استراحة .. قناتنا التلفزيونية القومية وعيوب في اللغة والقراءة أيوب صديق من يشاهد قناة التلفزيون القومية عندنا يجد أن هناك طريقة جديدة معيبة أخذت تفرض نفسها على قراءة الأخبار وغيرها من المواد ، وهي طريقة متفشية بدرجة أكبر بين القارئات من النساء ، أكثر مما هي بين القراء من الرجال. فهذه الطريقة هي طريقةُ قلقلة الحرف الأخير الساكن من الجملة ؛ قلقلةً شديدةً تغير في كثير من الاحيان حالة إعرابه في الجملة، وذلك باضافتهما إلى ذلك الحرف شدةً و فتحةً ظاهرتين، وبالذات في أسماء مثل «السودان» و»السلام» و «اليوم» و « الانتخابات» وغيرها من الاسماء ذات الوزن المتقارب في النطق. فكلمة السودان مثلاً في حالة الوقف عليها ساكنة في نهاية الجملة، تصيرعندهم (السودانَّ) و السلام تصير( السلامَّ) واليوم تصير ( اليومَّ ) والانتخابات تصير ( الانتخاباتَّ) وما إلى ذلك من هذا العيب النطقي. كانت هذه الطريقة من النطق يمتاز بها في الماضي من يعلنون عن إقامة الحفلات الغنائية، فيقولون يُحي هذا الحفل ( الفنانَّ ) الفلاني، أو أن الحفل (يقامَّ )(اليومَّ) وهكذا. وهذه الطريقة لا أجدها على ألسنة قدامى القراء في هذه القناة، التي تُعتبر القناة الأم في صناعة التلفزيون في البلاد، و هي طريقة لم تكن بالطبع موجودة قطُّ على ألسنةِ أجيالها السابقة. كانت الامكاناتُ الفنية في السابق محدودةً بطبيعة الواقع، ولكن كان هناك قراء امتازوا بالاجادة، كما كان هناك حرصٌ شديدٌ على سلامة اللغة ، تحريرًا وقراءة. فلا يسمع المرءُ كما يسمع الآن؛ البدءَ بجملة إسمية ذات بناء ركيك غير عربي، مثل الذي يصك أذنه الآن صك الجندل على شاكلة : « رئيس الوزراء الفلاني قال» ، «المسؤول الفلاني صرح». فهذا استهلال ركيكٌ مقيتٌ غير عربي.أو تسمع منهم كلماتٍ مثل « الجاهزية» بدل الاستعداد والعدة ، و»التوقيف «بدل الاعتقال أو أداة انتقال غريبة مثل «إلى ذلك قال..» وغيرذلك من دخيل التعبير الركيك، الذي بات القائمون على شؤون التحرير والقراءة عندنا يقلدون فيه آخرين في وسائل إعلام أخرى، تنكب القائمون على أمر التحرير واللغة فيها سَنن صوابِ العربية، وهو أمرٌ يسيء إلى روح اللغة وقاعدتها، إساءة بالغة. لقد حدث والحمد لله تقدم كبير في هذه القناة من حيث الامكاناتُ الفنيةُ واساليب المادة المقدمة ، ولكن الأمر المؤسف أن تمتاز القراءة فيها في كثير من جوانبها بمثل هذا العيب المنفر، الذي يمكن التخلص منه بكل يسر إن وثق الناس في انفسهم و تركوا تقليد الآخرين في عيوبهم. ويحضرني في هذا المقام تقليد أحد قراء الاخبار في هذه القناة ؛ أحدََ قراء الاخبار في قناة تلفزيونية شهيرة، تقليدًا يجعله صورة شوهاء منه. و قد شاهدتُ هذا المذيع المقِلد من قبل عندما كان يقرأ بشخصيته بلا تقليد، وكان أفضل كثيراً مما هو عليه الآن. فأتمنى عليه أن يعود إلى شخصيته الأصيلة وفي امكانه ذلك، إن هو أدرك أن تقليد مذيع في قناة شهيرةٍ مضرٌ به ضررا بليغا. إذ عندما تسمع المقِلدَ؛ ينُصرف ذهنك عنه إلى من يقلده، فيصبح صورة باهتة لذلك الاصل، الذي ارتضى لنفسه أن يكون بمثابة ظل له، وهذا مما لا شك فيه ضارٌ به غاية الضرر، وسيكون ذلك أول عامل لمحو شخصيته الأصيلة من أذهان المشاهدين أوالمستمعين. والأدهي من ذلك أنني رأيتُ آخرين أخذوا يقلدون هذا المقِلد في اسلوب تقليده بعض الشيء ، لوجوده بين ظهرانيهم. أقول كل ذلك ليس انتقاصاً من مكانة قناتنا القومية، وإنما غيرة عليها، بحكم أنني كنتُ ذات يوم ممن تشرفوا بالعمل فيها وكسبوا منها خبرتهم الاولى؛ وما زلتُ أشعر بالانتماء إليها، وأحرص على مشاهدة برامجها ما امكنني ذلك، ولي فيها بقية طيبة من الاصدقاء كرام. ولي عودة إن شاء الله إلى موضوع آخر من مادتها. الرأي العام