبط الأداء المالي ومكافحة الفساد المعلوم وترشيد الانفاق وايجاد الحلول للقضايا السياسية الداخلية بروح الوفاق الوطني والنأي عن تصفية الحسابات وسياسات ملاحقة الخصوم السياسيين وسياسات الاقصاء السياسي ومطاردة الأطباء لأن السودان يدفع اليوم ثمنا باهظا لكل السياسات الخاطئة التي مثلتها هذه المشاهد وليس في حاجة إلى المزيد . ورغم الهم الاقتصادي الذي يحمله المواطن ضمن تداعيات الانفصال التي ستكشف عن هشاشة البنية الاقتصادية للبلاد بعد أن تكشف حقائق الانفصال الواقع وتزيل سترها عنه فإن الجميع يتخوفون من أن يكون هذا الانفصال المشؤوم عدائيا يدخل البلاد من جديد في دوامة الحروب المرهقة والأرواح المزهقة. الإخوة الجنوبيون يشعرون بأنهم مسنودون من الولاياتالمتحدة والغرب بسبب العوامل الكثيرة التي لايتسع المقال لحصرها لذا فسيذهبون إلى آخر الشوط مع المؤتمر الوطني ولهم بالطبع حسب رؤيتهم ماسيكسبونه وليس لهم ماسيخسرونه وما أقوالهم وأفعالهم الآن إلا دليل على ذلك وهو العكس تماما بالنسبة للشمال الذي سيفقد جزءا عزيزا عليه . وعندما يتم تقييم حقيقي لسنوات الانتقال وماحملته من بنود تضمنها اتفاق السلام بين الشريكين من قبل المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية وماتبع ذلك من إقصاء متعمد للقوى السياسية الأخرى امتد حتى الحلقة قبل الأخيرة وهي الانتخابات سيكتشف الجميع انهم أضاعوا فرصة ذهبية لدرء الانفصال وتحقيق تحول ديمقراطي عبر ايجاد صيغ جديدة للوحدة وللتعايش بين الشمال والجنوب في دولة تتسع لجميع أبنائها وفق دستور واحد تقوم فيه الحقوق والواجبات على أساس المواطنة . لكن يبدو إنه حديث تحت باب التمنيات بعد أن سبق السيف العذل فقط مانرجوه الآن أن تواجه الحكومة التحديات الماثلة وتشرح للشعب السوداني خطط معالجتها بدلا من الالتفاف حولها بأحاديث عن الوحدة لاطائل من ورائها والانصراف عن ماسيواجه المواطن من عنت ومعاناة في عيشه وحياته . وأخيرا هل يدرك الجنوبيون أن خيارهم المحتمل بالانفصال سيكون بالمقاييس الموضوعية التي يعيشها الجنوب نقمة وليس نعمة وهل يدرك شركاؤهم إلى حين إشعار آخر في المؤتمر الوطني إنهم ومهما كانت المبررات سيتحملون تاريخيا بعد اقصاء الآخرين عبء وطن تسلموه كاملا بمساحة مليون ميل مربع وتركوه منقوصا بثلثه أو زد عليه قليلا ؟. واشنطن الصحافة