بسم الله الرحمن الرحيم تعقيبا على الأستاذ الدكتور تيتاوي نقيب صحافيي عموم أهل السودان بعنوان: السودان قيادة وقاعدة – صفة واحدة بقلم: صديق محمد إسماعيل. الأمين العام لحزب الأمة القومي. الأستاذ الدكتور تيتاوي هو صحافي بالأساس ولكنه معلم ومِعلم إعلامي ينبغي أن يكون حديثه موضوعيا وموزونا بميزان الذهب كما يقول القانونيون إذ أنِ ما يقوله أمثاله ينبغي أن يكون مرجعا ومرجعية لليوم وغدٍ وبعد الغد، كيف لا؟ وهو أستاذ شهدته يناقش الرسائل العلمية التي يجتهد الدارسون في عرضها لإقناعه وزملاءه من الأساتذة آخذين في الإعتبار ما يقولونه ويضيفونه من ملاحظات ومعلومات ولذلك ينبغي أن يأخذ الأستاذ تيتاوي وأمثاله من المرجعيات العلمية هذا في الإعتبار وهم يكتبون ويدونون الوقائع. أقول هذا بعد أن اطلعت على الموضوع المشار إليه أعلاه والمنشور بصحيفة آخر لحظة يوم الأربعاء الموافق 2/2/2011م الآتي:- أولا: يتحدث الدكتور تيتاوي عن أن الجنوبيين قد أدخلوا الشعب السوداني كله تحت وطأة الحرب والفقر منذ أن رفعوا أصواتهم يطالبون بحقوقهم المدنية التي تأسست على المواطنة دون سواها هذا غير صحيح إذ أن الحرب رغم تطاول أمدها إلا أنها ظلت قاصرة على الحكومة والمتمردين عليها في الجنوب ولم يكن لبقية أهل السودان سوى دور الداعم بقطاعاته الشعبية سواء مع أو ضد الحكومات المتعاقبة حتى جاءت حكومة الإنقاذ هذه بتطرفها وتشددها الذي فرض الحرب وأثارها على كل بيت وكل أسرة سواء كانت قناعتهم مع القتال أو الحوار أو المهادنة والبحث عن حل يتراضى عليه الناس، كيف لا؟ ولا زالت البكاسي والدفارات والشاحنات تختطف الصبية والشباب وتدفعهم لمعسكرات التدريب المستعجل ثم الرمي بهم في أتون حرب ضروس فأصبح أهل السودان كافة تحت مظلة أفقرت وأتمت ورملت ثم مزقت السودان من بعد ذلك . ثانيا: جاء في حديث الدكتور تيتاوي أيضا وهو يكتب مؤرخا لمسألة تقرير المصير فجاء حديثه مبتورا وغير واقعي ومدغمس بصورة لم تعطي مبررا واحدا لتصرف هذا العالم المرجعية المفترضة فهو يبدأ التأريخ لهذا الموضوع بالعام 1995م ومقررات أسمرا للقضايا المصيرية مدعيا بأنه أسس لذلك الأمر بينما هو يعلم تماما أن هذا الحدث بدأ في العام 1992م بفرانكوفورت على يد الدكتور على الحاج محمد وهو يحاول إحداث وقيعة بين مكونات الحركة الشعبية باستمالة مجموعة الدكتور لام أكول وريك مشار ودعم مشروع السلام في السودان من الداخل ثم عززها السيناتور الأمريكي في العام 1994 عندما قام بعمل مضاد لذلك، لتوحيد الحركة الشعبية حيث كان تقرير المصير هو الذي جمع بين الفصائل الجنوبية كرد فعل لواقعة فرانكفورت وعندما انعقد مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية .وجد نفسه أمام خيار توحيد المعارضة بانضمام الحركة الشعبية بكل مشروعاتها أو عدم تحقق ذلك فكان الإجماع الواعي والهادف لجعل المطلب سقفا يمكن تجاوزه بتحقيق حل سلمي لمشكلة الجنوب على أساشس يرجح كفة الوحدة ويبعد شبح الإنفصال وذلك وفق برنامج يعمل الجميع من أجله بكل الصدق والتجرد بعيدا عن الغفلة والمكر الذين ركن إليهما طرفي نيفاشا فكانت نتيجة ذلك ترجيح كفة الإنفصال كما هو الحال الآن. ثالثا: نعم عندما وُقّعت اتفاقية السلام الشامل بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية رحب حزب الأمة القومي بالمبدأ ولكنه أبدى تحفظات منطقية وطالب الشريكين أن يأخذانها في الإعتبار ومنها على سبيل المثال كما جاء في بيانه الأول أننا نرحب باتفاقية السلام الشامل الموقعة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لأنها أوقفت الحرب وإراقة الدماء بين أبناء الوطن الواحد ولكننا نبدي اثنين وعشرون ملاحظة ينبغي أن تؤخذ في الإعتبار منها: أن الاتفاقية وقعت بين حزبين وتحت مرجعية خارجية يرجى أن تعرض على مؤتمر سوداني جامع لتأخذ قوميتها وتكون لها مرجعية وطنية وأيضا أن اقتسام الثروة على أساس البترول خطأ كبير إذ أن ذلك سيكون سببا لترجيح كفة الإنفصال حتى يستأثر الجنوب بعائدات النفط كاملة ولكن إذا جعلت الثروة السودانية كلها زراعية ورعوية وصناعة