قولوا حسنا الدستور القادم 1 محجوب عروة [email protected] بدعوة كريمة من القطاع الأقتصادى لولاية الخرطوم لحزب المؤتمر الوطنى استجبت السبت الماضى لحوار مفتوح لغير عضويته حول الدستور القادم وكان نقاشا حرا وعميقا ومفيدا ومتنوعا أدليت فيه برأيى كما الآخرين وسأحاول الكتابة حوله. أذكر عندما كنت عضوا فى اللجنة القومية لدستور 1998 أثرت مع آخرين فكرة دعوة ممثلين للمعارضة بالداخل والخارج لأشراكهم فى اللجنة حتى يأتى الدستور شاملا للجميع inclusive فيخرج دستورا دائما يقبله ويحترمه كل السودانيين ولكن للأسف رفض هذا الأقتراح الحكيم وضاعت على البلاد- كعادتها – فرصة ذهبية. وضعت الحكومة أمام اللجنة فترة شهرين فقط لوضع الدستور!! ولما اكتمل الشهران ولم نكمله حضر الينا السيد أحمد ابراهيم الطاهر موفدا من الشيخ حسن الترابى وقال كفى ما أنجزتموه وذهب به الى د.الترابى ليكمله!!؟ فكان دستور (التوالى) بديلا عما اقترحه الأعضاء بأن ينص صراحة على (التنظيمات السياسية والحزبية) كاعتراف رسمى ودستورى بالتعددية!؟ كما كان رأى كثيرين فى اللجنة ألا يكتب ويفصّل فى الدستور أسماء الولايات الستة وعشرون وعواصمها ويترك ذلك للقانون وفقا للمرونة والمتطلبات والجدوى الأقتصادية والسياسية والأدارية.. ولكن جاء دستور 1998 كأنه كتاب جفرافيا حدد كل الولايات وعواصمها لدستور جامد!! كما اقترح البعض ان ينص على وجود مجلس وزراء يرأسه رئيسه بجانب رئيس الجمهورية يحمل معه العبء وكانت الفكرة أن يحاسب الجهاز التنفيذى عن طريق مجلس الوزراء تضامنيا حيث أن رئيس الجمهورية عادة لا يقف أمام البرلمان الا لمخاطبته فقط وبذلك يتحقق أكبر قدر من الشفافية والمحاسبة والكفاءة والمنافسة بين القوى السياسية للجهاز ويحاصر الفساد ويقيم الأداء، وأطلقت على ذلك النظام الهجين (النظام البرلماسى). ثم حدث ما حدث بعد ذلك وجرت مياه كثيرة تحت جسر الأنقاذ وجاءت المفاصلة وأخيرا دستور الجمهورية الثالثة بعد نيفاشا عام 2005 وهو الدستور الأنتقالى الحالى الذى حدد فى المادة 226 أنه اذا تقرر الأنفصال فتستمر أبواب وفصول هذا الدستور ولكن يلغى كل ما يتعلق بالتمثيل والحقوق والألتزامات الخاصة بالجنوب.. ربما يكون ذلك مطلوبا من الناحية الدستورية والقانونية البحتة ولكنه أثار مشكلة فى المجلس الوطنى وتناقضا مع وضعية الجنوبيين فى مجلس الوزراء .. ولكن دعونا من هذا طالما اختار الجنوبيون الأنفصال والأستقلال ولكن ينشأ سؤال هام خالفت فيه الأستاذة بدرية سليمان فى حوار السبت وهو أليس من الضرورى الآن ونحن نعلم أنه بعد ثلاثة أشهر سيعاد صياغة الدستور من جديد، أليس من الحكمة أن تتفق الحكومة مع كل القوى السياسية و ممثلين للمجتمع المدنى خاصة الجيل الجديد من الشباب من الآن على تكوين لجنة قومية من القوى المختلفة ومعها لجنة فنية من المختصين فى القانون الدستورى والخبراء ليعكفوا فورا على صياغة مشروع للدستور القادم باعتبار أن ما حدث من ذهاب ثلث السودان وسقوط مواد دستورية كثيرة تستوجب صياغة مشروع جديد؟ هذا ما قصدته يا سيدة بدرية، ذلك أن ترقيع الدستور الحالى والذى لم تشارك فيه بقية القوى السودانية لن يكون محل تقدير وثقة واحترام للدستور الذى أهم ما فيه هو الأجماع والثقة المتبادلة والأحترام.. أواصل