مشروعية العزاء في محمود ..! منى أبو زيد [email protected] كلما استحكمت ظاهرة اجتماعية في مصر تحسسنا جباهنا قلقاً، فما بالك بالمظاهرات والوقوف على أعتاب الثورات؟! .. تفاقم الوضع هناك وتصاعدت وتيرة الأحداث على نحو غير مسبوق (إسقاط النظام وليس إقالة الحكومة) فتحسس بعضنا رأسه وتحسس البعض الآخر مسدسه ..! قراءة التاريخ تقول إن ما يحدث في مصر يتنزل علينا بفارق توقيت يطول أو يقصر بحسب طبيعة الحدث وتداعياته .. وقراءة الواقع تقول إن تشابه مناخ المظاهرات حقيقة – من ثقل الصمت الذي يسبق العاصفة إلى استحكام الغلاء إلى ارتفاع مؤشرات الجوع والابتلاء بنقص الأموال والأنفس والثمرات - ولكنها تقول أيضاً إن المنعطفات السياسية والاقتصادية في تونس والجزائر والأردن واليمن ومصر شيء .. والمنعطف التاريخي الذي تمر به بلادنا شيء آخر ..! أكتب هذا، بعد سياحة لا بأس بها بين المواقع الإلكترونية وتسكع طال أمده بين مواقع الفيس بوك التي تدعو إلى الاحتشاد والخروج في مظاهرة سلمية صباح اليوم .. دعوات الشباب الذين ضاقوا بالفقر والبطالة وضاقوا أكثر بتلك العصبية الجيلية التي تسيطر على عقول صناع القرار في بلادهم حتى باتت الجدارة لتقلد المناصب تقاس بكم التجاعيد وعدد الشعيرات البيضاء ..! هؤلاء الشباب هم أثمن ما يملكه الوطن، أي شاب سوداني هو أغلى مشروع استثماري لدى أسرته، ورغم الصرف والجهد والكد، يبقى على الواحد منهم أن ينتظر كثيراً وطويلاً قبل أن يتمكن من رد بعض الجميل .. بعضه فقط .. لا عجب إذن ولا دهشة من وقوفهم على أعتاب ثورة ما ..! ولكن قبل هذا وذاك لا بد من الإجابة على سؤال كبير .. هل هذا هو الوقت المناسب ؟! .. هل .. والبلاد بأكملها في حالة برزخية ؟! .. هل .. والشعب بأكمله بانتظار تقرير مصير بعضه وتوفيق أوضاع بعضه الآخر ..؟! بكل نزاهة ومسئولية كلا! .. ليس حباً في حكومة لا تسمع وليس نكاية في معارضة لا تسمع .. بل خوفاً على هذا الوطن! .. من أنت وعن أي شعب تمارس الاحتجاج ؟! .. وضد من تهتف ؟! .. وإلا ترمي وبلادك على شفا حفرة من ثورة تاريخية سوف تطيح من نفسها بأخضر الوحدة قبل يابسها ..؟! التظاهر ضد الحكومة مثلث قوامه مواطن فاعل .. ونظام حاكم مفعول ضده .. ووطن مفعول لأجله .. أما الأول فيعيش مأزق أيدلوجية وإعادة صياغة ويحمل تعريفاً مؤقتاً مرتهناً بنتائج الاستفتاء على هويته .. وأما الثاني فمصاب سرطان الدولة الجديدة فإما أن يموت وإما أن ينجح في استئصال أورامه وفي كل الأحوال صورته الراهنة إلى زوال ..! وأما الثالث فيحتاجنا كما لم يكن من قبل .. يحتاج وقفتنا كي نعبر به مزالق الانقسام ومهالك التشرذم بسلام و(أمن) وحكمة .. نحن لسنا تونس وإن كنا مثلها .. لسنا مصر وإن كنا قربها .. أخشى أن ينطبق علينا مثل التي (تركت راجلها ممدود وراحت تعزي في محمود) ..!