حديث المدينة الصفقة..!! عثمان ميرغني قبل أن يجف مداد قرار مجلس الوزراء .. القاضي بتصفية الشركات الحكومية وصل إلى علمي أمس إقدام حكومة ولاية الخرطوم على شراء مزرعة دواجن كبيرة في غرب أم درمان. المزرعة الكبيرة .. موّلها بنك النيلين بصفة رئيسية بمبلغ كبير حوالى (53) مليون دولار .. مع بنوك أخرى ليبلغ إجمالي التمويل رقماً خرافياً يقترب من المائة مليون دولار.. لكن سداد القروض البنكية تعثّر.. وانخرط بنك السودان المركزي في إجراءاته الشهيرة ضدّ بعض رجال الأعمال مِمّنْ أُطلق عليهم (الجوكية).. فاضطّر صاحب المشروع للخروج والابتعاد عن الوطن. بنك النيلين وتحت الحاجة الماسة لاسترداد مديونيته الخطيرة الكبيرة وضع يده على مزرعة الدواجن.. وحاول الاستمرار في تشغيلها.. لكن بالضرورة البنك تنقصه الخبرة والتخصص في صناعة الدواجن.. وقد يستمر قليلاً لكن الهاوية حتماً ستكون في انتظار المشروع. الأستاذ صديق الشيخ وزير الزراعة بولاية الخرطوم قال لي مساء أمس.. إن حكومة ولاية الخرطوم تدخلت لصالح إنقاذ أحد أكبر مشاريع الأمن الغذائي بالولاية.. لأن المشروع يوفر ما يقرب من (30%) من حاجة الولاية للدواجن.. ويرى صديق الشيخ أن بنك النيلين بمحاولته تشغيل المشروع أشبه بمن يمشي على سطح صفيح ساخن .. حالاً سيلقي بنفسه بعيداً عنه. لكنّ الصورة تبدو جدُّ مُشوِّشة.. فالولاية أصلاً شريك في مشروع دواجن آخر شهير.. اسمه (دواجن ميكو) .. وهي شراكة أيضاً فيها نظر.. لأنه حسب المعلومات التي توفرت لي فإنّ الولاية تملك (19%) من المشروع.. والرقم (19) فيه سر.. فهو الرقم الذي يكُف عين الحسود التي فيها ألف عود.. وعين الحسود هنا هي عين المراجع العام لحكومة السودان .. فحسب القانون .. المراجع لا يمكنه مراجعة الحسابات إلا إذا كان نصيب الحكومة (20%) فأكثر.. ولهذا ضُبطت الشراكة في الرقم (19%) حتى يبتعد المراجع العام من المشروع. وهو ليس المشروع الوحيد الذي يُستخدم فيه الرقم السحري (19%) فهناك شركات حكومية كثيرة محمية بالرقم (19) من عين المراجع العام. الذي يخشاه الكثيرون أن الولاية حتماً ستنقذ بنك النيلين من مديونيته المتعثرة، لكن الأكثر حتمية أنها ستواجه مخاطر إهدار أموال دافعي الضرائب. بالنظر إلى كثرة المعضلات الفنية في المشروع والذي يرى بعض الخبراء أنه مبالغ في تقدير أرقام تكلفته.. وأن إنتاجه لن يترفع إلى الرقم الذي تفترضه الولاية. ويصبح السؤال .. هل يجوز استخدام أموال ولاية الخرطوم لإنقاذ البنوك المتعثرة.. إذا ثبت أن المشروع لن يسترجع التمويل (المبالغ فيه) الذي تقدره الأوراق الرسمية؟.. وقبل كل ذلك.. لماذا تنغمس ولاية الخرطوم في الاستثمار في الأعمال التي هي من صميم حيّز نشاط القطاع الخاص؟. وكيف يتخلص مجلس الوزراء الاتحادي من الشركات الحكومية إذا كانت أول شركة حكومية تُؤسس بعد قرار المجلس .. أنفقت فيها الحكومة (70) مليار جنيه؟. التيار