الصادق المهدي الشريف [email protected] السيد كرم الله عباس الشيخ والي ولاية القضارف قال إنّ جرائم الأجانب قد زادت في ولايته بصورة تدعو الى القلق. والأجانب الذين يقصدهم كرم الله ليسوا من أوربا أو حتى من آسيا... بل هم جيرانه الذين ضاقت عليهم سبل العيش في بلدهم، فلم يجدوا بُداً سوى الهجرة شمالاً. وما يدفعهم الى الهجرة للسودان ليس ضيق العيش هناك فحسب، بل ما يسمعونه من أحاديث (مُضللة) بأنّ السودان صار دولة بترولية، فجاءوا وهم يتوقعون أن يرون العُقالات في شوارع وطرقات وأزقة القضارف وكسلا. وما دروا أنّ السودانيين يسمعون هم ايضاً بأنّ دولتهم صارت دولة بترولية، وأنّ بعضهم منذ بداية تصدير البترول اشتروا العقالات وحبسوها في (دولايبهم) في إنتظار خيرات البترول، وهي خيرات سخر منها الدكتور حسن الترابي :(البترول خرج من حفرة الأرض... ودخل في حفرةٍ أخرى)... وأشار الى جيبه، في غمزٍ مفهوم. بيد أنّه... إذا كان والي القضارف يظنُّ أنّ الجرائم – جرائم الأجانب – في ولايته قد وصلت حداً لا يُطاق، فإنّه يجب أن يعد نفسه للأسوأ. فمعظم الشباب اللاجئين في المعسكرات، كانوا يكتفون من لجوئهم بما تقدمه لهم الأممالمتحدة عبر برنامج الغذاء العالمي من وجبات لا تسد طموح شباب يتوق الى حياة أكرم. لكن الخبر الذي ما زال طازجاً هو أنّ برنامج الغذاء العالمي (التابع للأمم المتحدة) في طريقه لإيقاف تلك الوجبات عن الشباب، بسبب ضغوط مالية نتجت عن عدم إيفاء المانحين بإلتزاماتهم إتجاه البرنامج الأممي، وبالتالي عدم مقدرة البرنامج على الوفاء بتعهداته اتجاه المفوضية السامية لشئون اللاجئين. البرنامج قال في خبر نشرته التيار في الإسبوع السابق أنّه سوف يواصل دعمه للاجئين الصغار – ما دون سنِّ الثامنة عشر – ويقفز فوق الكثير من الأعمار ليقدم خدماته للعجزة والمسنين – فوق الخمسين – فقط. وبهذا فإنّ اللاجئين من سنِّ التاسعة عشر الى سنّ التاسعة والاربعين لن يجدوا داخل المعسكرات ما يسدوا به أنين بطونهم الجائعة. فما الذي سيفعلونه ياترى؟؟؟. هل سيجلسون في المعسكرات ينتظرون أقدارهم؟؟؟. هل سيرفعون (عريضحال) للأمم المتحدة تطالب بإرجاع الوجبات؟؟؟. كم سيطولُ صبرهم؟؟؟. الإحتمال الأقوى أنّهم سيخرجون من معسكراتٍ لا طعام فيها ويدخلون الى القضارف وكسلا... رجالٌ مفتولي العضلات يشقون الصخور بايديهم لو استدعى الأمر. ونساءٌ يائسات من اوضاعٍ دفعتهم خارج بلدانهم، وألقت بهم في معسكراتٍ تضنُّ عليهم بالقِرِّ الذي يبقيهم – يادوب – على قيد الحياة، و(قد) لا يجدنَّ بُداً سوى دفع الجوع بال(.....). هذا عن لاجئيي المعسكرات، لكنّ النقاط الحدودية تستقبل أكثر من مائة لاجئيٍّ في اليوم الواحد... هذا غير التهريب وما أدراك ما التهريب. وعلى هذا فإنّ كرم الله ليس وحده الذي سيشكوا من إزدياد معدّل جرائم الأجانب، بل ولايات أخرى سوف يطالها (طرف السوط). من الرشد أن تدرك الحكومة المركزية أنّ ما يحذر منه كرم الله ليس مشكلة تخص ولايته الطرفية وحدها، بل مشكلة قومية سوف تتغلغل في النسيج الإجتماعي كله. وإذ لم يتمّ تداركها بسرعة وبحزم مع الجهات الدولية والداخلية فسوف يصحوا قادة البلاد ليجدوا أوضاعاً كارثية لا يمكنهم تداركها... أوانذاك. التيار