/ السويد [email protected] تناولت في مقال سابق حال التعليم في كردفان وهو وضع يندي له الجبين خجلا واذا اردت الاستفاضة فيه فانه يحتاج الي مجلدات وندوات لتوضيح حالته الماسوية.وفي هذا المقال ساتناول معاناة اهلنا الطيبين في كردفان من قلة المياه اوانعدامها في معظم مدن وقري كردفان.والماء الذي جعل الله سبحانه وتعالي منه كل شئ حي يقضي مواطن كردفان الساعات وربما يوما كاملا حتي يتمكن من الحصول علي جوز ماء \"باغتي ماء\"...ومازال معظم اهلنا في كردفان يحصلون علي المياه من الأبار الجوفية التي يتراوح عمقها مابين اربعين الي خمسين مترا وربما تزيد في مناطق اخري اما البئر التي يقل عمقها عن ذلك فهذا يدل علي حسن حظ اهلها لان الدلو الذي يستخرجون به الماء يكون قصيرا نوعا ما مما يساعد محمد احمد المسكين علي جذبه في فترة قصيرة وهذا الدلو يحمل نصف باغة ما او اقل وعندما يصل الي صاحبه يكون نصفه قد عاد مرة اخري الي قاع البئر وهكذا....ولا يستطيع صاحب او صاحبة الدلو ان يملاء باغتي ماء الا بعد بعد ان يتصبب عرقا وتزداد سرعة انفاسه وتتقطع اياديه او تتحجر جراء جذبه للرشا \"حبل متين\" يربط به الدلو حتي يصل الي قاع البئر . معظم من بالبئر يكن من الشابات او النساء لان الرجال معظمهم قد سافر في طلب الرزق.اما من يملك غنما او ابلا فان امره عجب ولكي يتمكن من سقاء هذه البهائم يتوجب عليه ان يوقظ احد ابنائه بعد صلاة الفجر مباشرة او قبلها بقليل حتي يستطيع حجز \"عضلة\"مكان بالبئر ليسقي بهائمه ولا يعود الي منزله الا بعد الظهيرة . كما ذكرت آنفا فان الدلو يربط بحبل متين حتي يصل الي قاع البئر وهذا الحبل يكون ملقيا علي الارض ومنها الي البئر وهكذا طوال اليوم......وهذا الحبل يحمل معه التراب والغبار وروث البهائم الي قاع البئر مما يؤادي الي تلوث المياه فيتناولها انسان كردفان الاغبش المسكين وتسبب له الاسهالات وامراض كثيرة يصعب حصرها . وفي بعض القري لاتوجد آبار او دوانكي وانما توجد في قري اخري تبعد عنها ساعة او اكثر فيخرج الشباب والشابات علي ظهور الحمير صوب البئر وعندما يحصلون علي باغتي ماء يكون اليوم قد انتهي وهنالك فتيات يحملن فوق رؤؤسهن باغة اخري حتي يزدن كمية الماء. معظم الدوانكي التي توجد في كردفان رقم قلتها وهي لاتكفي حاجة الانسان من المياه يمتلكها القطاع الخاص \"خصخصة\" وتباع باغة الماء فيها بنصف جنيه \"بالجديد\" وفي الصيف يكون سعرها بجنيه او جنيهين والمواطن المسكين لايملك ما يسد به رمقه فكيف له ان يشتري الماء ؟؟؟؟؟!!!! في غرب كردفان مازال اهلنا يخزنون الماء في اشجار التبلدي حتي يستخدموها في الصيف وهذه الفكرة ابتكرها اجداد اجدادهم ولكن مازال الكردفاني يعمل بها في عهد الفضائيات والانترنت وانابيب البترول التي تشق ارض كردفان من اقصاها الي اقصاها دون ان ينال مواطن كرردفان شيئا من هذا البترول . وفي مناطق اخري يتم حفر حفرة كبيرة \"الحفير\" او \"الفولة\" وهي تحفر لتتجمع فيها مياه الامطار ويستخدمها الناس في الصيف وهي غالبا ماتنتهي قبل الخريف التالي وهنا تبداء رحلة البحث عن المياه في القري او المدن المجاورة . ولكن الذي يجعل الانسان ان يضع خده تحت يده وان يفتح فاه مندهشا بانه في هذه الحفير يشرب الانسان والحيوان معا لافرق بينهم والحيوان يتبول ويتغوط في هذه الحفير ورغم ذلك يشربها اهلنا الطيبون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!