حديث المدينة مفاوضات الدوحة.. العود أحمد عثمان ميرغني أعلنت الوساطة الدولية في مؤتمر الدوحة عن استئناف المفاوضات في نهاية الشهر الحالي (29 سبتمبر).. الخطوة جيدة.. ولكنها تصطدم ب(إستراتيجية السلام والتنمية في دارفور) التي عكف عليها الدكتور غازي صلاح الدين وبذل فيها جهداً كبيراً وأصبحت عملياً خارطة الطريق الرسمية التي تعمل وفقها الحكومة.. الإستراتيجية تجعل الأولوية للعمل الداخلي خاصة الذي يخاطب جذور مشكلة دارفور والنتائج التي أفرزتها الحرب الدامية.. ولكن المفاوضات في الدوحة لو سارت على نفس الطريق ربما تصل لتسوية سياسية تقتسم لسلطة والثروة على المستوى الاتحادي والولائي بمن حضر المفاوضات.. فتقفل عمليًا الباب عن الآخرين وتخلق واقعاً قريب الشبه بما خلقته اتفاقية أبوجا على المستوى السيادي في قسمة المناصب والسلطة. ولهذا ربما يجدر أن أذكر الدكتور غازي صلاح الدين أنني اقترحت عليه خلال مناقشة الإستراتيجية أن يحذف كلمة (دارفور).. وأن يغير المعطيات الرئيسية التي بُنيت عليها الإستراتيجية.. لتصبح إستراتيجية السلام والتنمية في السودان.. وليس دارفور.. والسبب لأن قضية دارفور ما عادت جغرافية تختص بإقليم دافور.. هي قضية قومية في كل زواياها.. صُنعت صناعة في المركز.. وتدار من الطرفين (الحكومة والحركات) من المركز.. وأكبر من ذلك كله أن أبعادها الدولية والإقليمية جعلت السودان كله في قفص دارفور.. وليس العكس.. على كل حال.. منبر الدوحة لا يجب أن يتوقف في انتظار فقط ثمار (إستراتيجية السلام والتنمية في دارفور) خاصة أن سمو أمير دولة قطر وعد بتأسيس بنك برأس مال مليار دولار لإعمار دارفور.. لكن الأجدر وضع برناج عمل قصير المدى للمفاوضات في الدوحة لتصل إلى الصيغة التي تسمح لمخرجات المفاوضات أن تصبح جزءًا من إستراتيجية السلام والتنمية في دارفور.. بعبارة أخرى.. أن يتجنب منبر الدوحة قسمة السلطة والثروة على نمط (أبوجا).. تلك قسمة مبنية أساساً على أسماء الشخصيات والحركات وتجعل السلام رهن رضاء أو غضب هذه الأسماء.. لكن إذا وصل منبر الدوحة لصيغة تسوية قاعدية تنصف المواطنين المتأثرين بالحر في دارفور.. وتسترجع للنازحين قراهم ومصادر أرزاقهم.. وتكفل الاستقرار السياسي في الإقليم المحترق.. فإن ذلك يصبح الطريق الأضمن لسلام حقيقي في دارفور.. أية تسويات (بالأشخاص والحركات) في الوقت الحاضر تنجب مزيداً من الحركات وتمنح الحركات التي لم تشارك في مفاوضات الدوحة مزيدًا من الأنصار.. والحطب ليستمر الحريق.. ينتابني إحساس أن الحكومة غير راغبة في استمرار المفاوضات في الدوحة مع حركة العدالة والتحرير.. لاعتقادها أن ذلك يكرر سيناريو (أبوجا).. وذلك خطأ بيِّن.. لأنه يعني أن حركة العدل والمساواة شرط وجوب لجدية التفاوض.. حتى ولو لم تقل الحكومة ذلك علناً. وذلك يعني بالضرورة استمرار سياسية بناء السلام مع الأسماء.. أسماء الأشخاص والحركات.. التيار