دوله مدنيه لا دينيه .. لماذ؟ -1؟! تاج السر حسين [email protected] بداية لا بد أن أوضح بأن هذا مقال عادى وليس بيانا، وأن كان يعبر كما أعتقد عن تيار كبير من المنتمين (للجبهة السودانيه للتغيير) التى تضم تيارات وأتجاهات فكريه عديده، لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض، بل تلتقى كلها - وعن وعى - وادراك تام على ضرورة تأسيس (دوله ديمقراطيه فيدراليه تفصل الدين عن الدوله) (وتنأى بالدين عن السياسه) تقديرا وأحتراما له، لا انكارا أو كفرا به، وجعلت هذا البند من اهم بنودها المضمنه فى المنافست الذى وزع على المنتديات الألكترونيه وأجهزة الأعلام، وبخلاف ذلك فلا حل لمشاكل السودان مطلقا. ويمكن أن يوضع هذا المقال تحت باب (الثوره الثقافيه) التى يشارك فيها كل منا بفكره ورأيه حسب قدرته، من اجل زيادة الوعى الجمعى و(تنوير) الأجيال الحديثه وتعريفهم بشئ من تاريخ وطنهم، ومشاكله وأزماته وفى ذات الوقت لا ننسى دورهم الهام والمنتظر فى احداث التغيير المنشود على المستوى الفكرى والتنظيمى والميدانى. واذا كان هنالك فضل يجب أن يحمد ولابد أن يعترف به البعض لهذه (الجبهه السودانيه للتغيير)، فهو أنها رفعت سقف النضال والمواجهة الى مستوى عال وجعلت ازالة النظام مطلبا اساسيا و(رئيس) وبكل الوسائل المتاحه وحركت الكثير من المياه الراكضه وجعلت مجموعات عديده تشمر عن سواعدها وتلتزم ولو مظهريا وتهتم بقضايا الوطن .. وفى هذا دون شك خير كبير. وعلى كل صرفتنا العديد من الصوارف ومتابعة التغيرات فى عدد من دول المنطقه وعلى نحو لا يمكن أن يخطر على بشر لتناول مثل هذا الموضوع (الفكرى) أكثر منه سياسى .. اضافة الى القضايا السياسيه والوطنيه المتسارعه داخل الوطن وضرورة التوقف عندها وشجبها وأدانتها، وكمثال لذلك عملية احتلال (ابيى) الغبيه الطائشه غير المحسوبة العواقب بواسطة مليشيات وكتائب (عمر البشير)، مما جعل أهل تلك المنطقه يتركونها ويتجهون هذه المره (جنوبا) لا شمالا كما ظل يردد (ازلام) المؤتمر الوطنى وأرزقيته بأن الشمال كان دائما ملاذا لأهل الجنوب، والسبب بسيط فى تغيير بوصلة اتجاههم وهو أن الجنوب اصبحت فيه حكومه وجيش نظامى قوى وقوات شرطه، لم تكن متوفره فى السابق حيث كان الجنوب كله أرض (حرب) ودمار وجهاد وأستشهاد (زائف)، وأستهداف لأهل الجنوب حتى فقدنا منهم ضحية لتلك الحملات المسعوره أكثر من 2 مليون مواطن، وبعد حادثة أحتلال (ابيى) طفحت على السطح أحداث (كادوقلى) المؤسفه التى اعقبت انتخابات التزوير والخداع والتى أعلنت فوز (احمد هارون) المطلوب للعداله الدوليه على حساب رجل (عصامى) من خيرة ابناء السودان هو الأخ/ عبدالعزيز الحلو الذى عرف بالصبر والهدوء والرزانة ولولا ذلك لما قبل بمنصب نائب والى يجلس الى جوار متهم بجرائم حرب وجرائم اباده وجرائم ضد الأنسانيه، ففجرت نتيجة تلك الأنتخابات (المزوره) كالعاده، الغبن الكامن والظلم المتواصل وتزييف ارادة المواطنين الحره، ثورة فى ذلك الأقليم لا اظنها تتوقف بل سوف تمتد نيرانها لتصل جميع بقاع السودان وتزيل هذا النظام الفاسد الذى استحل خيرات البلاد ومواردها من أجل أن يبقى على كراسى السلطه لا من أجل رفاهية وأمن واستقرار المواطن السودانى. وتواصلت مخازى النظام لتشمل قضايا الفكر والرأى مثل قضية الدكتور/ عمر القراى والأستاذ/ فيصل محمد صالح والصحفيه امل هبانى وفاطمه غزالى، ومن قبلهم قضية مزارعى الجزيره وقضية المفصولين عن الخدمه تعسفيا، وقضية الأطباء عامة، والأطباء المبعوثين فى مصر بصفة خاصة ولا ندرى قبل أن ننتهى من كتابة هذا المقال ماذا نرى من أزلام المؤتمر الوطنى تجاه بلدنا، الذى يكرهون شعبه ويحقدون عليه بصورة تتعدى كل الحدود؟ وكأن ذلك الشعب قد تسبب فى العقد والأمراض التى اصابتهم؟ أم كأنه قد أرغمهم على تبنى ثقافة الأعتزاز بركوب (الحمير) أكثر من أعتزازهم بالمواطن السودانى الشريف الذى لا ينتمى اليهم والى منظومتهم الفاسده التى تستغل الدين من أجل الدنيا؟ وعلى سيرة (الدين)، هذه سانحه أوضح فيها لماذا نحن نتبنى فكرة (الدوله المدنيه الديمقراطيه الفيدراليه التى تفصل الدين عن الدوله) وضد (الدوله الدينيه) تحت أى مبرر أو غطاء أو تعبيرات ملتويه مثل المناداة (بدوله مدنيه ذات مرجعية أسلاميه) أو (دوله مدنيه تستند على مقاصد الشريعه)، كما يردد بعض (الليبراليين) فى مصر مثل هذه الجمل والعبارات دون وعى، لأنهم لم يجربوا نظاما يحكم بأسم (الدين)، فيفسد ويتجبر ويتغطرس ويبيع الوطن بدريهمات معدوده مثل نظام (الأنقاذ) الذى لا علاقة له بأى دين. ولابد فى البدايه ان أبين من (نحن) ! ونحن هذه أعنى بها تحديدا (الجبهة السودانيه للتغيير) التى تتوسع وتنتشر وترسخ اقدامها يوما بعد يوم وتكتسب اراض جديده ومؤيدين وحلفاء، لما تقدمه من فكر ونهج واضح وصادق، ولما تطرحه من حلول لقضايا الوطن لا تسائر الخط الذى ظلت تنتهجه بعض الأحزاب التقليديه التى تحاور النظام وتتفق وتختلف معه ولا تصل فى النهاية الى نتيجه، فنحن فى الجبهة السودانيه للتغيير لا نسعى لتحقيق مكاسب آنيه أو ذاتيه وشخصيه مبنيه على المجاملات والمسكنات .. (فنحن) وبما للجبهة من تنوع فكرى وثقافى يصب فى النهايه من أجل هدف واحد هو تحقيق دولة المؤسسات الديمقراطيه فى السودان التى تحقق العداله والمساواة بين جميع المواطنين، بهذه الرؤيه التى تمتلكها (الجبهه) ومن منطلق ادراكها لما يدور فى وطننا العزيز وانحيازها لقضاياه وسعيها لمعالجة الأزمات بالحق والعدل، وجدت قبولا وسط شباب السودان الجاد المخلص لوطنه فى الداخل والخارج. ثم .. وبعد أن بينت من (نحن) أتحدث عن قضية (الدين) وضرورة فصله عن الدوله والنأى به عن السياسة هذه القضية التى يراها البعض غير ضروريه ، وفى البدء أتساءل هل يوجد انسان عاقل فى هذا الكون كله بلا (دين) أو لا دين له؟ أو لا يعترف بدور الأديان وأهميتها؟ لا أظن يوجد ذلك الأنسان، طالما بدأت حاجته اليه وبحثه عنه منذ أن بدأ يستشعر الخوف والخشية من الغيب وما يخبئه له، وسعيا منه لطرد ذلك الخوف أتجه لعبادة الشمس والنار والنجوم والكواكب والحجارة والأبقار. لكن ومن خلال رصد علمى وعملى دقيق ومع تطور الحياة من يوم لآخر فأن تلك الأديان أستغلت أستغلالا بشعا لأستعباد الشعوب وأضطهادها وقمعها وكتم انفساها حتى خرج أحد المفكرين البارزين فى هذا الفترة الماضيه ليقول بأن (الدين أفيون الشعوب) وهو يقصد أن الطغاة والمفسدين يستغلون الأديان (لتخدير الشعوب) ولدغدغة مشاعرهم ولتضليلهم ولصرفهم عن مناصرة الحق لأتباع الباطل، ولأيجاد المبررات الواهية لقتل المفكرين والمصلحين والتخلص منهم.. وحتى وقت قريب. لذلك فنحن فى (الجبهة السودانيه للتغيير) نرى مجرد اقحام الدين فى السياسه، يعنى انك قد سلكت سلوكا انانيا غير ديمقراطيا ووضعت شريحة من المواطنين شركاء لك فى الوطن، فى (الدرجه الثانيه) أو صنفتهم (كذميين) يجب أن يدفعوا الجزيه عن يد وهم صاغرون كما يتحدث (الأسلامويون) فى (سرهم) ويرجئون تنفيذه حتى توؤل لهم مقاليد السلطه، أو هم (معاهدون) يستحقون الحمايه كما يصرح الأقل تطرفا من أنصار تلك (الجماعات)، بدلا من أن يحمى (القانون) الجميع على مختلف أديانهم ومعتقداتهم. وهذا وضع لا يجوز فى هذا العصر الذى يهتم بحقوق الأنسان ويرفض اى تمييز