(لا كيزان ولا أحزاب، الثورة نحن، نقوده شباب)!! تيسير حسن إدريس [email protected] على قدْر أَهْلِ العزمِ تأتي العزائمُ... فقرارُ شباب السودان الخروج إلى الشارع في الغد القريب، لتَّعبير عن مدى سخطهم وغضبهم من السياسات الظالمة، والعشوائية التي ظلت متبعة زهاء ربع القرن، من قبل نظام الإنقاذ وسدنته من تيارات الظلام السلفية، واكتوى بنارها شعب السودان وتقلَّب على جمر الفشل والإخفاق الذريع، والنظام سادرٌ في غيِّه، غير مكترثٍ ولا عابئ بدموع الأرامل، واليتامى المشردين من أبناء الغرب في دار فور، ولا بآهات ومعانات مرضى الدرن و أمراض الجوع وسوء التغذية في شرق البلاد، ولا بتوسلات وشفاعات طائفة من أهل الشمال، الذين رحلوا قصرًا عن أراضيهم وقراهم، وخربت ديارهم من أجل مشاريع (شوفوني) الفاشلة، بسبب التسرع وعدم الدراسة وإقصاء الكوادر المؤهلة من الخبراء والاستشاريين، مما جعل مرددوها نكالاً ووبالاً على أهل تلك المناطق المنكوبة والمنهوبة تحت مسمى التنمية. أما أهلنا في الجنوب والذين اختاروا – بعد أن قنعوا من خير فيها- وقرروا إغلاق الباب (البجيب الريح) علَّهم يستريحوا من رهق العصبة المتجبرة، ويبعدوا عن الشرِّ فارِّينَ بجلودهم ومغردين خارج السرب الوطني (فارق لا تلم أنا أهوى الألم)، ورغم هذا لم يسلموا وظلت العصبة تلاحقهم بمؤامراتها ودسائسها، الشيء الذي ينذرُ بعودة الحرب ونزيف الدم من جديد، ليصبح حال شعب السودان المنكوب، كمنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى ولا حول ولا قوة إلا بالله. كلُّ ذلك وغيرها من السياسات الرَّعْناء والمشينة؛ كاضطهاد النساء، وانتهاك شرفهن وكرامتهن، بالإضافة لكبت الحريات العامة، وتكميم الأفواه، ومطاردة الرأي المعارض، والاعتقال والتنكيل والقتل والتشريد لأبناء الوطن الشرفاء، وتفشي الفساد والنهب الفاحش للثروات، وإضاعتها وصرفها على مشاريع الهوس الجهادية؛ من شراء الأسلحة و تهريبها عبر دول الجوار، دعمًا لمنظمات إرهابية وسلفية في دول بعينها، مما يعد خرقًا فاضحًا للقوانين والشرائع الدولية، جرَّ على البلاد غضب المجتمع الدولي، وترك الوطن معزولاً في محنته، يتحاشاه البعيدُ، ويفرُّ منه القريبُ فرار المعافى من المجزوم، والعياذ بالله. فبعد كل هذا الذي أوْرَدنا وهو غيض من فيض زبد السياسات المترعة بالآثام والمثالب والمتبعة من قبل النظام وحاضنته الرسالية من جماعات الظلام السلفية، كان لابدَّ لفتية الوطن وشبابه الأوفياء من أن يتدافعوا خروجًا إلى الشوارع والساحات منتفضين على هذا الواقع البائس المأزوم ، سعيًا وراء التغيير، والحجر على تلك العصبة الباغية، التي فقدت رشدها وما زالتْ تصرُّ على جرِّ الوطن نحو الهاوية، غير عابئة حتى ببعض منسوبيها الذين استشعروا الخطر وأفاقوا من الغفلة وراحوا يبذلون النصح علَّهم يستطيعون (إنقاذ ) مشروعهم (الحضاري) من ورطته، وحفظ ماء وجه (الإخوان) الذين أرهقهم كثرة التلوُّن وتغيير المسمَّيات، حتى أضحى أمر ظهورهم على الساحة السياسية من جديد بمسمًى أو مظهرٍ آخر، ضربًا من المستحيل ومدعاةً لسخرية العامة. حتى لو غابت عنهم الذقون المطلقة والشوارب المحفحفة والعبارات المنمقة من (يا شيخنا إني أحبك في الله، إلى جزاك الله خير) وغيرها، فكيف تغيب عن ذاكرة الشعب مرارة وجرائم العهد الإنقاذي البغيض، وعموما لقد ملَّت عامة الجماهير هذا النفاقَ، وسئمتْ المظهرَ الحربائيَّ الكذوبَ، وما عادت تنطلي عليها تلك الشعارات المخادعة، التي في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب. إنَّ الجماهيرَ العريضة التي استوعبت الدرسَ، وزالت الغشاوةُ عن أبصارها... تطلب اليوم من قياداتها السياسية -التي ما زالت تظنّ خيرًا في الحوار مع هذا النظام- أن تنصرف عن ذاك العبثِ، وتكفّ عن تسويق المبررات السخيفة لتقاعسها، وتحسم أمرها وتحشد عضويتها ومناصريها، لدعم انتفاضة شباب التغيير في الحادي والعشرين من مارس، من أجل استعادة العزة والكرامة الوطنية، والتصدي لمشاريع النظام المدمرة، ومحاصرة آثارها إيذانا باقتلاعه من الجذور، وتخليص الشعب من نيره وعبثه. فالمواقفُ المهْتزَّة أو أنْصافُ المواقفِ من قِبَلِ أي من الأحزاب الوطنية، في هذا المنعطفِ الخطيرِ من تاريخ شعبنا، سيقذفُ به بعيدًا عن مَجْرَى الأحداث، ويجعلُ منه مجردَ كومبارسٍ بائسٍ على مسرح صياغة الحاضر، ويحرمه من لعب أي دورٍ سياسي في المستقبل، فقياداتُ الأحزاب اليوم عليها الاختيارُ ؛ ما بين معسكر الشباب الثائر طلبا للحق، أو مواصلة السرحان رعايةً (لغنم إبليس)، والركون لأحلام اليقظة وسراب الوعود الكاذبة، التي يدغدغ بها حواة الإنقاذ مطامعهم، ويلعبون على الذقون أملاً في شقِّ الصف الوطني وكسب الوقت، وعندها لابدَّ أنهم سوف (يروحوا في الرجلين مع الرايحين)، تحت هدير محرك قطار التغيير السريع الذي تحرك، وصدى هتاف شباب السودان المردد: (لا كيزانَ ولا أَحْزَابْ، الثَّوْرَةْ نَحْنُ ،نَقُودَهْ شَبَابْ)!!. تيسير حسن إدريس 20/03/2011م