تعتزم قوى المعارضة اليوم القيام بمسيرة في ميدان أبو جنزير بالخرطوم، وقد وضعت لها خطة شاملة حيث تحتوي مخاطبات وهتافات، وزيارات لسفارتي مصر وتونس.. المهم سادتي الحكاية من أولها لآخرها حركة غير موفقة من حركات المعارضة، التي لا تعرف كيف تدير شؤونها ناهيك عن إدارة شؤون البلاد والعباد، ولقد اندهشت للتفصيل غير الجيد أو إلباس ثوب الثورات في مصر وتونس وليبيا للسودان، ناسين أو متجاهلين أن هذه الثورة أشعلها الشباب ولم يشعلها عواجيز الأحزاب والمجرَبين، والذين خرج عليهم الشعب ومارس ضدهم كل أشكال المعارضة حتى وصل لدرجة العصيان المدني، وهم من ترك الشعب يعلنها في مظاهراته (ضيعناك وضعنا معاك)، وهم من فشلوا في الديمقراطيات السابقة، وهم من انتهت مدة من حكموا معهم.. فهم جيل عبد الناصر والقذافي وغيرهم ممن انتهت مدتهم السياسية، فماذا يريدون اليوم!! هل يريدون اسقاط النظام حتى يرجعوا للكراسي التي لم يستطيعوا المحافظة عليها.. سادتي عندما نادى الشباب بالتغيير لم يناديكم أنتم لتركبوا الموجة وتظنوا أنفسكم أنكم أنتم رعاة هذا التغيير، أنتم أيضا يجب أن تُغيروا، فمؤسساتكم الحزبية قد ضاقت بكم ذرعاً لأنكم لم تتنحوا عن كراسي الرئاسة منذ أن جلستم عليها في الحزب وحتى الآن، وحتى بعد أن أحسستم بوجوب تدريب قيادات جديدة لأحزابكم دربتم أبناءكم في حركة اقصائية لكل من حولكم، مثلكم مثل الحكومات الشمولية التي تركت لأبنائها الحكم ظناً منها بأهمية التوريث.. إذن ليس هناك فرق بينكم وبين الدكتاتوريين الذين أسقطتهم شعوبهم، وكل الفرق بينكم أنهم بقوا في كراسي السلطة وكنتم أنتم تأخذون الاجازات ولكن لعشرات السنين، وكل ما كتبت آنفاً وما يمكن أن يُفهم من سطور هذه المقالة، أقول لكم إنكم لم تفصلوا ثوب الثورات (مصر وليبيا وتونس) بنفس المقاسات.. لأن كل جزء من هذا الثوب تم تطريزه بأيدٍ لم تتفق يوماً وتحمل مرارات من بعضها، وقد أدمنت الفشل نعم الفشل، وأصبحت تعتبره سلوكاً عادياً دون أن تخجل أو تستحي منه، بل أظنهم لم يحاسبوا أنفسهم مرة، وظنوا أنهم رؤساء جمهورية فعلاً بعد أن وافقوا على خوض الانتخابات، ورشحوا أنفسهم للرئاسة ثم انسحبوا في خطوة لا تحسب إلا عليهم، بل حتى ياسر عرمان بدأ يتفرعن وينفش ريشه وكأنه نسي أنه فشل في خفض نسبة الانفصال من 98% رغم وجوده في صفوف الحركة لعشرات السنين، مما يعني أنه لم يكن مؤثراً بالدرجة التي تمكنه من قيادة معارضة في الشمال، لأنه في الأصل جزء من هذه الحكومة، رفض أو أبى، وأظنه قد نسي أيضاً أن الحركة الشعبية لم تقم أصلاً لمناهضة الإنقاذ، ولم ترفض مقابلة رئيسها مثلما فعلت مع الصادق المهدي في 1988، والإنقاذ هي الحكومة الوحيدة التي وقعت معها اتفاقية.. فيا أيها العائد المذبوح فرفر بعيداً.. فالشعب السوداني أذكى من أن تلعبوا عليه لعبة ساذجة لتجلسوا على كراسي الحكم، فزمانكم قد انتهى والتاريخ في انتظاركم والفرصة للشباب فقط.