بين الناس تحت اى سبب من الأسباب. أما ما يقال فى الجهر عن (اغلبيه) مسلمه وأقليه (مسيحيه) يجب ان ترضخ لدين تلك الأغلبيه، فهو ضرب من ضروب الأستهبال والأستغفال ونوع من الهيمنه وأذلال البشر، حتى لو كان المثل موجود فى دوله من دول الغرب وتمنح تميزا للمسيحيين بحسب دينهم على حساب المسلمين، فالحق هو الحق اذا كان فى الشرق أو الغرب. ونحن نرفض التمييز اى كان نوعه وفى اى مكان فى الدنيا بسبب الدين أو العنصر أو الثقافة أو الجنس أو اللغه. والدين والفكر لا يقومان بالأغلبيه (الميكانيكيه)، وأنما بما يدعوان له من عدل ومساواة بين الناس جميعا. ولذلك فالدين الأسلامى فى الحقيقه يساوى بين الناس جميعا ويقول فى قراءنه: (فذكر انما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) ويقول : (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) .. يعنى اعطى الأنسان حق الكفر ورفض الأديان بصوره مطلقه.. ويقول (وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمّةً وَاحِدَة)، هذه الآيات وحدها تكفى مثالا (للتعدديه) الفكريه والدينيه وأن العدل يكمن فى (دولة تفصل الدين عن السياسه) .. (فالشريعه) التى يسعى الأسلامويون لتحكيمها أو للأستفاده من مقاصدها، لأنهم يدركون بأن (اختزال) الأسلام فى شخوصهم يمنحهم تميزا على الآخرين على غير معايير الكفاءة التى يتساوون فيها مع باقى مواطنى الدوله من اصحاب الديانات الأخرى بل ربما تفوقوا عليهم، والتمسك بتلك (الشريعه) التى كانت عادله فى وقتها وزمانها الذى نزلت فيه على قوم لم يعرفوا (المدنيه) والحضاره التى نعيشها اليوم، وكانت المجتمعات فيها (قبليه) لذلك ترى فى (الشورى) منتهى (الديمقراطيه) وأن كانت لا تعتمد على مفهوم (انصياع الأقليه لخيارات الأغلبيه، وأحترام الأقليه لرأى الأقليه)، لذلك يقاتل (الأسلامويون) من أجل تطبيق (التشريعات الأسلاميه) بجميع السبل، لكى تمكنهم من الأنفراد بالسلطه التى يعقبها طغيان واستبداد وفساد فى المال والأخلاق، وتلك (الشريعه) تقول: (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) .. وتقول ان المراة ناقصة عقل ودين ولن يفلح قوم ولوا أمرأهم أمراة، وترفض ولاية المرأة على الرجال مثلما ترفض تقلدها للمناصب العليا مثل رئاسة الجمهوريه ولها فى القضاء حدود تقف عندها ولا تتجاوزها والقاضيه تطالبها الشريعه بأن تأتى بأخت لها كى تعتمد شهادتها حتى لو كانت تحمل درجة الدكتوراة فى القانون وتقف فى مواجهة شاهد مضاد يعمل ساعيا فى مكتبها! وتلك الشريعه .. وعلى (المسلمين) الا يتهربوا من الحقائق، بالألتفاف حول التفسيرات، لا زالت تؤمن (بالرق) وتعتبره ضمن الكفارات، ولا زالت تؤمن بنكاح ما ملكت ايمانكم .. وترفض ولاية المسييحى ووصوله الى منصب رئيس الجمهوريه مثل المرأة وكثير من القضايا الفكريه لو طرحت للنقاش الحر دون ارهاب سوف لن يستطيع المنادين بتحكيم الشريعه الدفاع عنها الا بانتهاج التخويف والترهيب. لذلك نقول من حق اى انسان رجلا كان أو أمراة أن يتحجب أو يرتدى جلباب قصيرا وأن يتحلى بجميع الفضائل وأن يبشر بها وأن يلتزم الشريعه فى نفسه ، لكن هذا الشخص ليس من حقه أن يلزم المجتمع بما يعتقده ويعتنقه، والا لخلق رب العزة الناس كافة على صورة واحده النساء محجبات ومنقبات والرجال يرتدون الجلاليب القصيره، حتى لو كانت الأماكن التى يعيشون فيها تزيد برودتها عن 18 درجه تحت الصفر. وفى هذا الحديث وحده مايكفى لخاتمة هذا الجزء حيث قال النبى : )إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم). وللحديث بقية. عضو امانة الأعلام بالجبهة السودانيه للتغيير.