بلا إنحناء فاطمة غزالي ثورات شعوب القرن(21) مثلما قهرت ثورة العمال الأروبيين الظلم والإستغلال ، والإستعباد الذي مارسته الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ضد الطبقة العمالية آنذاك ، ونجحت في كسب حقوقها المهضومة في القرن التاسع عشر ،ثورات القرن الحادي والعشرين أيضاً جاءت ببشريات النجاح في التغيير التي ترجمتها ثورتي (تونس ومصر). القرن التاسع عشر كان بداية طوفان التغيير في أروبا ، ومرحلة البحث عن حقوق العمال في العديد من الدول الأروبية خاصة بريطانيا التي كانت تضم أكبر تجمع عمالي صناعي ،ولم تسلم أمريكا وألمانيا وغيرهما من هذا الطوفان. وقد أحدثت ثورة العمال تغييراً شاملاً في مفاهيم رسختها ممارسات تلك الأنظمة ، ولم تكن معركة التغيير سهلة المنال لتلك النقابات العمالية التي تطلعت إلى لعب دور أكبر في مجتمعاتها ، والخروج من السلبية بكونها طبقة للعمل، فأول ما قاومته القوانيين التي تقف سداً منعياً أمام دورها في المجتمع، وكانت مناهضة طبقة العمال لقانون الإصلاح الذي صدر في العام(1867) وعزز سيطرة طبقة النبلاء على البرلمان، كانت المناهضة بداية الغيث للخروج من دوامة إنتهاك الحقوق، لأن قانون الإصلاح وضع حداً أدني من الملكية لمن يحق له الترشيح والانتخاب، مما يعني صراحة حرمان العمال من الحقوق المدنية ، ولكن نجاح العمال في إسقاط القانون دوّن عهداً جديداً في تاريخ الصراع السياسي بين طبقة العمال والحكومات ، مما قاد بدوره إلى تحولات اجتماعية، وإصلاحات سياسية، هُزمت أمامها قوانيين قمعية كانت تدفع بالعمال إلى حبل المشنقة في حال تخريبهم مصانع النسيج الجديدة في بريطانيا، التي استغنت حينها عن عدد كبير من العمال ،وخشية من ردت الفعل أصدرت قانون يعاقب العمال بالإعدام، وهذا القانون تصدى له اللورد الشاعر باروين بالنقد حينما نطق بمقولته الشهيرة (أوليس هنالك ما يكفي من الدماء في قوانينكم حتى تضيفوا إليها هذا القانون المدموم). ثورة التغييرفي القرن الواحد والعشرين، التي ضربت المنطقة الشرق أوسطية جاءت بعد يأس وطول إنتظار،و صراع سلمي مرير بين الحكومات الديكتاتورية ، ودعاة التغيير من الساسة والحقوقيين، صراع تمحور حول الحقوق الأساسية للشعوب بدءاً من الجيل الأول لحقوق الإنسان الذي يبدأ بالحق في الحياة إلى الجيل الرابع المطالب بالحق في البيئة السليمة من التلوث. إلا أن تلك الحكومات ضربت بمطالب الشعوب المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية عرض الحائط ،واعتبرت قادة دعاة التغيير متآمرين، وعملاء، يتطلعون إلى السلطة، وأن الحديث عن حقوق الشعب مجرد بوابة عبور إلى دهاليز الحكم، وظلوا يعيشون في هذا الوهم إلى أن كشرت تلك الشعوب عن أنيابها، وتسيدت موقف المطالبة بالتغيير ،ليست بالتي هي أحسن على ضوء تعديل قوانيين- إلغاء قوانيين، بل بالتي هي أخشن على نهج تغيير النظام بأكمله، بثورات شعبية جلها (تجرتقت) بالدماء بنسب متفاوتة، أعنفها ما يجري في ليبيا، وقد يكون المقبل في مناطق مرشحه كالسودان أكثر عنفاً، لكون السودان بلداً يسبح في بحر من الإحتقان السياسي المدني والمسلح، بلد مازالت جراح انقسامه تنزف دماً ، والحرب في غربه تشتد أوارها كل حين، والفرقاء الساسة مازالوا يبحثون عن مخارج، ولكن طوفان التغيير الذي أصبح يقوده شباب (فاتوا الكبار، والقدرهم) هل سينتظر عجلة دوران البحث عن معادلة توفيقية بين حكومة متمسكة ببرنامجها الإسلامي ومعارضة تريد حكومة قومية مدنية؟.