مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    سلطان دار مساليت: إرادة الشعب السوداني وقوة الله نسفت مخطط إعلان دولة دارفور من باريس    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    هل رضيت؟    الخال والسيرة الهلالية!    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    الإمارات العربية تتبرأ من دعم مليشيا الدعم السريع    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    تراجع أم دورة زمن طبيعية؟    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    شاهد.. الفنانة مروة الدولية تطرح أغنيتها الجديدة في يوم عقد قرانها تغني فيها لزوجها سعادة الضابط وتتغزل فيه: (زول رسمي جنتل عديل يغطيه الله يا ناس منه العيون يبعدها)    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تعترف الشريعة ألأسلاميه بالديمقراطية؟
نشر في السودان اليوم يوم 14 - 11 - 2012


[email protected]
مدخل لابد منه:
ردود ضرورية على تعليقات قراء محترمين استنكروا ما جاء فى المقال السابق (اضبط قضية فساد فى المشهد)، أفترض فيهم حسن النيه والنقد الصادق لا أنها اسماء مخفية تنتمى بصلة للشخص المعنى فى المقال، وحقيقة الأمر لم اتعرض لكثير من الجوانب الشخصيه والأخلاقيه التى تعرفها (القاهره) جيدا، أحتراما للقارئ الذى يهتم بمقالاتى، ولأؤلئك المنتقدين العذر اذا رأوا عدم أهمية الموضوع بكامله أو جزء منه، فنحن فى السودان تعودنا الا نهتم بالحق العام ونعتبره ملك للحكومات والأنظمه لا الوطن، ونعتبر اكل المال العام مباح ونوع منه (الشطاره) ولا نعرف الأهتمام بالفساد المسمى بالتربح أو الكسب غير المشروع أو تضخم الأموال دون مستندات تثبت كيفية حصول الفاسدين عليها اذا كان بالحق أو بالباطل، وعندنا (اللص) هو الفقير المحتاج النشال الذى يدخل يده فى جيب أحدهم فى السوق فيقبض عليه وسع ضربا ويزف (يا هو .. يا هو ) ، بينما لصوص المال العام ومن ينهبون ثروات البلاد (شياطين) واذكياء .. ومما زاد من الطين بلة وعدم اهتمام بقضايا الفساد والكسب غير المشروع، أن النظام القائم الآن شريعته (التمكين) الذى يحقق لأتباع النظام منفعه شخصيه ودعم للحزب والجماعه، صرحت الوزيرة السابقه (سناء حمد) أنهم جمعوا مليار جنيه من أجل قيام مؤتمر الحزب، ومن قبل تباهى (نافع على نافع) بأنهم جمعوا 17 مليار ، للحمله الأنتخابيه ، التى (زورت) وتم خج صناديقها .. والنظام يكرم من يحصلون على المال المشبوه والمغسول ومن يضاربون فى العمله ويخفضون من قيمة العمله الوطنيه بالأوسمه والنياشين والدكتوراة الفخريه ولم يسمع السودانيون طيلة الثلاثه وعشرين سنه الماضيه عن فاسد احيل للمحاكمه بسبب تضخم ثروته، بصورة غير مشروعه وكأن المجتمع كله من (الملائكه) .. والشخص الذى تحدثنا عنه هو احد رموز الفساد وأهميته تكمن فى أنه يعمل فى الصحافة والأعلام ، والمفروض أن يكون كاشفا للفساد ولأنه من النوعية التى لا يهمها الوطن فى سبيل تحقيق مصلحته الشخصيه، ولولا ذلك لما مهد الطريق لرجل أعمال مصرى، اشهر افلاسه ومنع من السفر، لكى يستولى على اراض سودانيه شاسعه، وخلاف ذلك من ممارسات ذكرناها بصوره مجمله لا مفصله، والتحقيق مع مثل هذا الصحفى يمكن أن يسفر على كشف العديد من قضايا الفساد والشقق المملوكه للأسلاميين فى الخارج خاصة (مصر)، والتى كثرعددها خلال فترة تصدير بترول (الجنوب) قبل الأنفصال، حتى اصبحت حزينة الدوله خاليه، لا تستطيع تأمين عملات صعبه لعلاج الأمراض المستعصيه فى الخارج، ومن عجب ،فحتى المبالغ القليله التى كانت ترصد للأمراض ألأشد صعوبة مثل (السرطان) و(الفشل الكلوى) كانت تمنح للأصحاء المنتمين للنظام أو أرزقيته فى سفارة السودان بالقاهره، لكى ينفقونها فى المجون والملاهى والسياحة، ويحرم منها اؤلئك المرضى، ثم بعد كل ذلك يقولون انهم مستهدفين لأنهم ملتزمين بشرع الله وبحكمه!
