إليكم الطاهر ساتي [email protected] وثيقة الدوحة بداية.. و ليست نهاية ..!! ** ومن المصطلحات التي تزعجنا بها أسطوانة الساسة، عقب كل إتفاق سلام بين الحكومة و إحدى الحركات المسلحة بأي طرف من أطراف البلاد، مصطلح (إعادة التعمير).. أي هم يظنون بأن الحرب دمرت عمارا، وأن إتفاقهم هذا غايته ليست السلام فحسب، بل ( إعادة التعمير ) أيضا..و عندما تكرر هذا المصطلح يوم الخميس الفائت على ألسنة صناع وشهود إتفاقية الدوحة، ذهب بي الظن بأن الحرب في دارفور دمرت المصانع والشركات والمشاريع الزراعية وشبكات الكهرباء ومحطاتها وكذلك الطرق المعبدة والمدارس الفخيمة والمشافي السامقة ومحطات المياه وغيرها من مقومات الحياة والمسماة - عند الآخرين - بالعمار والتعمير..ولكن خاب ظني - ويخيب ظنك أيضا يا صديق- بأن الحرب هناك كانت ولاتزال تزهق أرواح الناس فقط لاغير، ولاتخرب تعميرا بحيث يجب إعادته بعد إتفاق السلام .. ولو كان بدارفور أو بأي طرف من أطراف البلاد تعميرا لما كانت الحرب، أزمة التعمير هي التي أشعلت - ولاتزال - حرب الأطراف، ولذلك فليكن االخطاب و المصطلح عقب أي إتفاق سلام خطابا ومصطلحا من شاكلة : ( الغاية من هذه الإتفاقية هي السلام و..إعادة التهميش) ..!! ** نعم حفظت إتفاقية الدوحة ماء وجه قطر أمام العرب والأفارقة والمجتمع الدولي، بحيث تصرح قيادتها للعالم : ( لقد نجحنا في أن نكون وسطاء في إتفاق سلام بين حكومة السودان وإحدى حركات دارفور، العدالة والتحرير)، أو هكذا للقيادة القطرية حق التباهي..و لكن ما هي القيمة السياسية والعسكرية لتلك الحركة ؟، أوهذا هو السؤال الذي إجابته قد تصيب الحكومة السودانية بالحرج والإحباط، وليس بالتباهي..إذ معلوم للجميع بأن حركة العدالة والتحرير تأسست قبل ثلاث سنوات إلا قليلا - هي عمر التفاوض - بشيراتون الدوحة، وليس بشمال دارفور أو جنوبها أو غربها..ومنذ تأسيسها و إلى يوم توقيعها على الإتفاقية لم تواجه القوات المسلحة في ميادين القتال ولم تساجل الحكومة في سوح السياسة، بل تبارح قادتها شيراتون الدوحة.. وهذا يكفي عنوانا لكتاب( تعريف الحركة)، ليوضح للقارئ إن كانت لها ثقلا عسكريا أو جماهيريا بالداخل أو وزنا سياسيا بالخارج..!! ** فالحركات التي تؤرق مضاجع السلام وترهق الناس والبلد والحكومة معروفة للدنيا والعالمين، بحيث لا يزال نشاطها يرهق الأهل بدارفور وأهل السودان جميعا، وهي تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد والعدل والمساواة التي يقودها خليل إبراهيم و أخير حركة مناوي التي لم تعد تخفي تنسيقها مع هذه وتلك..لوكانت هذه الحركات الثلاثة - أو إحداها - طرفا في التوقيع ،لصارت الإتفاقية ذات جدوى في عملية السلام، ولكن لا أفهم ماذا تعني الحكومة بمصطلح (سلام دارفور)، وهي توقع إتفاقية مع حركة لاتملك من العدة والعتاد - عكسريا كان أو شعبيا - غير الذين لم تضق بحشدهم قاعة حفل التوقيع ؟..ثم لماذا إغلاق أبواب الحوار - بالإشارة بأن هذه هي الإتفاقية هي الفرصة الأخيرة - مع تلك الحركات، رغم علم الجميع بأنها ذات تأثير - إن لم يكن على أرض دافور - في دهاليز المجتمع الدولي و بعض دول المنطقة ؟..باب الحوار يجب أن يظل مواريا، والدعوة - مباشرة كانت أو عبر الوسطاء - إليه يجب أن تتواصل بذات الصبر - وثقالة الدم - الذي تواصلت به مائدة الدوحة، فالذي صنعوا - ويصنعون - الأحداث المؤلمة هم خليل وعبد الواحد و مني، وليس التجاني سيسي وحده ..وربما لأنه يدري ذلك، وصف أمير قطر الإتفاق بأنه ( بداية لترسيخ السلام في دارفور، ودعوة صادقة لبقية الحركات بأن تسارع إلى المشاركة)..نعم هي قد تصلح بأن تكون بداية، ولكنها ليست النهاية بحيث يكون الخطاب الرسمي تحديا لبقية الحركات أو إغلاقا لأبواب الحوار، أو كما يبدوا ..إذ هذا النوع من النهج و الخطاب لم يثمرا في عهد الجمهورية الأولى غير الإستقطاب السلبي والمزيد من الحرب، و ليس من الحكمة أن تفتتحوا الجمهورية الثانية بذات (النهج والخطاب ).. إنتوا - يا كافي البلا - ما بتتعلموا حتى من تجاربكم ؟.. المهم، الحرب هناك - ولو شنها فصيلا على إحدى القرى - ترهق الأهل، فالبحث عن السلام يجب ألا ترهق الحكومة..والسلام الحقيقي - ليس في دارفور فحسب ، بل في ما تبقى من السودان - في ديمقراطية تعيد السلطة للشعب، ولكن أكثر السلاطين لايعلمون أو يتجاهلون ...!! .............. نقلا عن السوداني