قولوا حسنا مع بيان القوى السياسية محجوب عروة [email protected] اطلعت أمس على بيان القوى السياسية الذى أطلقت عليه ( نداء السودان) للمعالجة الشاملة لقضايا الوطن وذلك على خلفية أحداث النيل الأزرق الأخيرة وماأسمته بالمرحلة الحرجة التى تمر بها بلادنا سياسيا واقتصاديا وديبلوماسيا وتفاقمها.وذكر البيان التعرض المستمر للصحف والصحفيين وانتهاكات حقوق الأنسان وقمع الحريات وتردى الخدمات وغلاء الأسعار وانتهاك للدستور، وطالب البيان بالوقف الفورى للحرب والعمليات العسكرية والحملات الأعلامية التصعيدية والأعتراف بالحركة الشعبية قطاع الشمال كحزب سياسى له كامل الحق فى ممارسة العمل السياسى كما طالب البيان بتشكيل لجان تحقيقق.. الخ. عندما قرأت البيان أحسست بضعف شديد فى رؤى و تناول القوى السياسية لقضايا الوطن رغم اتفاقى على ما ورد فى البيان من اشارة للأزمات السياسية والأقتصادية والأخطار المحدقة التى تمر بها البلاد ولكن شعرت أن ثمة كلفتة شديدة فى صياغة البيان. كنت أتوقع أتوقع تحليلا أعمق لجذور وأسباب الأزمة الحالية والأعتراف بأخطاء المعارضة نفسها منذ الأستقلال ثم اقتراح الحلول الشاملة للخروج من هذا النفق الذى دخلنا فيه.. ماذا يجب أن يحدث وما هى خارطة الطريق الواجبة الأتباع وماذا وكيف ومتى نفعل وما هى آليات ذلك؟ كنت أتوقع مثلا أن تصر على قيام مؤتمر وطنى جامع للمكاشفة والمصالحة الوطنية الشاملة و مؤتمر قومى دستورى لأحداث نقلة نوعية فى النظام الحالى والأصلاح السياسى وتحسين اخلاقيات الممارسة السياسية للجميع وتكوين حكومة وحدة وطنية حقيقية من أهل الكفاءة والحيدة والقبول مع تمثيل لكل القوى السياسية لأدارة البلاد حتى قيام الأنتخابات القادمة مع تعديل كافة القوانين التى تعطل التطور السياسى والدستورى الطبيعى. ثمة ملاحظة هامة يجب أن تقال أختلف فيها مع بيان القوى السياسية اذ من غير المنطقى أن تطلب المعارضة من الحكومة الأعتراف بالحركة الشعبية ولا تطلب من الحركة أن تلتزم بالدستور وقانون تسجيل الأحزاب الذى يشترط عدم وجود قوات عسكرية للحزب وأن تلتزم بالحلول السلمية فما حدث فى جبال النوبة والنيل الأزرق كان لوجود قوات عسكرية للحركة الشعبية دور هام فى تفجر الأحداث بهذا النهج المأسوى. ان ما حدث من تفجر للأوضاع يرجع أساسا لقصور واضح شاب اتفاقية نيفاشا وفشل الحكومة والحركة الشعبية فى الأتفاق على الحلول لكافة القضايا واعتماد الحلول الجزئية وترك التفاصيل للشيطان وعدم اشراك القوى السياسية المعارضة والمجتمع المدنى المستقل فى اتفاقية السلام وكان الأفضل الأستفادة من مؤتمر المائدة المستديرة كتراث سياسى ومنهج حكيم باشراك الجميع فى حل مشكلة الجنوب ثم ما تلى ذلك من لجنة الأثنى عشر ثم لجنة الأحزاب ثم اللجنة القومية والفنية للدستور اللذان وضعا مشروع دستور 1968 وكان يمكن بالمزيد من الحوار والحكمة وبناء الثقة الأتفاق على الخلافات لولا قيام انقلاب مايو المشئوم الذى أوقف ذلك التطور السياسى والدستورى فدخل السودان فى بيات شتوى حتى اليوم وحل الأحتقان المستمر و نهج المكايدات و الثورات والأنقلابات محل الحلول السلمية... للأسف نحن السودانيون نكرر الأخطاء ولا نستفيد من التجارب ولا النصح نظنه معارضة. سياستنا الخارجية قرأت أمس تقريرا للمجلس الأستشارى لوزارة الخارجية الذى عقد مؤخرا والذى خلص لأهمية وضع استراتيجية جديدة لسياستنا الخارجية خاصة بعد انفصال الجنوب والمتغيرات العربية والعالمية الحالية. جميل أن ينظر المجلس لسياستنا الخارجية المستقبلية فهذا نهج جيد فى التفكير الأستراتيجى، ولكن هل يتفق معى السادة أعضاء المجلس الأستشارى أن أهم مكون للسياسة الخارجية الفاعلة والناجحة تنبع من الواقع الداخلى لأى بلد وقوة اقتصاده ومتانة نظامه السياسى وكفاءته وقوة نسيجه الأجتماعى وتوحد بنيه؟ الحق أقول أننا مازلنا بعيدين عن امكانية سياسة خارجية متينة فالسياسة الخارجية الفاعلة لا تبنى بالأمانى والشعارات وردود الأفعال.