اما الأخ الذى اغضبه الكلام عن مصر التى أصبحت اسوأ حال من الصومال وأفغانستان على يد الأخوان والسلفيين والتكفيريين – وهذه حقيقه - فعليه الا يغضب فهذا هو نفس الأسلوب الذى يتحدث به بعض الأخوه المثقفين المصريين عن الآخرين دون شعور بالحرج وحين يضربون المثل بالتخلف يتجهون مباشرة للدول الأفريقيه مع أن بعض الدول العربيه أكثر تخلفا من الكثير من الدول الأفريقيه، وحينما يريدون التحدث عن دول حدث فيها انفصال يتجهون للسودان والأنفصال الذى حدث فيه الذى شارك فيه نظام مبارك بحمايته الدوليه (للبشير)، وكانوا يروجون الى ان السودان سوف يصبح مثل الصومال لو سقط نظام البشير هم فى الحقيقه يريدون للسودان نظاما ضعيفا مهترئا ومنبطحا تنفذ من خلاله (مصر) أجندتها، ونحن لو كنا مثلهم لفرحنا لهذا النظام الذى سوف يمزق مصر ويشتت شملها، لكننا على العكس نتمنى لهم الخير مثلما نتمنى لوطننا ونحذرهم مما حدث بسبب العصابه (الأسلامويه) والذى يمكن أن يحدث مثله فى مصر بل أسوا منه، خاصة وقضية (الأقباط) وظلمهم واستهدافهم فى غير موجود مثلها عندنا فى السودان، فعندنا نعانى من تهميش ومن عنصريه مثلما يعانى أهل النوبه وسيناء لكننا لا تعانى من (طائفيه) دينيه مجتمعية، رغم أن النظام يتاجر بالأسلام.
مدخل ثان:
تعمدت فى المقال قبل الأخير الا أطيل فى الموضوع الأساسى (هل الشريعه عادله مع المسيحيين وتعترف بالمواطنه) بعد أن طالت المقدمه التى كان لابد منها، ومن حق القارئ المحترم أن ينبه لذلك، مع ان التمييز السالب للمسيحى فى الشريعه واضح وذكرناه كثيرا فى مقالاتنا وقلنا أن المسيحى يعامل كمواطن درجه ثانيه فى دوله الشريعه بل درجه ثالثه لأنه يأتى بعد المرأة المسلمه، وكلاهما حقوقه منتقصه، بالطبع هذا اذا لم يخرج أحد أنصار (الشريعه) الصادقين لينفذ فيه (حكم الله) كما يفهم، وأن يقتله وينهب ماله، على حسب ما جاء فى آية (السيف)، وطالما أن الدوله لا تأحذ منه (الجزية) وهو صاغر.
وللأسف فان انصار (الشريعه) المنتمين لجماعة الهوس الدينى كاذبين ومنافقين يدعون انها عادله، وتحقق الدوله المدنيه التى تقوم على مبدأ المواطنه المتساويه.
كتب قارئ محترم مدافع عن (الشريعة) بشراسة، وبذلك يضع نفسه فى ذات المركب مع (المهووسين) مع انه يحاور بصورة محترمه، نرجو له الهداية ومعرفة الحق والتزامه، ما يلى:
((شكل الدولة في الاسلام أصلاً هو دولة مدنية ولا يوجد في الاسلام دولة دينية بمفهومها الكهنوتي (الدولة الثيوقراطية) والتي أوجدتها الاديان (المحرفة) الاخرى كما فعلت الكنائس بأوروبا))!!
