دايركت المشهد الاقتصادي.. حالة قاتمة سنهوري عيسي [email protected] أصبحت قضية غلاء المعيشة والارتفاع اليومي فى الأسعار تشكل هاجساً لكل أسرة غنية كانت أم فقيرة، بل أصبح هذا الغلاء حديث المدينة نتيجة للارتفاع غير المبرر للأسعار بالأسواق المحلية، وتباطؤ الأجهزة الحكومية المختصة فى التدخل بحزمة سياسات اقتصادية متكاملة (مالية ونقدية وائتمانية) تمتص هذا الغلاء وتخفف من أعباء المعيشة. وازداد الوضع سوءاً فى ظل السجال بين شريكي السلام بشأن ترتيبات مرحلة ما بعد الاستفتاء الذى دخل الآن مرحلة حرجة اومرحلة (حرب التصريحات والتصريحات المضادة)، وتفاقم هذا الوضع بعد القرارات الاخيرة القاضية بزيادة الجمارك وضريبة التنمية لتنتقل آثارها المباشرة على كافة الأسواق بولايات السودان المختلفة، كما زاد الوضع سوءاً قرارات وضوابط بنك السودان المركزى لتنظيم سوق النقد الاجنبى وتحجيم الاستيراد على مدار الاسبوع،وما ان يصدرضوابط إلا تأتي اخرى تنسخها، مما خلق حالة من القلق بالأسواق المحلية وزاد فى الطلب الداخلى على النقد الاجنبي بدلاً عن تحجيم هذا الطلب وانتعشت تجارة الدولار وارتفعت وتيرة الاجراءات لتطال المسافرين الذين اصبحوا يتسلمون النقد الاجنبى بالمطار،كما تم تعديل ضوابط فتح الحسابات بالعملات الحرة. اذاً تتضح المشكلة بوضوح فى انها (مشكلة عدم تناغم بين السياسات المالية التى تصدرها وزارة المالية والسياسات النقدية التى يصدرها البنك المركزى) الى جانب عدم وجود سياسات ائتمانية او اجتماعية تمتص تداعيات هذه القرارات وآثارها السالبة على المواطنين لتصبح المشكلة من بعد أزمة حقيقية تنذر بتضخم ركودى وأزمة اقتصادية . بينما يرى بعض الخبراء ان المشكلة بدأت بسوء ادارة للمال العام واهدار لموارد النقد الاجنبى (عائدات البترول) التى شهدت تزايداً مطرداً بلغ ذروته فى يوليومن العام 8002 عندما بلغ سعربرميل النفط نحو(147) دولاراً،ولكن لم توظف هذه العائدات فى بناء احتياطيات من النقد الاجنبي بل ارتفع تمويل التنمية بالدين من القروض الاجنبية أي (أضعنا الفرصة) فلم نستفد من نعمة البترول ،لنعانى الان من شح النقد الاجنبى مع قرب موعد اجراء الاستفتاء على تقريرمصيرجنوب السودان كما لم يتبق من حساب تركيزالبترول لمواجهة ايه ازمة اقتصادية محتملة سوى (203) ملايين دولاربنهاية يونيو الماضى وفقاً لتقريرصادرعن ادارة البترول بحكومة الجنوب . ومن هنا يتضح ان المشهد الاقتصادى اكثر قتامة فى ظل شح موارد النقد الاجنبي وعدم تناغم السياسات المالية والنقدية وغياب السياسات الائتمانية ،وعدم وجود بدائل سريعة للنفط حال الانفصال،وضعف الانتاج المحلى وتراجع عائدات الصادرات غير البترولية، والسياسات الامريكية غير المعلنة تجاه السودان، والمخاوف من عودة الحرب حال فشل اجراء الاستفتاء ،والمخاوف من عقوبات اقتصادية على الشمال حال انفصال الجنوب وعدم اعفاء الديون ...الخ . إزالة هذه القتامة فى المشهد الاقتصادي اوالمشهد السوداني رهينة بإعمال مبدأ التوكل على الله والعودة الى الشعب كما عاد من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، فوجد من شعبه السند، والتزام الدولة واجهزتها ببرنامج تقشفي فى الصرف،خاصة الواردات غير الضرورية والتضخم فى هياكل الحكم ، والتهيؤ لمرحلة ما بعد الاستفتاء بزيادة الانتاج وتوسيع قاعدته وزيادة الصادرات غيرالبترولية، واللجوء الى الدول الصديقة والشقيقة (التوجه شرقاً الى دول شرق آسيا والخليج) للحصول على العون والنقد الاجنبى لمواجهة الأزمة، واصدارحزمة من السياسات النقدية والمالية المتناغمة لامتصاص الزيادة فى الطلب على النقد الاجنبي وتحجيم الاستيراد وبث التطمينات وازالة حالة القلق وتشجيع الاستثمار،وافساح المجال للقطاع الخاص والبعد عن منافسته بجانب تبني سياسات جديدة فى الموازنة الجديدة لاحتواء الازمة. الرأي العام