:: ومن محن الحكومات، في ذات تشكيل وزاري في عهد البشير، قال أحد كباتن المؤتمر الوطني مُباهياً الاُمم : (مُراعاة لأشياء، تنازلنا عن وزارات مهمة للشُركاء)، وكان الشُركاء بعض أحزاب بورتسودان، وحركات لاتملك حتى بنادق صيد، و ( ناس ساي)، بلا حزب أو حركة، مثل إبراهيم ميرغني الذي لم يكن في سيرته المهنية غير أنه من آل بيت الميرغني ..!! :: ومع ذلك غضبت، ليس للشُركاء، بل للتصنيف الجائر الذي ارتكبوه في وزارات الدولة، ثم على المتحدث الذي حدّثته نفسه بان السودان أصبح مِلكاً حُراً لحزبهم، ولذلك يملك حق التنازل والإهداء والتفضّل على الآخرين..وكتبت سائلاً : من أنتم؟، و أعلموا، لحين إنتخاب يحكم بين الناس، فإن تنازلكم هذا ما هو إلا تنازل من لايملك، لمن لايستحق..!! :: ثم تساءلت عن معنى وزارة المهمة، وهل هناك وزارة غير مهمة؟، و طالما هي غير مهمة فلماذا لا يتم التخلص منها؟..وعليه، تصنيفكم جائر أيها المُتكبر الأُممي، وكل مؤسسة فاعلة ومنتجة و تخدم الناس وليس المسؤول عنها فقط، فهي مهمة..كذلك كل مؤسسة خاملة وغير منتجة ولا تخدم الناس، غير مهمة.. فالمؤسسة تكتسب قيمتها من تأثيرها الإيجابي في حياة الناس..!! :: والصحة و الزراعة و التعليم العالي التي تم الإعلان عن وزرائها بالأمس، من المؤسسات التي لايختلفون فيها ولا يتعاركون، لأنها تُعتبر – بمفاهيم الجاهلية – غير مهمة..ومنذ الإستقلال، وحتى عهد كامل، لم يحدث أن حزباً طالب بوزارتي الشباب والزراعة، أو جماعة تمسّكت بالتعليم والصناعة، أو حركة إحتجت لعدم حصولها على الثقافة و الصحة ..لأنها وزرات غير مهمة..!! :: فالوزارات المهمة، حسب مفاهيم الجاهلية، هي الدفاع و الداخلية والمالية والطاقة والتعدين بعد إستغلال البترول وثورة الذهب، والرعاية الإجتماعية بعد تضخم موارد صندق الضمان و ديوان الزكاة، وهكذا .. فالمؤسسات المسؤولة عن حماية السُلطة و الموارد هي المهمة، ولو قدّر للمدنيين إختيار مُديري الشرطة و الأمن لإشتعلت الحرب عند كل تشكيل وزاري..!! :: نأمل هيكلة راسخة تُعيد لمؤسسات الدولة مؤسسيتها المفقودة، بحيث يصبح الرئيس و الوالي والوزير و المدير مجرد موظفين في الدولة، يعملون في إطار الجماعة، ولايتجاوزوا سياج القوانين وأجهزة الرقابة، وخاضعين للمُساءلة و المُحاسبة، و بهذا يُكبح جماح المفسدين و يُبعد الفاشلين، ويصبح الإختيار تكليفاً مرهقاً و ليس تشريفاً ومرتعاً.. !! :: فالسُلطة المُطلقة أصبحت (مفسدة مرغوبة)، وفي ممارستها يتصارعون.. و نأمل أن يستكمل كامل وزراء حكومته بذات السلاسة التي بها اختار وزراء الصحةو الزراعةو التعليم العالي..وحسب سيرتهم، معز عمر بخيت وعصمت قرشي و أحمد مضوي، فالدرجة العلمية العليا هي أبرز معايير إختيارهم، كلهم عُلماء في تخصصاتهم، و في أعلى سلم الرتب الأكاديمية ( بروفيسور)..!! :: مستقلون، وهذا لايعني أنهم ليسوا بسياسيين، بل هم ساسة مثل (الأربعين مليون نسمة)، ولكنهم ليسوا متحزبين، وهذا معيار مهم .. أما مواقفهم الوطنية، فهي مُشرّفة في دعم وطنهم في معركة المصير ضد الكفيل و جنجويده و صموده، وهذا المعيار مهم للغاية، ليطمئن الشعب على أن المسؤول لن يرتمي في أحضان العمالة و الارتزاق..!! :: ثم يبقى المعيار الأهم، والذي لن يظهر إلا بالممارسة، معيار الكفاءة.. فالكفاءة هنا لا تعني الدرجة العلمية، ولا سنوات العمل في التخصص، ولا دعم الجيش و حب الوطن.. فالكفاءة في هذا المقام تعني القدرة على إنجاز المهام بروح الفريق، وبأقل قدر من المال والجهد و الوقت.. وقادمات الأيام هي امتحان الكفاءة، و لحين النتائج فلاتفرحوا بهم و لا تغضبوا عليهم ..!!