اقول له:يا سيدى دولة (الشريعة) اسوا مما فعلت الكنيسه واشد ظلما، وذلك عهد بعيد، لكن دولة (الشريعه) تهدد عالم اليوم بكلما حدث فيه من تطور فى الكون وفى النفوس.
اضافة الى ذلك فهذا الكلام المكرر الممجوج الذى يفتقد للمنطق، أضحى يررده (المهووسين) أخوان وسلفيين وتكفيرين، هذه الأيام خاصة من خلال الأعلام المصرى الواسع الأنتشار، لكى يصلوا للسلطه ويهيمنوا عليها بالكامل ثم يقيموا دولة (الخلافة). وكيف تكون الدوله مدنيه وهى تقول لمواطن اجداده وجدوا على بلد من البلدان، ليس من حقك أن تصبح حاكما لأنك (مسيحى)؟ وكيف تكون دوله غير دينيه وهى تسعى لأن تصبح (شريعة) دين معين هو (الأسلام)، هى الدستور الحاكم؟ والدوله المدنيه اساسها (المواطنه) المتساويه فى الحقوق والواجبات وليس بالضرورة أنها تحارب الأديان أو ترفضها ، لكنها تقف منها مسافة واحده ومتساوية.
فى الحقيقة دولة (الشريعه) تقنن الظلم والتفرقه العنصريه (النوع) والدينيه، لأنها لا تعترف بحقوق المرأة كامله، ولا تعترف بحقوق المسيحي كامله، فاذا كان المسيحى يبرر فى هضم حقوقه بأنه ينتمى لأقلية، فبماذا يبرر هضم حقوق المرأة، ومعلوم أن عدد النساء أكثر من الرجال اذا لم يكن مساو لهم؟
ومن المدهش أنه لم يمض وقت طويل قلنا فيه انه لا فرق بين المهووسين والأرهابيين جميعا، حتى تأكد ذلك القول، من خلال قيادى سابق فى جماعة الأخوان المسلمين فى مصر أسمه (الخرباوى)، ادلى بمعلومات خطيرمنها أن عدد من قيادات الأخوان الحاليين وفى مقدمتهم المرشد د.(محمد بديع)، كانوا قد بائعوا من قبل (شكرى مصطفى) وهو من قيادات الجماعات الأسلاميه (التكفيريه) التى ارتكبت جرائم ارهابيه وقتل ترويع فى عصر السادات فى مصر، وكان يعمل لدولة الخلافه.
الآن يتحدثون عن الديمقراطيه مخادعين ومنافقين، وهم فى اهدافهم الأستراتجيه لا يعترفون الا بالشورى و(ألأمامه) ودولة (الخلافه)، التى تجعل من مصر مجرد ولايه فى دوله اسلاميه عاصمتها القدس وبالطبع سوف تجر من خلفها (الترله) السودان.
والديمقراطيه عند المهووسين أو من يسمون (تيارات الأسلام السياسى) مثل (الأنقلاب) العسكرى مجرد (سلم) يوصلهم للسلطه ثم يرمونه بعد ذلك، ويعملون بكل السبل للبقاء فى السلطه والأحتفاظ بها لمئات السنين، مستخدمين كآفة الوسائل، الأغراء والترهيب والعنف والقتل والبطش والتعذيب والأباده وشراء الأرزقيه وضعاف النفوس، كما حصل فى عصر بنى أميه، أو كما حدث عندنا فى السودان الذى اباد فيه المهووسين أهل الجنوب، فى حقيقة الأمر ولا يوجد مثال واحد يمكن أن يعتبر نموذجا طبق (الشريعه) الأسلاميه وكان ناجحا وباسطا للحريات ومحققا للديمقراطيه والعداله الأجتماعيه، ففى افضل العصور كانت ثقافة الأسترقاق والأستعباد والجوارى والأيامى، معمول بها ، بل لا زالت تعمل بها بعض الدول وأن كان فى (الخفاء) بوبصورة غير رسميه بناء على ما ورثته من تلك الدوله الأسلاميه التى كانت تطبق (الشريعه).