تحويلية وبترولية ومعدنية أساس الاقتسام للثروة فإن نصيب الجنوب سيكون أكبر من عائدات النفط وأكثر استقرارا وذلك دافعا للعمل من أجل الوحدة وهكذا حتى آخر الملاحظات فإن تأييد حزب الأمة القومي لاتفاقية السلام لم يكن مطلقا وأعمى كما يصوره الأخ الدكتور وإنما كان واعيا ووطنيا وقارئا للمستقبل بعيني زرقاء اليمامة. نعم إن الإنقاذ بمكوناتها المسماة حكومة الوحدة الوطنية لم تدرك مقومات الوحدة والتي تتطلب أولا قبل كل شيء الوعي بالمخاطر وإدراكها والعمل الصادق والجاد للوفاء بالعهود والإلتزام الصارم بالمواقيت ولكن بدلا عن هذا ذهبت راكنة لغفلة عن مكر الطرف الآخر والذي ظل يؤسس لواقع الإنفصال بعناصر لم توالي الخرطوم ولم تسجل حضورا للعاصمة القومية منذ أن حملت السلاح حتى تاريخ الإستفتاء وإعلان نتائجه ولا أظنهم سيأتون إليها بعد الآن حيث أنهم من القائمين على الأمر، إن التعامل الفردي مع بعض القيادات الجنوبية بكل صور التعامل التي أدمنها بعضهم ستجعل الجنوبيون منقادون نحو الوحدة مدفوعين للدخول في الزريبة كقطيع يسوقه بعض القادة الجنوبيين وبين هذه الغفلة وذلك المكر تم \"تدقيس\" الشعب السوداني في جنوبه وشماله ولكنها \"دقسة\" سيفيقون منها قريبا وبدأت بوادرها تظهر من التمسك باسم السودان الجنوبي في اسم الدولة الوليدة والحديثة ثم الجنيه السوداني الذي عرفناه قبل أن نسمع بالدينار والدولار، ولابد من صنعاء وإن طال السفر. وأرجو أن لا يكون ذلك بالتونسية كما أشار الإمام الصادق المهدي وحذر. رابعا: إن الحديث عن الأسعار وزياداتها الأخيرة والتأريخ للحصار الإقتصادي على السودان منذ العام 1984م كان مدخلا غير سليم وغير حقاني إذ أن السودان لم يتعرض لهذا الأمر إلا في عهد الإنقاذ وكان ذلك بفعلها وأقوالها ومنهجها الذي سار به المتطرفون وحدا به المهووسون ودغمس به المدغمسون، كيف لا؟ والعالم كله منذ نهاية العقد الأخير من القرن الماضي بدأ يتحدث عن الأزمة الإقتصادية والتي ضربت أطنابها أمريكا أولا فسارع أوباما ومعه من الخبراء للتصدي لها بكل الواقعية والجدية وهي زاحفة على بقية الأمم، يحدثنا الدكتور صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان المركزي و وزير مالية السودان الزبير محمد الحسن يومئذ بأن السودان لن يتأثر بالأزمة الإقتصادية لأن الإقتصاد السوداني سليم وأن الموارد كافية لامتصاص أي انفلات لأثر من آثار الأزمة الإقتصادية العالمية ولذلك لم يُسمع للصوت بل الأصوات التي تنادي بتوجيه عائدات البترول نحو التنمية الزراعية والصناعات غير البترولية (التحويلية) حتى استيقظنا في يوم من أيام النصف الأخير من العام الماضي على طرقات على باب الإقتصاد السوداني فيخرج الدكتور صابر ويعود أيضا مفيدا أن الطارق هو الأزمة الإقتصادية العالمية وعلينا أن نستعد للمواجهة ولذلك لا مجال لأي من القائمين على أمر الإقتصاد السوداني دون الأخ على محمود إلا أن يعترفوا بقصورهم وفشلهم في دراسة الإقتصاد السوداني والتنبؤ بالمخاطر التي تحدق به لتلافيها حتى تحقق الوفرة والرفاهية وهي أولى مسؤولياتهم الوظيفية تجاه الأمة والوطن. خامسا: إن المعالجات التي طرحها الدكتور تيتاوي هي المطلوبة ولكن يجب أن يسبقها تبرأ الدولة من الشركات واحتكارها للامتيازات والحصانات الضريبية والجمركية السرية والعلنية ورفع سيف محاربة المفسدين لوقف الفساد والتصدي للجماعات الطفيلية التي نمت واستقلظت ثم طقت وبقت وتمددت على موائد الفقراء حتى أحالتها كيس مدمس وكوبا من الشاي السادة بعد أن نسفت صحون البوش وحدرت في صيجان الطعمية. أخيرا: قديما حذر بعضهم من ثورة الجياع والجوع كافر والكافر ما عندو قشاية مرة ولذلك فإن الحديث عن الذي حدث من حول السودان لن يحدث هنا؟؟. سوف يخدث وقد حدث من قبل وسيتكرر ذلك وإن كان المتربصون بالشعب وجياعه، أيقاظا لا ينامون كما يدعون فإن قول الله تعالى لا زال قائما يردده هؤلاء الجياع صباح مساء :( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ) . كسرة: وين يا دكتور ما شايفنك في مجلس جامعة نيالا؟؟ ولا درب الفيل غطى درب الجمل؟؟..