الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغيير بين الاصلاح والثوره فى الفكر السياسى الاسلامى
نشر في الراكوبة يوم 04 - 02 - 2011


د.صبرى محمد خليل استاذ الفلسفه بجامعه الحخرطوم
[email protected]
التغيير: التغير لغه اشتقاق من ماده (غَيَّرَ) والتى تدورعلى أصليْن: الاول إحْداث شيء لم يكن قبلَه. والثانى انتِقال الشيء من حالةٍ إلى حالة أخرى ( التعريفات، الجرجاني، باب التاء، مادة التغيير – التغير) و (لسان العرب، ابن منظور، حرف الراء، مادَّة غير).
اما اصطلاحا فهو تحول بدون اضافه ( تغير)، او من خلال الاضافه(تغيير).
وقد اعتبر منهج المعرفه الاسلامى ان التغير هو سنه الهيه كليه تضبط حركه الوجود الشامل للطبيعة المسخرة والإنسان المستخلف:
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ)..
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مكين ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ).
(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11].
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الأنفال: 53].
غير ان التغير كقانون نوعى يضبط حركه نوع معين من انواع الوجود ، هو الذى يحدد لنا شرط فعالية التغير كقانون كلى فيه، فهو ياخذ شكل تحول بدون اضافه فى الطبيعه المسخره ( تغير) كما فى الايتين الاولى والثانيه. كما ياخذ شكل تحول من خلال الاضافه عند الانسان المستخلف( تغيير ) كما فى الايتين الاخيرتين.
وياخذ التغيير فى منهج المعرفه الاسلامى شكل تكوينى يتمثل فى حل الانسان لمشاكله المتجدده من خلال ثلاثه خطوات هى المشكله ، الحل ، العمل. وشكل تكليفى يحدد الشكل التكوينى السابق فيكمله ولكن لا يلغيه ، فيكون بمثابة ضمان موضوعي مطلق لاستمرار فاعليته ، حيث يحدد نوع المشاكل التي يواجهها الانسان، وطرق العلم بها ونمط الفكر الذي يصوغ حلولها ،وأسلوب العمل اللازم لحلها.
انماط التغيير: والتغيير كسنه الهيه قائم على السببيه ، اى تحقق المسبب (الاثر) بتحقق السبب(العله)، وتخلفه بتخلف السبب (العله) . وبناءا على هذا فان سنه التغيير الالهيه يمكن تعويق فاعليتها (بعدم الالتزام باسبابها وعللها) ، ولكن لا يمكن الغاء حتميتها( اى لايمكن الغاءعلاقه التلازم بين عللها واثارها )، وبناءا على هذا فان للتغيير نمطين ، النمط الاول هو الاصلاح ، وهو نمط التغيير الاساسى (الاصل) فى منهج التغيير الاسلامى، لانه تعبير عن اضطراد التغيير كسنه الهيه ، كما انه تعبير عن المشاركة كسنة إلهية تضبط العلاقة بين الناس مضمونها تبادل العلم بمشكلة مشتركة ثم تبادل المعرفة بحلولها المحتملة ثم تعين القرار الذي يرى كل مشارك انه الحل الصحيح للمشكلة ، وقد عبر القران عنها بمصطلحات ايجابيه كالتأليف(واذكرو نعمه الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )(13: آل عمران) والتعاون( وتعاونوا على البر والتقوى )(2: المائده)و الموالاة(المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)(7: التوبة) . والنمط الثانى هو الثوره ، وهو نمط التغيير الثانوى (الفرع) فى منهج التغيير الاسلامى، لانه يجىْ كمحصله لمحاوله تعويق فاعليه سنه التغيير الهيه. ولانه تعبير عن الصراع الذى يوجد عند تعطل فاعليه المشاركة كسنه الهيه ، فهو عقبه أمام التطورالاجتماعى من خلال حل المشاكل المتجدده وغايته إلغائه ، وقد عبر عنه القران فى كثير من المواضع بمصطلحات سالبه منها البغضاء( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء)(91: المائدة) والعدوان(ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) (2: المائده).
الاصلاح: وردت الاشاره الى مصطلح الاصلاح فى القران الكريم كما فى قوله تعالى (ان اريد الا الاصلاح ما استطعت)(هود:88). والمفهوم الاسلامى للاصلاح هو التغيير من خلال نظام قانونى تتوافر فيه امكانيه التغيير ، فهو تغيير تدريجى جزئى سلمى يتم من خلال نظام قانونى تتوافر له الشرعيه التكليفيه (نظام قانونى اسلامى)والتكوينيه( السلطه فيه جاءت من خلال بيعه صحيحه باعتبارها عقد اختيار لم يدخله اجبار، وهى نائب ووكيل عن الجماعه لها حق تعيينها ومراقبتها وعزلها)، فهوشكل من اشكال مراقبه السلطه.
ومن ادله الاصلاح اى التغيير التدريجى السلمى واولويته كنمط التغيير قوله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، ليس بعد ذلك من الإيمان شيء) (صحيح مسلم رقم 78).
