حديث المدينة لعبة (الغمتي) ..!! عثمان ميرغني إعلان عجيب قرأته أمس في بعض الصحف.. دعوة لمن يريد أن يستثمر في شراء إحدى الشركات الحكومية التي طالتها قرارات الخصخصة الأخيرة.. مصدر عجبي ودهشتي للإعلان أنني كنت (أظن!) وبعض الظن إثم.. أن الحكومة ستخرج من الباب وترجع من الشباك.. ستبيع هذه الشركة الرابحة (بالذات) إلى جهة سياسية أو شبه حكومية أخرى.. تحت وبال كثيف من القنابل الدخانية.. الشركة المعروضة للبيع هي واحدة من أنجح الاستثمارات الحديثة.. مجموعة مطابع ضخمة.. ومن أحدث ماهو موجود في عالم الطباعة.. ونحن في التيار نعرفها جيداً لأنها المطابع التي نطبع فيها هذه الصحيفة.. وكنا وصلنا إليها بعد التعامل مع عدة مطابع تتبع للقطاع الخاص.. لكننا وجدنا الاستقرار في (المطبعة الدولية) لأنها علاوة على جودة ماكيناتها فيها طاقم إداري وفني متميز.. وأقول رغم أنها حكومية.. لكن إدارتها تعمل بصورة تجارية رفيعة المستوى حققت لها هذا النجاح الكبير.. من المبتدأ.. ما كنت أتوقع أن تفرط الحكومة في هذا الاستثمار الناجح.. وعندما صدر قرار خصخصتها.. افترضنا أنها خطوة واحدة في طريق الجدية لتحقيق خروج الحكومة من العمل التجاري حتى ولو كان ناجحاً. لكنني تصورت بعد ذلك أن تتحول العملية في اتجاه آخر يضمن ل(حكومة أخرى).. مثلا حزب المؤتمر الوطني أن يلتهم الكيكة الثمينة.. حسناً.. تستحق الحكومة فعلاً أن يقال لها أحسنت.. في السير بمثل هذه الجدية في الخروج من العمل التجاري.. وليتها تكمل جميلها وتحقق أعلى درجات الشفافية في بيع مثل هذه الشركات الناجحة.. بإكمال الإجراءات بنفس النزاهة والشفافية التي تحدث عنها السيد رئيس الجمهورية في خطابه أمس تحت قبة الببرلمان.. الحكومة عندما أعلنت نيتها التخلص من الشركات الحكومية كلنا ظننا أنها ستحتفظ بالشركات الثمينة (أوالسمينة) وتترك العجفاء وما أكل السبع.. لكن القرارت طالت شركات كبرى ناجحة مثل شركة الجزيرة للتجارة والخدمات.. وهي واحدة من أربح الشركات وتعمل في مجالات كثيرة وتحقق أرباحاً عالية.. وتتبع لجهاز الأمن الوطني والمخابرات.. مما يمنحها مزيداً من الحماية والحصانة من الخصخصة.. لكن قرار الخصخصة تعمد أن يطال الشركات الأكثر حصانة حتى تصل الرسالة أن الخصخصة ماضية في الطريق الوعر.. وضمت قائمة ال(27) شركة التي أعلن عن خصخصتها شركات مرموقة تتبع لجهات متنفذة .. على كل حال.. سننظر للطريقة التي تكمل بها الحكومة خصخصة شركة (منن) التي تتبع لها مطابع المجموعة الدولية.. فإذا سار كل شيء في النهار.. وانتهى كل شيء على الوجه الذي لا يجلب القيل والقال.. فمن حقها علينا، الحكومة، بعد ذلك أن نكتب ونشهد بأن الخصخصة تمت بأعدل ما تيسر.. أي عمل آخر.. سنرجع ونتذكر ما قاله الأستاذ عبد الرحيم حمدي قبل مدة عن بيع الخطوط السودانية (سوادنير).. عندما وصفها بأنها لعبة (الغمتي)..!! التيار