ومفهوم التدوال السلمى للسلطه فى الدوله الحديثه ، لا مكانة له فى ادبيات المهووسين، فهذا الأمر يعنى عندهم تمهيد الأرض للأحزاب العلمانيه والليبراليه (الكافره) لكى تحكم ، ويمنح الأفكار التى لا تتسربل بالأسلام ولا تتاجر به لكى تعبر عن نفسها وأنها سوف تخرج الشعب من الظلام ومن الخوف المفروض عليه ومن قبضة الأسلاميين ، فيستيقظ وينتفض يتعرف علي الحق وعلى الأفكار النيره التى تعمل من اجل مصلحته ورفاهيته فيختار رموزها للحكم، ولذلك فأنى اتوقع أن تكون (الثورات) القادمه فى المنطقه، على (الأسلاميين) مهما طال امدها، بعد أن تتعرف الشعوب على اكاذيبهم ومخادعتهم بالدين والشريعة.
والحاكم الديمقراطى يتيح لكآفة الأحزاب والأفكار مساحات متساوية فى اجهزة الأعلام مثل التى يتيحها لحزبه لا ان يقمعها ويصادر صوتها ويمنع وصولها لآذن الشعب ولدماغه، ومن يفعل ذلك ليس من حقه أن يتحدث عن ديمقراطيه وعن تبادل سلمى للسلطه عن طريق صندوق الأنتخابات، كما يفعل المؤتمر الآن فى السودان وكما تفعل كآفة الأنظمه التى تتدعى التزاما بمرجعية دينيه، ما عدا (تركيا) التى قال رئيسها انه (مسلم) فى دولة علمانية.
ومن ثم أطرح السؤال من جديد، هل تعترف الشريعه الأسلاميه بالديمقراطيه كوسيلة للحكم؟ . الآجابه كلا والف كلا.
فكلمة (الديمقراطيه) عند أهل الهوس الدينى مرفوضه من اسمها القادم من الغرب، مع انهم يحصلون من الغرب على كل شئ، حتى امنهم حينما تضيق بهم الأنظمه الديكتاتوريه فى دولهم وتسعى لأعدامهم للخلاص منهم.
أحد (السلفيين) الأذكياء المدرك للتفاصيل وللتمييز الدقيق بين الديمقراطية و(الشورى)، قدم اقترحا للجمعية التى تعد الدستور فى مصر قال فيه أنه يطالب بتعديل المادة التى تتحدث عن ديمقراطية الدوله ، لكى تصبح (مصر دوله ديمقراطيه مرجعيتها الشورى)، فلماذا قال ذلك؟
قال ذلك لأنه يعلم جيدا أن الشورى لا علاقة لها بالديمقراطيه، ولا تعترف بها (الشريعه).. والديمقراطية تختلف اختلافا اساسيا وواضحا عن الشورى، و(مكابر) ومفارق للحق من يدعى بأن (الشورى) افضل من الديمقراطيه، ودعونا نشرح ذلك لنعرف أيهما الأفضل والأصلح لأنسانية هذا العصر.
مشكلة (الأسلامويون) على اختلاف اشكالهم يظنون أن الديمقراطيه ليست من عند الله ولا يرضى عنها وبعضهم يقول أنها رجس من عمل الشيطان لأنها جاءت من الغرب، مع انها افضل وسيله موجوده الآن للحكم فى العصر الحديث، والآيه واضحه وتقول (ان الله خلقكم وما تعملون).
وعلى كل فتعريف الديمقرطيه فى ابسط صوره، يعنى حق (الخطأ)، يقول الرسول 0ص) فى الحديث الشريف: (إن لم تخطئوا، وتستغفروا، فسيأت الله بقوم يخطئون، ويستغفرون، فيغفر لهم).