وياخذ الاصلاح كنمط للتغيير اشكال عده اهمها التقويم الذى عبر عنه ابوبكر الصديق (رضى الله عنه) بقوله (إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني). والتقويم يعبر عن موقف يتجاوز كل من موقفى الرفض المطلق والقبول المطلق الى موقف نقدى قائم على اخذ وقبول الصواب، ورد ورفض الخطا، فهو نقد للسلطه لتقويمها اى بهدف الكشف عن أوجه قصورها عن أداء دورها .
ومن اشكال الاصلاح النصح لقوله (صلى الله عليه وسلم)(لدين النصيحة ، قيل : لمن يا رسول الله !؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) يقول الباقلاني بعدما ذكر فسق الإمام و ظلمه ... بل يجب و عظه و تخويفه ، و ترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي الله)(التمهيد 186).
الثوره : وردت الاشاره الى مصطلح الثوره بمعناه اللغوى اى القلب فى القران الكريم كما فى قوله تعالى(لا ذلول تثير الارض)(البقره:71) (اى لاتقلبها بالحرث القلب الذى يغيرها فيجعل عاليها سافلها)، وكما فى قوله تعالى(كانوا اشد منهم قوه واثاروا الارض وعمروها)(الروم:9) (اى قلبوها وبلغوا عمقها). اما المفهوم الاسلامى للثوره فهو التغيير خارج اطار نظام قانونى لا تتوافر فيه امكانيه التغيير. فهو تغيير فجائى وكلى يتم خارج اطار نظام قانونى لا تتوافر له الشرعيه التكليفيه والتكوينيه ، ورغم استخدام بعض المتقدمين لمصطلح الثوره فى التاريخ الاسلامى كقول ابن الازرق عندما دعا اصحابه الى الحاق بثوره عبد الله بن الزبير بمكه لنصرتها والدفاع عن بيت الله الحرام(وهذا قد من قد ثار بمكه فاخرجوا بنا نات البيت ونلق هذا الرجل) (محمد عماره ،الاسلام وضروره التغيير، كتاب العربى، 1997 ،ص 11-17) الا انه قد عبر عن الثوره بمصطلحات اخرى كخلع السلطان الجائر.
التغيير وانماطه عند اهل السنه: اما اهل السنه فهم يتفقون على وجوب الاصلاح( التقويم والنصح...) كنمط اساسى للتغير، كما اتفقوا على وجوب الثوره كنمط للتغيير فى حاله انتفاء الشرعيه التكليفيه( ككفرالحاكم اوعدم التزامه بالشرع مع انكاره له) لورود النصوص الداله على ذلك ومنها عن عبادة بن الصامت قال دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما أخذعلينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان)( صحيح البخاري رقم 6647)، ولكنهم اختلفوا فى الثوره كنمط للتغيير فى حاله انتفاء الشرعيه التكوينيه( كالبيعه التى يدخلها اجبار او الامام الظالم او الفاسق) الى مذهبين :
المذهب الاول (عدم الجواز) : يرى عدم الجوازالثوره على الحاكم الظالم اوالفاسق ، ويستدل بادله منها قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )﴿النساء: ٥٩﴾. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم (إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع ) ، قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم قال ( لا ما صلوا ) (صحيح مسلم رقم 4907).
يقول الامام ابن تيمية ( والصبر على جور الأئمة أصل من أصول أهل السنة والجماعة)( مجموع الفتاوى ، 28 ) . ويقول الامام الأشعري( و يرون الدعاء لأئمّة المسلمين بالصلاح و أن لايخرجوا عليهم بالسيف)( مقالات الإسلاميين 323) .
و هذا المذهب مبنى على سد الذرائع ، اى المنع ترجيحا للمفسده المترتبه على خلع الحاكم الظالم ، والمتمثله فى الفتنه والفوضى التى قد تلزم من خلعه، على المصلحه المتحققه من خلعه .
يقول البزدوي ( إذا فسق الإمام يجب الدعاء له بالتوبة ، ولا يجوز الخروج عليه لأنّ في الخروج إثارة الفتن و الفساد في العالم)( أصول الدين 190 )
يقول النووي ( قال العلماء وسبب عدم انعزاله، وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء ، وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه ) (شرح صحيح مسلم 12229 [31)
المذهب الثانى(الجواز) : يرى جوازالثوره على الحاكم الظالم او الفاسق ، ويستدل بادله منها قوله تعالى ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )﴿آل‌عمران: ١٠٤﴾. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم (ما من نبي بعثه الله قبلي إلا كان له من أمته حواريون ، وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف ، يقولون مالا يفعلون ، ويفعلون مالا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) [39]. قال ابن رجب معلق على هذا الحديث : ( وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد ) [40].
ومنها ماروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال في مجلس وحوله المهاجرون والأنصار( أرأيتم لو ترخصت في بعض الأمور ما كنتم فاعلين ) فسكتوا فقال ذلك مرتين ، أو ثلاثا ، فقال بشر بن سعد( لو فعلت ذلك قومناك تقويم القدح ) (القدح : ومنه الحديث \" كان يسوي الصفوف حتى يدعها مثل القدح \" أي مثل السهم أو سطر الكتابة. النهاية (4/20) ب)، فقال عمر(أنتم إذن أنتم إذن ) ( كنز العمال لعلاء الدين بن الهندي 5 / 687 . العقد الفريد 2 /100 فيض القدير شرح الجامع الصغير 2181 ( 2 / 416 )
يقول الإمام الجصاص وكان مذهبه رحمه الله ( أي الإمام أبي حنيفة) مشهوراً في قتال الظلمة وأئمة الجور)( أحكام القرآن للجصاص 61 ).
