بشفافية أعيدونا حيث وجدتمونا حيدر المكاشفي « كورة اوانطة هاتو فلوسنا « و « رجعونا محل لقيتونا « هتافان معروفان الاول يخص مشجعي كرة القدم حين يكون الاداء في المباراة التي تكبدوا من اجل حضورها المشاق و « شقوا الجيوب « باهتا وضعيفا يبدو فيه لاعبو الطرفين اشبه بالاشباح وليس اسوأ على محبي كرة القدم ومشجعيها من مثل هذه المباراة حتى لو كسبها بعدد وافر من الاهداف فريقهم المحبب فمتعة كرة القدم في الندية والقوة والاثارة والاهداف الجميلة الملعوبة وليست «الاستروبيا» التي تأتي خبط عشواء كأن يخبط احدهم الكرة بساقه فتلج المرمى او أن تضرب الكرة مؤخرة رأسه دون قصد منه فتسكن الشباك وهلمجرا من اهداف عشوائية، والهتاف الثاني « الدكاكيني « الذي كانت تتهامس به المجالس « رجعونا محل لقيتونا « مشهور ومعروف ولا يحتاج الى إعادة تعريف ، وبالضرورة - وللضرورة أحكام - لا يحتاج الى إعادة إشهار ...... بدا لي ونحن نجتر الذكرى الأليمة الخامسة لرحيل القائد السوداني الفذ جون قرنق دي مبيور الذي لم يبدر منه حتى رحيله المفاجئ و الفاجع في حادث الطائرة المشئوم ما ينم على أنه كان سيتخلى عن النضال والمناجزة عن وحدة شاملة وعادلة وحقيقية تُبقي حدود البلاد كما هي بلا تجزئة حتى آخر ثانية قبل التصويت على خياري الإستفتاء ، بدا لي ونحن الآن بين يدي ذكرى هذا السوداني الفلتة ومع علو صوت الانفصال في اوساط النخب الجنوبية وللأسف حتى في صفوف الحركة الشعبية ، ان هذه النخب قد اصمّت آذانها عن سماع كل قول سوي مايزكي الانفصال ، واغلقت عقولها دون اي منطق سوى ما يعزز « منطلقها « ولا نقول منطقها هي في التهافت على الانفصال فلم يعد لها غير هتاف وحيد مؤداه « وحدة اوانطة هاتوا بترولنا « دون ان يأبهوا او ينتبهوا لما يمكن ان يصنعه بهم وليس لهم هذا البترول في ظل نشؤ دولة هلامية لم تقم على شئ غير احلام البعض واوهام البعض واطماع البعض الآخر ، دولة لن تتمتع حتى بلقب ناشئة اذ ان المصائب من جهة والافواه المتلمظة من جهة اخرى لم تنتظرها حتى تنشأ بل بدأت في إنتياشها منذ حين ، وهذا في تقديري ما يجعل عامة الشعب الجنوبي من البسطاء والكادحين والمغلوبين على امرهم سرعان ما يثورون في وجه هذه النخب التي قادتهم بلا هدى ولا تريث ولا تدبر الى مصير اسوأ بكثير مما كانوا عليه من سوء ، والسيئ بطبيعة الحال افضل من الاسوأ ، ويومها ستهدر اصواتهم بالهتاف الذي لن يعلو عليه هتاف في مثل هذه الحالات « رجعونا محل لقيتونا « ولكن من يدّكر ومن يعتبر « ياخي ديل من شدة ما مستعجلين ترسيم الحدود ما عايزين ينتظروه « فتأمل مثل هذه العجلة التي لن تهب إلا ريثا ...... وحدة السودان، ونقل المدينة الى القرية ، والزراعة العضوية « organic agriculture « من اهم ما يمكن ان نجتره عند اجترار اي ذكرى لقرنق ، فلو تأملنا هذه القضايا الثلاث فقط التي كان ينادي بها قرنق ويعمل من اجلها لادراكنا شساعة البون بينه وبين جماعة الانفصال وهاتوا بترولنا ، فقرنق لم يقل البترول بل قال الزراعة العضوية باعتبارها كنز السودان الحقيقي وميزته التفضيلية بمساحاته الشاسعة البكر الصالحة للزراعة والتي لم ينهكها كثرة الحرث ولم تلوثها الكيماويات ومنتوجاتها الاعلى سعرا والاكثر طلبا في كل العالم ، ثم بدلا من تركيز التنمية في بعض البؤر « مثلث حمدي مثالا « فيضطر الريفيون الى هجر اريافهم والتوافد على المدن و» التراكم « عند حواشيها وهوامشها « الخرطوم مثالا « فنخسر الريف ولا نكسب المدينة ،الافضل من ذلك ان يتم نقل كل عوامل الجذب المدينية الى الريف الطارد ليستقر اهله حيث هم فنكسب الريف والمدينة معا ...... حياك الله يا قرنق وطبت حيا وميتا ..... الصحافة