هناك فرق بداية كبيرة ..! منى أبو زيد وصل العلم بنا إلى القمر.. أهدانا البنسلين.. وأشعة إكس.. وقاذفات الصواريخ.. وأنابيب النابالم.. وأطفال الأنابيب.. أسطرتْ نظرياته برامج التكنولوجيا.. واخترقتْ معادلاته البعد الرابع.. وأجلست تجاربه الطبية فَناءنا البشري على أريكة الاستنساخ.. ورغم ذلك بقي الإنسان في جوهره، ومخبره هو القيمة التي لا تُضاهى .. والمورد العذب، الجليل الذي لا يقدر بثمن! لذا كان الفكر الإنساني وسيبقى مشغولاً بإدراك الذات وتطوير السلوك.. وتهذيب الطموح.. وبالتالي زيادة الإنتاج.. أعظم نظريات تنمية وإدارة الموارد البشرية أنتجتها قوة الفكر وحدة الملاحظة.. كان فريدريك تايلور أبو علم الإدارة يعمل في مصنع للحديد عندما لاحظ انخفاض الإنتاجية، وضياع الكثير من الجهد والوقت دون تحقق فائدة إنتاجية موازية.. فعكف على تجارب ميدانية واسعة بهدف زيادة الكفاءة الإنتاجية.. وكانت النتيجة كتابه الشهير (مبادئ الإدارة العلمية).. ثم جاء من ينتقد مساواته المطلقة بين البشر والآلات.. واقتصار مبدأ التحفيز عنده على المقابل المادي فقط! بعد تايلور ركزت (حركة العلاقات الإنسانية) على تأثير العلاقات الإنسانية في بيئة العمل على معدلات كفاءة الانتاجية.. بينما أولى هرم أوسلو اهتمامه إلى إشباع حاجات الفرد للحفاظ على مستوى حافز الأداء.. ثم توالى ظهور النظريات الواحدة تلو الأخرى في فنون إدارة البشر (نظرية الإنصاف ل آدمز .. الأهداف ل ويليام، ولوك .. التوقعات لفروم أول.. إلخ..).. وكلما تطورت المجتمعات وأمعنت في تحضرها ازدادت الحاجة إلى تنمية الإنسان كقيمة.. وإدراته كمورد هائل! يوم أمس الأول في قاعة برج الاتصالات دشن المحاضر والإداري ومفكر تطوير السلوك والمهارات الإنسانية، الدكتور إبراهيم الفقي، انطلاقة وزارة تنمية الموارد البشرية بإحدى محاضراته العالمية عن (قوة الفكر) التي تحدد محتوى ملفات الذاكرة في العقل.. والتي تكمن فيها كرامة الإنسان، بحسب باسكال! الدكتور حامل أعلى الشهادات في علم النفس والإدارة والتسويق والمبيعات وتنمية الموارد البشرية.. والذي أعرب عن سعادته بالوقوف على بواكير أول وزارة (مختصة) بشئون (تخصصه) في العالم العربي.. شرح للحاضرين كيف وكم أن إدراك الذات هو أول وأولى مراتب تطوير الأداء وزيادة الإنتاج! دعوة الدكتور إبراهيم الفقي كانت بداية موفقة.. وكبيرة .. للوزارة الوليدة، الموقوفة إجمالاً وتفصيلاً على تأهيل الكادر البشري.. ورفع مستوى الأخلاقيات والجودة.. وبالتالي رفع قيمة إنسان السودان.. وكما ظللنا دوماً نقول .. قيمة الإنسان شجرة وعي .. سمادها إدراك الذات.. ولحاؤها جودة الأداء.. أما الإدارة الديموقراطية فهي كما أسلفنا أهم عناصر تمثيلها الضوئي! التيار