و ذكر ابن العربي من أقوال علماء المالكية ( إنما يقاتل مع الإمام العدل ، سواء كان الأول ، أو الخارج عليه ، فإن لم يكونا عدلين ، فأمسك عنهما إلا أن تراد بنفسك ، أو مالك ، أو ظلم المسلمين فادفع ذلك )( أحكام القرآن)
وقد ذكر أبن أبي يعلى في ذيل طبقات الحنابلة عن الإمام أحمد في رواية ) من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامة ، وإن قدرتم على خلعه فافعلوا )( طبقات الحنابلة).
ومن علماء الحنابلة الذين ذهبوا إلى القول بخلع الجائر ، ابن رزين ، وابن عقيل ، وابن الجوزي (الإنصاف للمرداوي 10 311).
ويقول الإمام ابن حزم ( وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكل من معه من الصحابة، وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وطلحة، والزبير، وكل من كان معهم من الصحابة. ... وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء كأبي حنيفة، والحسن بن حي، وشريك، ومالك، والشافعي، وداود، وأصحابهم. فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث، إما ناطق بذلك في فتواه وإما فاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رأوه منكراً(.
ومن الواضح ان الحكم بالمنع او الايجاب فى المذهبين مبنى على قاعده سد الذرائع وفتحها يقول القرافي ( اعلم أنَّ الذريعة كما يجب سدّها ، يجب فتحها وتكره وتندب وتباح ؛ فإن الذريعة هي الوسيلة ، فكما أنَّ وسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب واجبة ؛ كالسعي للجمعة والحج ) (شرح تنقيح الفصول، ص449 ) ، فالمذهب الاول كما ذكرنا قال بالمنع سدا للذرائع ، اى ترجيحا للمفسده المترتبه على خلع الحاكم الظالم على المصلحه المتحققه من خلعه، وقال المذهب الثانى بالايجاب فتحا للذرائع ، اى ترجيحا للمصلحه المتحققه من خلع الحاكم الظالم على المفسده التى قد تلزم من خلعه. وبناء على ماسبق فان الحكم بمنع او ايجاب الثوره على الحاكم الظالم اوالفاسق هو اجتهاد لان مصدره قاعده سد الذرائع وفتحها، وهى احد مصادرالشريعه التبعيه ، و ليس اصل من اصول الدين، والتى لايباح الخلاف فيها، والتى مصدرها مصادر الشريعه الاصليه. ويمكن الجمع بين المذهبين بالقول بان الحكم بالمنع او الايجاب انما يكون طبقا لرجحان المفسده التى قد تلزم من خلع الحاكم الظالم ، او المنفعه التى قد تتحقق من ذلك، وبالتالى الحكم بالمنع على درجاته من كراه او تحريم حسب درجه المفسده التى قد تلزم من ذلك، والحكم بالايجاب على درجاته من اياحه واستحباب ووجوب حسب المصلحه التى قد تتحقق من ذلك.
التغيير وانماطه عند الفرق الاخرى: قال الخوارج بوجوب الخروج على السلطان الجائر ، وهم يرون ان الثوره هى النمط الوحيد للتغيير، وبالتالى يرجحون كفه الثوره على كل المحاذير،و يرفضون الاصلاح كنمط للتغيير،.
اما المعتزله فقالوا بالخروج على السلطان الجائر انما يكون بشرطى التمكن ووجود الامام الثائر.
اما المرجئه فقالوا بتحريم الخروج على الحاكم الكافر والظالم والجائر، ويترتب على مذهبهم انكارالتغيير بانماطه المختلفه (الاصلاح والثوره) لأن هذه الفرقة ترجي (تؤخر) عقاب العصاة إلى يوم القيامة. وتقول ( لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة) أي أن المؤمن يظل مؤمناً مهما ارتكب من المعاصي كما يظل الكافر كافراً مهما قام بأعمال صالحة، وقالوا (إن الإيمان اعتقاد، وان من أعلن الكفر بلسانه وعبد الأوثان أو لزم اليهودية والنصرانية في دار الإسلام وعبد الصليب وأعلن التثليث في دار الإسلام ومات على ذلك فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عز وجل ومن أهل الجنة).
اما الشيعه الاماميه فقالوا بعدم جواز الامامه، او الخروج على السلطان الجائر ، او صلاه الجماعة...إلا بعد ظهور المهدي،هذا الموقف السلبي حاول الخومينى تعديله ( في المجال السياسي) بقوله بنظريه ولاية الفقيه (الخومينى، الحكومة الاسلاميه، ترجمه حسن حنفي،القاهرة،1975) ، والتي تلقى معارضه حتى من داخل المذهب الشيعي باعتبارها دخيلة عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.