تراسيم إلى الرئيس مع خالص حبنا !! عبد الباقي الظافر [email protected] خرج الفريق إبراهيم عبود من القصر ورأى جموع المحتجين تملأ الآفاق.. سأله مرافقه عن سر الغضب الشعبي.. ولما اخبره المستشار الأمين ان الشعب يريد خروجه سالماً.. تعجب الرئيس عبود باعتبار ان أمر تنحيته لا يحتاج إلى كل هذه (الهيصة).. بالفعل مضى الجنرال إبراهيم عبود إلى داره ولم تكن له مطالب تذكر. الرئيس عبود كان ضحية للتقارير التي تصور له ان الشعب يحبه ويجله.. وان المعارضين لحكومته هم مجرد حفنة من العملاء والخونة.. الرئيس عبود قدم منجزات حقيقية للبلد.. شق الطرق وعمر المصانع.. مشكلته انه لم يختار أفضل وقت للاعتزال.. فاضطر الجمهور لأن يمارس (الصفير)احتجاجاً. الرئيس البشير في دامر المجذوب وعلى ايقاع عرضة الجعليين الحماسية قال كلاماً جديراً بالتأمل إذ عبر عن استعداده للتنحي إذا ما ادرك ان الشعب يرفضه.. وحى الرئيس البشير الشعب التونسي على انتفاضته المباركة. كيف للرئيس ان يسمع احتجاج الشعب.. شيخ كبير قال إنه يشتم رائحة الثورة التونسية فيذهب إلى السجن حبيساً.. انف الترابي الطويلة كلفته الحرمان من قلم يفسر به آيات الله.. ومنعته حتى من تشذيب لحيته البيضاء. وصحافي اغبش ومن منبر الحكومة يحذر الحكومة من ذهاب الشرق على اثر الجنوب.. زميلنا(باكاش) تعاقبه الحكومة على نصيحته الغالية بالحبس.. في ذات الوقت منبر السلام ومن مرمى حجر من مجلس الوزراء ينحر الذبائح فرحة بالجنوب الذي ذهب. ماذا تبقى لنا من انتفاضة تونس.. بو عزيزي السوداني حرق نفسه في السوق الشعبي وصحف الحكومة اتهمته بالسكر الا ان برأته التحاليل الطبية.. خرج الناس في مدني والكاملين وبابنوسة والخرطوم في مظاهرات كما خرج (التوانسة) في سيدي أبو زيد والقصرين وتونس العاصمة.. ولكن أسوار القصر العالية تحجب أصوات الجماهير. استقبل الشعب التونسي الرئيس زين العابدين باعتباره مخلصاً من رئيس شرع لنفسه الحكم مدى الحياة.. ومنح الشعب السوداني الرئيس البشير ثقته باعتباره منقذاً من حكم تعددية ضعيفة.. سيخطىء البشير ان اعتبر التأييد الشعبي تفويضاً للحكم إلى ما لانهاية. واتت الرئيس البشير أكثر من فرصة للاعتزال وهو في كامل النجومية.. بعد توقيع اتفاق السلام في العام 2005 كان يمكن للبشير ان ينهي عملية إنقاذ الوطن.. ويرد للشعب السوداني أمانة الحكم.. ويسجل نفسه في التاريخ باعتباره الرئيس الذي جلب السلام للسودان. حتى خطابه في الدامر كان يمكن ان يكتسب بريقاً ان اخبر الأمة السودانية ان هذه دورة الوداع.. وتمنى من حزبه ان يبحث عن خليفة في القصر. ولكن الرئيس يصر أن يمضي في المسيرة حتى يسمع (صفير) الجماهير.. رغم ان كلفة انتظار الاحتجاج الذي يملأ الشوارع بالدماء ستكون عالية جداً. سيدي الرئيس مع كامل التقدير فكر في الاعتزال وانت في قلوب الناس.. ربع قرن من الزمان ان لم تكن حمل ثقيل على شخص واحد فهي عبء كبير على شعب كريم.