تصفير العداد...وتوريث ...الأحقاد..الى متى؟؟؟ محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] الديكتاتورية الشمولية في الحكم تكاد تكون متطابقة أو متشابهة سواء كانت تحكم علي النمط العسكري المطلق وهي بالطبع باتت نادرة علي مستوي العالم كله ..أو تلك التي تلتف علي الديمقراطية باتباع نظام حكم الحزب الواحد الذي يتلاعب بشكليات التعددية الحزبية بما يشكل فارقا كبيرا في المسافة بينه وبين بقية الفعاليات التي تلهث وراءة للحاق به ..ولا تجني غير السراب.. فهو الذي يستأثر بامكانات الدولة المادية والعينية واللوجستية في تقوية بنيته للهيمنة علي دولاب الحكم معينا ومستعينا في ذات الوقت بطبقة التجار ورجال الاعمال الذين يربط مصالحهم بمشروعات الدولة بصورة مباشرة ويمنحهم الامتياز لتنفيذها دون التقيد بشروط المنافسة التي تراعي مصلحة الوطن وبالتالي يتشكل ايضا فارق مابين السواد الأعظم النزيه في ساحة الأقتصاد الوطني وما بين القلة الموالية من واجهات القطاع الطفيلي الداعم للحكم وحزبه والمدعوم منهما في ذات الوقت...هذا من جانب ومن ناحية أخري فان عالمنا العربي والافريقي قد شهد ظواهر عدة لتوريث ابناء رئيس الحزب والنظام الحاكم القيادة بعد ذهاب الوالد في رحاب الله ..اذ ان مسألة التنحي أو الاستقالة هي ظاهرة لم تحدث علي المدي القريب.. فقد ورث جوزيف كابيلا عن والده الذي اغتيل في جمهورية الكونغو الديمقراطية وشهدت أكثر من دولة افريقية هنا وهنا الظاهرة نفسها .. فيما انتقلت السلطة الي بشار الأسد في سوريا بعد وفاة الأسد الوالد بصورة تلقائية اذ يبدو ان الأمور كانت مرتبة بطريقة جيدة لتسهيل عملية الانتقال..هذا فضلا عن تمكن بعض اولياء العهود في عدد من الممالك والدول الاخري من استخلاف ابائهم وفقا لنظم تاريخية تتيح لهم ذلك بالتراضي الدستوري و الأسري .. ولكن العقد الثاني من الألفية الثالثة يبدو ان رياحه قد اتت بما لا تشتهي سفن التوريث لاسيما بالنسبة للنظم الجمهورية هنا وهناك ..فاطاحت تلك الرياح باحلام وطموحات السلف.. ومن اعده للخلف.. فالهبة المصرية التي وضعت النظام المصري الحاكم حزبا وحكومة كالريشة في وجه العاصفة الشعبيه التي كانت أول نتائجها ان طارت ورقة توريث الرئيس حسني مبارك لابنه الذي اعده لخلافته طويلا..ما لبثت ان جعلت لفحتها توقظ رئيس اليمن علي عبد الله صالح ..ليعلن الا رئاسة دائمة ولا ترشيح لمدة قادمة ولا توريث لابنه ولا تصفير للعداد..وهو مصلح مستخدم في منطقة الجزيرة العربية والخليج واليمن كناية علي اعادة عداد السيارة الي الصفر لاخفاء الالاف الكليو مترات التي قطعتها لتبدو جديدة في تحايل وتدليس علي من يشتريها من صاحبها..وهو تعبير بليغ دخل الي قاموس السياسة في اشارة ذكية الي محاولات بعض انظمة الحكم الشمولية تجميل وجهها باجراءات وقرارات سطحية لا تمس الجوهر في تحول سياسات النظام وليس لها تاثير في حياة المواطن الذي يتوق الي تغيير حقيقي علي مستوي الحريات السياسية والضغوط المعيشية والممارسات الامنية ..وفك الاحتكار الاقتصادي المجير لصالح الموالين للحكم قفزا فوق كل الضوابط القانونية التي تحكم عملية التنافس الحر بينهم وبين الاخرين كما اشرنا سابقا.. فتكون غالبا لمسات المكياج علي وجه النظام ذات دوافع تهدف الي اطالة عمر ه في الحكم بتصفير العداد .. ولعل العبارة الاخيرة تنطبق تماما علي نظام الانقاذ الحاكم في سوداننا الحبيب..الذي بلغ به الاستخاف ومن خلال التصريحات والخطابات المتحدية لكافة الفعاليات الوطنية التي تحاول رغم عدم تكافؤ امكانتها للحركة مصارعة ذلك النظام الذي يتمادي في استغلال ضعفها وقلة حيلتها با ختراقها تارة ..وبمحاولة استمالة القاصية من شواردها أو بالسخرية من عدم مقدرتها وتحديها ..متجاوزا في غروره وصلفه ذلك الحد ليقفز الي الاستهزاء بنية الشعب ومململته نحو الانتفاض والتغيير..نائيا بنفسه أي النظام عن المقارنة بينه وبين النظم التي اطاح بها غضب الشارع او تلك التي تترنح علي سرجها في مكابرة وعناد يأبي السقوط الذي اصبح حدوثه مجرد مسالة وقت ليس الا.. واذا كان نظام الانقاذ قد التقي مع تلك الانظمة في جانب تصفير العداد..فان اختلافه في جزئية التوريث ايضا ليس كبيرا ..فليس بالضرورة ان يكون التوريث لابن الحاكم أو شقيقه او حتي زوجته.. فقد ورثّت الانقاذ السودان غرسا من الاحقاد وغابات من الفساد وتلالا من الحواجز مع العالم الخارجي ..وندوبا علي الاض باعدت مابين تماسكها الازلي ..وتشققات تنبيء بالمزيد من التباعد اذا ما قدر لهذا النظام ان يسدر في غيه وتعاليه ..وخطط الغائه لعقول الاخرين لاسيما شباب المستقبل الذين دعاهم في استعلاء لبرمجتهم وفقا لايدلوجيته المتنطعة التي اثبتت فشلها الجهادي ..وتخبطت في شريعة الدغمسة ..وانبطحت امام القوي الكبري بعد ان انكسرت شوكتها ..وتاهت في اخفاقات تنميتها الكارثية.. ولم تسلّم رغم كل ذلك بوفاة مشروعها الانتهازي الذي اصدر في حقه واقع الحال ..شهادة وفاة.. تقتضي ان يتبع الشعب السوداني خطي الزحف القديم الذي سبق ثورات تونس ومصر وململة اليمن بعقود..فقد نادى المؤذن حيى الي التغيير بل واجتثاث .. توريث الاحقاد .. وتصفير العداد لنخلص الي تكسيره حتي لا يزيد كيلومترات أخرى في مسيرة النظام نحو تحطيم ما تبقي من البلاد وأحلام العباد ..ولا يبقى حتي شهورا في عمره الذي طال به المقام كضيف ثقيل غير مرغوب في بقائه بين ظهرانينا .. فمتى نفعلها ..ثالثة.. والثاثة ثابتة ..علي رأي المثل .. والله المستعان وهو من وراء القصد...