لانهم لا خيار لهم ولايجدون غيرها ولكن الوالي والمعتمدون والوزراء ورئيس المؤتمر الوطني يشربون مياه \"صافية،سوبا،وانهار .....\" الصحية وينسون قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه \"لو تعثرت بقرة بالعراق لكنت مسؤلا عنها لماذا لم اسو لها الطريق\". كل من يتم تعيينه واليا علي كردفان يضع امر المياه علي راس اولوياته ويخصص لها الميزانيات الضخمة ولكن مواعيدهم كلها كمواعيد عرقوب تكون حبرا علي ورق وتنتهي بانتهاء فترة الوالي وتبداء الساقية من جديد عند قدوم وال آخر. اما في مجال الصحة فان امرها يشيب له الولدان،ففي مستشفي عاصمة كردفان مدينة الابيض يستقبلك الذباب والبعوض والرائحة النتنة .....وفي عنابرها يرقد مريضان في سرير واحد رغم انهما يعانيان من امراض مختلفة ، وعلي المريض دفع نفقات العلاج كاملة بداءا من حق السرير وانتهاءا بالشاش واذا لم يستطع فعليه البحث عن القرض او الكي بالنار وإلا فالموت إهمالا مصيره الحتمي. في بعض القري توجد بعض المراكز الصحية ومعظمها تكون مغلقة اغلب الاحيان لان الذي يعمل فيها لايمكنه ان يبقي مدة طويلة في القرية فيسافر إلي المدينة .....ولا يأت احد من وزراة الصحة ليتفقد حال هذه المراكز رغم قلتها . ولضيق ذات اليد وارتفاع تكاليف العلاج مازال انسان كردفان يعالج المرضي بالادوية البلدية كالقرض وما شابهه او الذهاب إلي احد التمرجية الذين يتواجدون في الاسواق المحلية ويبيعون الادوية علي قارعة الطريق كما تباع الاحذية وهذه الادوية غالبا ماتكون منتهية الصلاحية او غير مصرح بها إلا بواسطة طبيب مختص. بالرغم من ان إنسان كردفان يعاني كل هذه المعاناة في التعليم والغذاء والمياه والصحة و........الخ إلا ان القائمين علي الامر يثقلون كاهله ويزيدون معاناته بالجبايات مثل \"الضرائب،الذكاة،النفايات،القطعان،العتب و........الخ\" ومن لم يدفع يعرض الي المحاكمة كأنه ارتكب جريمة نكراء او سرق اموالا من خزينة الدولة. والأدهي والأمر انه عندما يزور الوالي او المعتمد او الوزير قرية ما يخاطب اهلها قائلا :انتم اهل التقابة والراكوبة وانتم اهل القدح الكبير و........ولا يتحدث عن معاناتهم.........؟؟؟نعم انهم اهل التقابة ولكن أليست من حقهم ان تتحول هذه التقابة الي اضواء كهربائية لأن هذه التقابة دخانها يؤثر علي عيون الاطفال،نعم انهم اهل الراكوبة ولكن اليست من حقهم ان تبني هذه الراكوبة بالطوب الاحمر او الخضر لان هذه الراكوبة لاتستطيع ان تشكرها في الخريف ولا تحمي من الحر الرمضاء،وهم ايضا اهل القدح الكبير ولكن لماذا لا يتحول القدح الذي اكل فيه اجداد اجدادنا إلي سفرة طعام بها كل مالذ وطاب من الخضر والفاكهة وعليك ان تتذكر ان الله سبحانه وتعالي قال \"كلوا من طيبات مارزقناكم\". يقول هتلر في مذكراته \"إان الفقر هو احد اضلع المثلث الشهير الذي يضم معه الجهل والمرض فاذا تجلي هذا المثلث الثلاثي الأضلاع في مجتمع ما ،تاكد ان الشعب – اي شعب – مهما كانت حضارته وعراقته - سوف يكفر بالدولة وآلياتها ونظامها وسوف تنتحر القيم الوطنية داخل كل إنسان.