زاوية حادة بركاتك يا ابو الجعافر جعفر عباس خلال الإجازة التي قضيتها مؤخرا في السودان، حلّت البركة على القريب والبعيد، فالرئيس التعيس شيخ الهاربين بن علي ظل يتلطش من مطار الى آخر مادا يده: لجوء لله يا محسنين، فقالوا له في مالطة وفرنسا بلا بطيخ بلا محسنين، وبالكتير نعطيك شوية بنزين و»حِل عن سمانا».. وقضيت في الخرطوم أياما طويلة وأنا أرابط مع بواسل ميدان التحرير في القاهرة، ثم زهجت: يا جماعة سليتو روحنا.. روحوا ع القصر الرئاسي وخلصونا من «نحسي مشؤوم»، ويا ريت بالمرة تتخلصوا من تامر حسني! دنيا عجيبة: قبل خمسة أسابيع بالضبط أرسلت مقالا الى «الرأي العام» لطشته من ساخر مصر الأول بلال فضل يتحدث فيه عن بركات مبارك وولي عهده جمال، ولم ير المقال النور لأن به تجريحا لرئيس دولة شقيقة «والمسألة لن تعدي على خير»، وهكذا قررت الجريدة ان تبعد عن شر جعفر وتغني له، ولكن بعد سقوط سي بعجر.. كان أول ما انتبهت له عندما بلغت الثورة الشعبية في مصر عنفوانها أن جمال مبارك «أكل هوا».. وليد قام من نومه ولقى كومه، ولا يعرف موقع شبرا ولا العتبة حتى لو استخدم قوقل إيرث، ولم يسمع بالكشري، وكان يتهيأ لحكم مصر.. ووقف الرئيس الحاصل على دكتوراه في العناد (حسب تعبيره) متوسلا أن يتركوه في الخدمة حتى نهاية عقد عمله في سبتمبر واعدا الشعب بأن يجعل له البحر طحينة! اشمعنى النوبة دي طلبت: استحملوني كمان 8 أشهر؟ وكنت كل كم سنة تجدد عقد خدمتك بموجب فيلم هندي ركيك.. خلاص يا سيدي خليك في شرم الشيخ حيث النداوة والطراوة وما تقلقش فعن قريب سيكون لك جيران من الجماعة الذين كنت تلتقي بهم في مؤتمرات القمة وتلعبوا شيش بيش بدل ما كنتم تلعبوا بالشعب والجيش. ولأن قلبي على وطني فقد كان بدهيا أن ينال نصيبا طيبا من بركاتي، فقد وصلت الخرطوم في 8 يناير المنصرم، وبعدها بنحو عشر ساعات كان انفصال الجنوب قد بات مؤكدا ومحسوما، وتخلص الشمال السوداني من عبء ثقيل، وما أكد لي ان انفصال الجنوب نعمة وخير وبركة، ما قرأته في عدد هذه الصحيفة ليوم الأربعاء «9 فبراير الجاري»، فقد أبلغ مسؤول طبي رفيع الصحيفة أن انفصال الجنوب يعني تخلص السودان الشمالي من «17» مرضاً وبائياً من بينها شلل الأطفال والإيدز والسل والكلازار والتهاب السحايا ووفيات الأمهات والأطفال!! لو كنت اعرف ان كل هذه البلاوي من تحت راس الجنوبيين لشكلت «منبر السلام الظالم» قبل خمسين سنة!! واعتقد ان على المسؤول الطبي ذاك واجب أخلاقي بأن يبلغ الأممالمتحدة بأن جنوب السودان خطر على صحة بقية بني البشر وبالتالي لابد من محوه من الأطلس وتطهير سكانه فرعونيا وعرقيا!! ومنذ أسابيع والكلازار يحصد الأجساد في مناطق سنار وسنجة، ولكن هانت، ولا داعي لأي حملات طبية هناك، ففي 9 يوليو وعندما ينفصل الجنوب رسميا سيختفي الكلازار رسميا وشعبيا، ومن حقنا ان نستبشر بصيف استثنائي هذا العام لأنه لن يشهد حالات سحائي على ذمة ذلك المسؤول.. بس ما يحيرني هو ان السحائي وصل بريطانيا منذ عشرة أعوام فهل سيكون خلاصهم منه بفصل جنوبها (مقاطعة ويلز)؟ وهل من العقل ان يكون لنا تمثيل دبلوماسي في دولة الجنوب الوليدة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فإنني اقترح منع أعضاء بعثتنا الدبلوماسية هناك من اصطحاب عيالهم معهم كي لا ينقلوا إلينا «وباء» شلل الأطفال الذي سمعت من مصادر في هيئة الصحة العالمية أنه اختفى تماما مثل الجدري ? أجمل لافتة في ميدان التحرير بعد تنحي مبارك كانت «ارجع يا ريس.. إحنا بنهزّر» الرأي العام