إليكم الطاهر ساتي [email protected] فليكن المصير مزدوجا، وليست الجنسية ..!! ** المواطنة شئ والإقامة شئ آخر.. ولكن عندما يتحدث البعض عن هوية الجنوبي بالشمال وهوية الشمالي بالجنوب بعد الإنفصال،لايميز بين المواطنة والإقامة ..وبكل جهل أو بمنتهى الطيبة يخلطهما خلطا في خلاطة المسماة بالجنسية المزدوجة .. والأعلى صوتا في زخم المنادة بالهوية المزدوجة - للأسف - هم البعض المنسوب على الفئة النخوبية بالبلد، هذا إن كان واقع حال البلد المأزوم - سياديا وسياسيا وإقتصاديا - يشير إلى أن به (فئة نخبوية ) ..!! ** فالمواطنة، يا سادة يا كرام، من القضايا التي يجب أن تناقش بالعقول فقط وليست بالقلوب والمشاعر..والجنسية التي في أمرها نثرثر ليست بمحض وريقة تغلف وتعلق على جدار الغرف، بحيث تمنح وتمنع كيفما إتفقت الأمزجة السياسية والأهواء الحزبية والمشاعر الطيبة..وتأسفت حين قال نافذ بالحزب الحاكم : قد نمنحهم جنسية دولة الشمال .. أوهكذا قال حين سألوه عن مصير الكوادر الجنوبية بحزبه ، قالها هكذا ولم يرمش له جفن ، وكأن الجنسية هذه محض بطاقة عضوية ، وليس فى الأمر عجب ، فالذي يختزل الدين والوطن في أهوائه السلطوية قد لن يتوانى في إختزال جنسية وطن في بطاقة حزبهم .. !! ** لا يا عالم، فالجنسية ليست بوريقة و( خلاص) ..هي ليست كذلك، هي الهوية بكل ما تعنيها هذه المفردة من معان وهي شهادة إنتماء بكل ما في الإنتماء من معان ..لحاملها حقوق مواطنة غير منقوصة وعليه واجبات ملزمة تجاه وطنه .. ومن قصر النظر أن يفكر البعض بأن يكون للجنوبي حقوق وواجبات في دولة الشمال أوللشمالي حقوق وواجبات في دولة الجنوب، بغض النظر عما يصبح عليه مستقبل البلدين وعلاقتهما السياسية وتقاطعات مصالحهما ، أي : لا يفكرون في غد البلدين - ومايخفيه القدر المنتظر - حين يتحدثون اليوم عن جنسية يجب توزيعها شمالا وجنوبا لمن يشاء، وهذا يدل على قصر نظر مخيف ..!! ** ولايسأل هذا البعض نفسه، إذ كيف لمواطن - يحمل جنسية الشمال والجنوب - أن يؤدي ما عليه من واجب تجاه هذا الشمال وذاك الجنوب ؟..أم ياترى ستقترح عبقريتهم بأن آداء الواجب تجاه بلد أو آخر يجب أن يتم أيضا عبر(إستفتاء شخصي ) ، بحيث يسألوه : أها خدمتك الوطنية بتقضيها هنا ولاهناك ؟ ، تترشح للبرلمان هنا ولاهناك؟، أها ، فى حرب - لا قدر الله - معانا ولا مع الخيانة ؟.. لايطرحون على أنفسهم أسئلة كهذه ، ولا سؤالا من شاكلة : ثم ماذا عن حقوق المواطنة هنا وهناك؟.. نعم، أفهم وأتفهم بأن القارئ قد يتساءل: هي وينها الحقوق دي زاتا؟..ياها حقنة كمال عبيد ولاحاجة تانية؟، فليذهب أي صاحب نهج غير إنساني - كمالا كان أوغيره - إلى أقرب مركز صحي ويطلبها بالمجان، إن وجدها فليحرمها بعد ذلك على كل الشعب وليس على الجنوبيين فقط ، إذ لم يبق للمواطن من الحقوق - تحت ظل نهجكم هذا - غير حق التنفس، والحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه .. ومع ذلك ، فليكن ذاك التساؤل عن الحقوق قائما، ويجب التحدث عنها والتمسك بها بإعتبار ما سيكون ولو بعد حين إن شاء الله .. وعليه، بالعقل والمنطق لن يقبل مواطن الجنوب التفريط في حقوقه لمواطن أية دولة أخرى بما فيها دولة الشمال، وكذلك الحال لمواطن الشمال بحيث ليس من المنطق والعقل والعدل بأن يدع مواطن دولة أجنبية يزاحمه في حقوقه..وقد تبدو مفردة الدولة الأجنبية صادمة للقارئ، شماليا كان أو جنوبيا، ولكنها الواقع الذي لامفر منه بدفن الرؤوس على رمال المشاعر ..!! ** وعليه، يجب تجاوز هذا الملف بحيث يكون الجنوب جنوبا كامل السيادة شعبا ووطنا ..وكذلك يكون الشمال شمالا كامل السيادة شعبا ووطنا.. ثم يتم تنظيم حسن الجوار والمصالح المشتركة بقوانين ولوائح وأفكار ليست من بينها فكرة الجنسية المزدوجة.. فلتكن بين الشعبين حزمة حريات تتجاوز تلك التي بين مصر والسودان كما وكيفا ، إقامة وعمل وتنقل وتملك ثم نضف على كل هذا تسهيل منح الجنسية ليس لمن يشاء ولكن لمن يفيد البلدين هنا وهناك.. أي : ذوي الكفاءة والخبرة في مجال ما، وكذلك لمن تصاهروا و أسسوا أسرا سودانية كاملة الدسم بحيث لاتعرف لأي قطر ينتمي أفرادها ، وهم المعذبة قلوبهم هذه الأيام .. ثم ليس هناك ما يمنع فئة ما - جنوبية كانت أو شمالية - بأن تنال جنسية الشمال أوالجنوب بعد إقامة دائمة لفترة يحددها القانون، بحيث تبدأ الفترة بعد يوليو القادم ، وأن يستوفى سجل المواطن - هنا وهناك - ضوابط التجنيس.. !! ** وكل تلك الفئات ليست هي الملايين المراد لها حمل الجنسية المزدوجة في الشمال والجنوب، ويمكن تنظيم تلك الفئات بواسطة قوانين (الدولتين الشقيقتين )، بحيث تكتسب الجنسية، كما تفعل دول الغرب مع المهاجرين إليها..الدولتين الشقيقتين دي حامضة، لكن نعمل شنو، الله يجازي اللى كان السبب.. ومع ذلك يجب أن نعيش هذا الواقع بكامل الوعي ، وليس بالعواطف.. نعم، فليقرر شعب الجنوب مصيره كما يشاء، وعلى الشمال أن يبكي وينوح كيفما يشاء ولكن عليه ألا ينسى بأن يبارك لذاك مصيره ثم يبحث معه عن مصير يجعل حياتهما ومصالحهما مشتركة، كما تفعل دول الخليج العربي نموذجا مثاليا ، و دول الإتحاد الأوربي كأمثل نموذج..نعم مصير حياة البلدين ومصالح شعبهما يجب أن يكون مزدوجا، وليست ( الجنسية ) .. !!