[email protected] اهتمت الوسائط الاعلامية السودانية فى الايام الماضية بخبر التوقيع على وثيقة الدوحة وتفاءل بعض الكتاب تفاؤلا كبيرا بتحقيق السلام وعودة النازحين والمشردين الى ديارهم ، وتناسى المتفائلون فى غمرة فرحتهم المصاعب والمضبات الكثيرة التى تعترض مسيرة السلام فى هذا الجزء العزيز من الوطن الى جانب اجزاء اخرى امتد اليها الحريق فى كردفان الغراء ، ان السلام هو هدف ومبتغى لكل ذى بصيرة ولكن السلام فى بلادنا بعد ان كان اصلا فى تكويننا تحول الى صناعة ، تستجلب موادها الخام من خارج الحدود بعد ان نضبت ارضنا من تلك المواد ،واضحينا نقطع الفيافى ونتبضع فى العواصم البعيدة لاستجلاب السلام ،بعد ان فقدنا الثقة فى انفسنا ،بفعل تجاربنا التى خلفت المرارات ، ان فجور بعض ساستنا فى الخصومة واصرارهم على رؤاهم الصمدية فتح كل الابواب للغرباء ليدخلوا فى تفاصيل التفاصيل ، ان الاتفاقيات المكتوبة وحدها لا تحقق السلام ، فالسلام يحتلج الى قناعات وتنازلات وتراضى ، وسلام المنابر الخارجية ما لم بتنزل على ارض الواقع سيكون مجرد كلام انشائى تمت صياغته بعناية ،وبما ان اهل السودان جميعا ما عدا سماسرة وتجار الحروب يرغبون فى السلام والعيش الامن، ولاهمية الامر ينبغى التطرق الى العقبات التى تعترض تحقيق السلام والتى نوجزها فى النقاط التالية اولا انسان دارفور الذى اكتوى بنيران الصراع ودفع فاتورة باهظة دما غاليا وهجرة قسرية الى معسكرات الايواء والنزوح هل عولجت الاشكاليات والاسباب ام تم التعامل معه كمقطورة او بمعنى ادق معالجة اسباب التمرد على الدولة وهى كثيرة وتحتاج الى مبحث خاص بها دون اللجوء لعمليات الانتقاء والاختزال الممجوج ثانيا حركات دارفور المسلحة الرافضة للاتفاق والتى ينبغى عدم الاستهانة بها والتعامل على كونها بلا اثر وبلا وجود ، فالواقع يقول ان لكل حركة من هذه الحركات رافدها السياسى ومحورها الذى تدور حوله مما يعنى وجودها الفعلى فى الخرطوم حتى وان لم يعلن عنه ( فبعضها مرتبط بالحركة الشعبية بشقيها كيان الشمال والجنوب معا وبعضها الاخر مرتبط باحزاب معارضة لها رؤيتها ومبررها (كالشعبى والامة والشيوعى ) ثالثا القوى الخارجية ( الاقليمية والدولية ) والتى لها اجنداتها الخاصة ومصالحها والتى وجدت لها وكلاء محليون استغلت اوضاعهم السياسية ، فالسياسة العالمية تنطلق من المصالح وليس العواطف ، واضحى الدور الخارجى مهما بعد ان سمحنا لانفسنا بتعليب وتصدير مشاكلنا لهم رابعا اتفاقيات سلام التجزئة (القطاعى ) مما لاشك فيه ان السلام يحتاج الى ارادة سياسية ،ولا اعتقد ان العيب فى النصوص الخاصة بالاتفاق او اغفال الاتفاقية لقضايا مهمة هى محل خلاف فالامر المهم هو تنفيذ ما اتفق عليه وتاكيد حسن النوايا بعيدا عن عقليات الاقصاء والتربص بالاخرين انطلاقا من مفاهيم خاطئة للوطنية خامسا نرى من الاهمية بمكان اتفاق جميع المكونات على الحد الادنى من الاجندة الوطنية ورسم خطوط حمراء يلتزم الجميع بعدم تخطيها ، وحينما اشرنا للمكونات نقصد بها الاحزاب والتنظيمات والحركات صغيرها وكبيرها ،قديمها وحديثها دون عزل او حجر ومن ثم الانطلاق من تلك المؤشرات لوضع دستور دائم يتوافق حوله الناس دون اللجوء الى الفرضيات ولنتعظ من تجاربنا السابقة لتفادى الاخفاقات التى حدثت فى كثير من الجوانب . ولنا لقاء اخر بصورة اكثر تعمقا وتفصيلا ، ونهدف من وراء ذلك اثراء الحوار فى امهات القضايا وخاصة تلك التى ارهقت كاهلنا والله المستعان يحيى العمدة كاتب ومحلل سياسى