والديمقراطيه .. تعنى حكم الشعب بواسطة الشعب، وتقوم اعمدتها الرئيسة على بناء مؤسسات للدوله تنفيذيه وتشريعيه وقضائيه، منفصله عن بعضها البعض، لكن للقضاء فى درجه من درجاته اذا كان (عال) أو (دستورى) الحق فى الفصل فى القضايا الخلافيه أو غير الدستوريه، وهذا لا يعد تدخلا من سلطه فى عمل سلطة أخرى.
ولولا ذلك فكيف يحاكم وزير فاسد وكيف يحل برلمان غير شرعى، وهل يترك لمجلس الوزراء محاكمة وزرائه، أو للبرلمان حل نفسه بنفسه أو اسقاط عضوية أحد أعضاء البرلمان اذا ثبت تزوريهم للأنتخابات؟
وممارسة الديمقراطيه فى اى مجال سياسى أو رياضى أو خدمى أجتماعى، تقوم على طرح الأمور على اصحاب الشان جميعا، البرلمان نائبا عن الشعب الذى انتخبه، والمجالس المختلفه نيابة عن الجمعيات العموميه التى تنتخبهم، وبعد أن يستوفى الأمر حقه من النقاش يطرح ذلك الأمر للتصويت، على اساس صوت واحد للعضو الواحد، وتلتزم الأقليه بما وافقت عليه الأغلبيه حتى لو كان يتعارض مع فكرها ووجهة نظرها، وفى الدول المتقدمه، لا يعنى أن تمرر الأغلبيه المنتمية للحزب الحاكم اى قرار من الحكومه مستخدمه الأغلبيه (الميكانيكيه) اى كثرة المؤيدين لذلك القرار داخل البرلمان، ولا يعنى أن تقف المعارضه ضد أى قرار صادر من الحكومه، بل كثيرا ما ترفض الأغلبيه قرار الحكومه التى تمثلها اذا لم يتوافق مع مصلحة الشعب، وأحيانا توافق المعارضه على قرار للحكومه اذا رأت فيه مصلحة للبلد، حتى لو كان ضد مصلحة حزبها.
اما (الشورى) التى كانت نظام حاكم صالح وسائد فى القرن السابع، الخارج من مجتمع قبلى غليظ ، القوى فيه يفرض رؤاه على الضعيف (طوعا أو كرها)، وما كان لذلك المجتمع الأسلامى مهيأ لأن يحكم (ديمقراطيا)، لكن (الشورى) استفذت غرضها تماما، واصبحت غير صالحة لأنسانية هذا العصر، بأى حال من الأحوال لأنها كانت تقوم على مبدأ قبلى وترسخ لنظام ديكتاتورى وسلطوى وشمولى وفوقى، ومن قبل ذكرت أن المبرر الثانى الذى الذى رجح فوز (ابو بكر الصديق)، بعد تكليف الرسول (ص) له ، للصلاة بالناس عند مرضه أو غيابه، هو انتماءه لقبيلة (قريش) كما قال (عمر بن الخطاب)، فالبعض قال، لقد ائتمنه الله على ديننا افلا نأتمنه على دنيانا، واضاف عمر لأيقاف الخلاف الذى احتدم بين الأنصار والمهاجرين، بأن أمر الزعامه والسدانه كان دائما بين القرشيين، مما يعنى أنهم الساده ولذلك لابد أن يكون الخاكم من بينهم بناء على ثقافة ذلك الوقت ومجتمعها.
وتعريف (الشورى) ببساطة هو ((حكم الولى الراشد للتبع القصر)).
