من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت. نعم فقد ولى زمن جبابرة السلطة وأجهزتهم القامعة للشعوب والتي تجزم بأن لا أحد يقهرها .. فهاهي الشعوب تتحدى الموت في جميع أنحاء البقاع العربية .. وهاهو الشعب اليمني يصمد رغم القمع والقتل الذي يتعرض له والشعب الليبي يقاتل حتى آخر رمق .. وها هو المجتمع الدولي يهب لنجدته .. ويرضخ الطاغية لوقف إطلاق النار رغم أنفه .. ويعرض التفاوض مع المعارضة. ومن كان يصدق أن الشعب السوري سينتفض ضد نظام الأسد .. فالأسد الأب سبق وأن قتل أبناء الشعب السوري في حماة بلا رحمة .. إذاً فكل الشعوب انتفضت ماعدا القليل .. ونحن من ضمنهم .. ورغم هذا كله لا تغتنم الحكومة الفرصة وتقوم بإصلاحات وخطوات استباقية لإنقاذ البلد من هذا الوحل الذي تغوص فيه .. ففي الوقت الذي يكافئ فيه الملك عبد الله شعبه براتب شهرين وبناء الآلاف من الوحدات السكنية وزيادة الحد الأدنى للرواتب إلى ثلاثة آلاف ريال وتكوين هيئة لمحاربة الفساد يرأسها الملك بنفسه .. تطالعنا الأخبار بمكافأة للشعب السودان بأن وصل سعر الدولار إلى ما يزيد عن 3500 جنيه والفساد يزداد سوءاً والسلطة تستأثر بخيرات البلاد .. والفساد يعشعش فوق رؤوس الجميع.. فكأن النظام في السودان يستفز الشعب السوداني ويشجعه على الثورة .. و ذلك مرده إلى أن حسابات النظام اتلخبطت، وهذه اللخبطة جعلته بلا إحساس .. وأصبح لا يهمه الشعب حتى ولو لم يجدوا شيئاً يأكلوه. فلماذا لا يريد النظام إصلاح الوضع السياسي والاجتماعي في السودان ويبحث عن حلول جذرية لمشاكل السودان ومخرج من هذه الأزمات .. ولماذا لا يستلهم عقلاء النظام الدروس والعبر من الأحداث الجارية في الساحة العربية .. أم أنهم استخفوا بالشعب السوداني وقدرته على التحرك. فنحن في وضع لا نحسد عليه فبدلاً من العنترية التي يقوم بها الرئيس والتي لا طائل من ورائها والزيارات الماكوكية وتقديم النصائح إلى جيراننا .. أفضل له أن يجلس مع أبناء شعبه ليرعى مصالحهم ويخرج البلاد من الأزمة التي دخلت فيها بسببه.. فإصلاح البيت الداخلي أولى من إصلاح شئون الآخرين .. والأقربون أولى بالمعروف ومن لم يستطع إصلاح أحوال شعبه فأنى له أن يصلح شئون الآخرين أو يقدم لهم نصائح .. وعلى الحكومة تقييم إمكانيات الشعب السوداني ومقدرته على النهوض كما فعل الآخرون .. وعدم الدخول في مناوشات مع الجيران الجيدين تضرنا أكثر مما تنفعنا .. فالمفرط أولى بالخسارة فإن كنتم حزينين على الجنوب فلماذا فطرتم فيها .. وعليكم تقدير المسئولية والتصرف بحكمة .. وتقديم المزيد من التنازلات وحل مشكلات السودان وإخراجنا مما وضعونا فيه .. وإلا فلا يلوموا إلا أنفسهم. محمد أبو شهاب – السعودية