تقول الآيه ((وأمرهم شورى بينهم))، وآلية تنفيذ تلك الشورى ، نجدها فى الآيه ((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين))، وللمزيد من التوضيح نقول أن الشورى تعنى أن الحاكم الذى يبائع على المنشط والمكره تحت ظل شجره أو راكوبة أو خيمة قبل ظهور القصور الجمهوريه، ولا يأتى عن طريق الأنتخاب، يصبح حاكما طيلة حياته لا يعزل حتى لو افسد وظلم، ولذلك رفض (السلفيون) فى مصر فى بداية الثورة المشاركه فيها لعزل (مبارك)، وأصدروا فتاوى تحرم تلك المظاهرات، ويقوم الحاكم (المبائع) بتعيين مجلس من اهل الدين وأعيان الأمه يسمى (اهل الحل والعقد) ومن عدد معين واذا كان خليفة واماما عادلا سوف يسعى قدر استطاعته أن يكون ذلك المجلس من افضل شخصيات الأمه، لكن بالطبع وكبشر لابد أن يتاثر الحاكم بمكانة القبيله فى المجتمع وكثرة عددها وقوتها، اضافة الى مكانة الأفراد الأقتصاديه والأجتماعيه حتى لو لم يكونوا من اصحاب الخلق والألتزام الدينى القويم
على كل هذا المجلس يعاون الحاكم فى ادارة الدوله، بطرحه للأمورعليهم، وبعد أن يجرى الحوار حول تلك الأمور من حق الحاكم أو الأمام أن يعمل بما اشاروا به عليه، ومن حقه أن يتخذ ما يراه مناسبا لوحده، مسترشدا بما جاء فى الآيه التى ذكرتها: (فاذا عزمت فتوكل).
فا ذا كانت هذه آلية ممارسة الحكم عن طريق (الشورى)، فهل يعقل أن تكون افضل من الديمقراطيه التى أفضل صوره لها فى عصرنا الحديث ما هو مطبق
فى (الغرب) مع أعترافنا بنقصانها وعدم اكتمالها، لقلة وصول (المفكرين) ، للحكم بعد، حيث لا زال الحاكم ياتى من الجيش فى الدوله المتخلفه، والحاكم تأتى به (اللوبيات) الأقتصاديه، فى الدول المتقدمه، لكن مسيرة الديمقراطيه ماضيه فى طريقها وسوزف يأتى اليوم الذى يحكم فيه المفكرين، فتزال كثير من قضايا الظلم.
للأسف يظن الأسلاميون ويعتقدون خاطئين أن (الشورى) هى حكم الله ولابد لهم من العمل بها حتى لو كانت غير مناسبة لأنسانية العصر، وكأن (الديمقراطيه) ليست من عند الله، ويفرضها الناس غصبا عن (الأله) تنزه وعلا، مع أن (الديمقراطيه) مطلوبه دينيا وموجوده فى القرآن لكنهم (مقولبين) ولا يريدون أن يستخدموا عقولهم ويفهموا والآيه الداله على ذلك تقول: (فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر)، وهذه الآيه تؤكد الا شئ أسمه الولى الراشد الذى يحكم تبع وقصر، وليس من حقه أن يسيطر على قرار الدوله، أنما يذكر فقط بما يراه صحيحا.
وأية أخرى تدل على التعدديه الحزبيه لا حزب واحد ومجلس شورى أو احزاب توالى كما فعل الترابى، تلك الآيه تقول (ولو شاء الله لجعلم امة واحده).
والأله العادل، شاء أن يجعل الناس ليبراليين وعلمانيين واشتراكيين، ومحافظين ويمين ويسار، ولا شئ اسمه (اسلاميين) و(كفار) فى مجال السياسه والتنافس ، على السلطه ، فالأسلام ينافس ويصارع الأديان السماويه الأخرى وغير السماويه، من أجل ابراز مجتمعات تلتزم بالقيم وتتحلى بألأخلاق الفاضله، حتى تصبح السياسه منافسه شريفه لا (لعبة قذره) كما تعرف.
والمنطق يقول، هل يعقل أن يتصارع (شاعر) مع لاعب مصارعه ؟ أو ملاكم مع لاعب (هوكى)، هذا المثل يشبه تماما صراع (الأسلاميين) مع الأفكار السياسيه الأنساتيه، الليبراليه والعلمانية والأشتراكيه.
فالأنسان المتدين أى كان دينه، مسلم أو مسيحى، يمكن أن ينضم الى أحزاب تسمى نفسها (محافظه) ووسط، وتطرح فكرها ذو المرجعية الدينيه دون اقحام ذلك الدين وتفاصيله من شريعة وحلال وحرام، وفى هذه الحاله يمكن أن نجد فى حزب (المحافظين) مسلمين ومسيحيين، يتعاملون مع قضايا السياسه من خلال برامج انسانيه ودنيويه ويتعامل كل منهم مع الدين وفق شريعته واحواله الشخصيه، وفى هذه الحاله يمكن أن نجد المسجد جنب الكنيسه، بدلا من العنف والأرهاب والقتل واراقة الدماء.
وعلي (الأسلاميين) جميعا اذا ارادوا ان ينخرطوا فى تلك الأحزاب المدنيه أن يقروا بمبدأ (المواطنه) المتساويه بين المسلم والمسيحى والرجل والمرأة وأن يطرحوا برامج انسانيه قابله للنقد وللتصحيح وللمحاكمه والمساءله.
ويمكن أن نجد سلفى أو اخوانى يرشح مسيحيا أو امراة اذا كان يرى بصدق انهما يصلحان لحكم البلاد، ويمكن أن يرشح المسيحى أخوانى أو سلفى اذا كان برنامجه مقنعا ولا يقوم على فرض (شريعته) الأسلاميه على الدوله كلها حتى لو كان فيها مسيحيا واحدا أو لو كانت بالكامل مثل ليبيا لا يوجد فيها شخص يعتنق ديانة أخرى غير الأسلام.
هذا قمة العدل وقمة الديمقراطيه التى لا تعترف بها الشريعه.
ومن عجب مرة أخرى البعض يضرب امثله بهذه الدوله أو تلك، أمريكا أو اليونان أو المانيا، ويعيد ويكرر بأنها لا تلتزم بكذا ولا تفعل كذا مع الأقليات المسلمه، وكأنها لو فعلت ما يريد لفعل مع المسيحيين مثلما فعلت مع المسلمين.
وهذا المثل فيه شعور (بالنقص) وعدم ثقه فى النفس والقدرة على ابداع الأفكار التى يمكن أن تحل مشاكل مجتمعاتنا بل مشاكل البشرية كلها .. يا ساده اذا كنا ننتقد الشريعه التى يخشى البعض من انتقادها ونقول بأنها لا تصلح لأنسانية هذا العصر، فهل نخشى انتقاد فكر انسانى من اى جهة كان، ومن قبل قلت انا ضد أن يكون فى المانيا حزب ديمقراطى مسيحى أو اشتراكى مسيحى فهذا تخلف، مثلما ارفض أن يكون فى السودان أو مصر حزب أسمه (الأخوان المسلمين)، فهذا الحزب أو ذاك من اسمه لا يمكن أن يلتحق به من ينتمى لدين مخالف الا اذا كان منافقا!
وليس بالضرورة كلما يأتى الينا من الغرب هو صحيح وسليم حتى لو اعترفنا بأن الديمقراطيه الليبراليه الموجوده الآن فى تلك الدول هى الأقرب للحكم العادل المطلوب.
لكننا نسعى لعالم أكثر عدالة وافضل من ذلك تسوده الحريه والمساواة وأحترام حقوق الأنسان ويسود فيه القانون، لكن ما يعطل الوصول لذلك العالم هو (الأرهاب) والهوس الدينى ، فأهل ذلك الغرب من ميزاتهم أنهم يميلون سريعا للحق ويلتزمونه اذا قدم لهم فى طبق (نظيف) لا كالطبق الذى قدم فى 11 سبتمبر أو فى سفارة امريكا فى بنغازى .. ونحن نسعى لذلك قدر وسعنا لكى نساهم ولو بقدر قليل فى تمهيد الأرض، لعودة المسيح (المخلص) من أى جهة وعلى أى صورة فيغنينا عن الرهق، ويتغير الكون بنزوله، ويزيل الغل والأحقاد من القلوب والوهم والسخافات من العقول وينتشر الأمن والسلام والتسامح ويسود العدل والحب حتى يلعب الطفل مع الحيه فلا تؤذيه ويرتع الحمل مع الذئب فلا يأكله، ويصبح العالم اكثر خضرة وأكثر جمالا. فكما قال العارفون أن البئيه تتغير بتغير النفوس، وأكد ذلك القرآن ان الله لا يغيرما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
ونحن لا نعمل لأرضاء هذه الجهة أو تلك أو دوله من الدول أو نظام من الأنظمه، نحن نعمل قدر استطاعتنا لعالم حر متمدن، وكما قال الشهيد الأستاذ / محمود محمد طه( الأنسان الحر هو الذى يفكر كما يريد ويقول بما يفكر ويعمل بما يقول، ثم لا تكون نتيجة قوله عمله الا خيرا بالأحياء والأشياء)) .. فى احدى جلسات الجمهوريين، لاحظ الأستاذ (محمود) لأحد تلاميذه، وقد أمسك (بنمله) و( فركها) بيده حتى ماتت، فقال له الشهيد، ما هذا الذى فعلته يا (ع) ؟ فرد عليه تلميذه، قرصتنى يا استاذ، فقال له الشهيد (لكن انت ما كتلتها)؟ حكى د.خليل عثمان حينما كان فى السجن معتقلا مع الشهيد قبل اعدامه فى مكان واحد، بأن د. خليل، طلب من اهله أن يأتوا له فى الزيارة القادمه (بكوز) ماء جديد، وحينما احضروه، رمى بذلك (بالكوز) القديم، فرفعه الشهيد من الأرض وقام بتنظيفه وعلقه فى مكانه، وقال لدكتور خليل (الكوز ده خدمنا طيلة هذه الفتره هل معقول نعمل معه زى ده)؟
انظر الى هذا الفهم العميق والشعور الأنسانى مع النمل الكائن (الحى) ومع الكوز (الجماد)؟
فهل مستغرب من مثل ذلك الأنسان قول مثل الذى جاء فى لوحة أسمها (خلق الجمال) قال فيها: ((نحن نبشر بعالم جديد، وندعو إلى سبيل تحقيقه، ونزعم أنا نعرف ذلك السبيل، معرفةً عملية، أما ذلك العالم الجديد، فهو عالمٌ يسكنه رجالٌ ونساءٌ أحرار، قد برئت صدورهم من الغل والحقد، وسلمت عقولهم من السخف والخرافات، فهم في جميع أقطار هذا الكوكب، متآخون، متحابون، متساعدون، قد وظفوا أنفسهم لخلق الجمال في أنفسهم وفيما حولهم من الأشياء، فأصبحوا بذلك سادة هذا الكوكب، تسمو بهم الحياة فيه سمتاً فوق سمت، حتى تصبح وكأنها الروضة المونقة، تتفتح كل يوم عن جديد من الزهر، وجديد من الثمر)),
انسان بمثل هذه القامه يسئ اليه شذاذ الأفاق مجروحى ذوات اصحاب عقد نفسيه ويضللون الناس عن طريقه طريق (الحق) وعن البحث الجاد عن الفرقة الناجيه من بين 73 فرقه أسلاميه، كلها فى النار ما عدا تلك الفرقه.
وقد تعمدت أستعراض بعض افكاره فى نهاية هذا المقال حتى يتعرف شباب اليوم المضلل من (الهوس الدينى) وتحريضهم على كراهية الآخر وبدعوى (الجهاد) الذى يدعو للقتال ولسفك الدماء ، الذى انتفى غرضه، واصبح الزمن زمن جهاد النفس، والأقناع بالحوار والحجه.
لقد اساءوا لذلك الرجل القامه، الذى كان فى مقدمة الداعين للحوار، ولأحترام الأنسان الذى هو غاية فى نفسه ، وكان اول مفكر وعارف بالدين ينادى بالديمقراطية بكل شجاعة ووضوح ويقول انها افضل نموذج لممارسة السياسه، وأن الأشتراكيه هى افضل نموذج للٌأقتصاد وهما معا افضل وسيلة للحكم، وفى كل يوم يتأكد قوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.