في الثمانينات وعندما كان المسرح السوداني مزدهراً ومنفعلاً بقضايا شعبه ، عرضت مسرحية " عينك في الفيل " بطولة عبد الوهاب الجعفري وآخرين ومن عنوانها كانت تشير إلي النظام وسخط الناس عليه ، وربما كانت أكثر المسرحيات رواجاً تلك الأيام . وجاء إنقلاب يونيو 1989 وقبعت دبابة علي باب المسرح القومي لسنوات خلت ، فدقش المسرحيون الخلاء ولسان حالهم يقول " الخلا ولا الرفيق الفسل " واكتفوا بالنكات والمونولوجات في الأندية والمدارس وخلافه . وتحول بعد ذلك السودان لمسرح كبير فيه ممثلون وممثلات ومخرجون وفنيون وكتاب سيناريو وملقنون لزوم التذكير . قبل أيام عرضت مسرحية الخطة الخمسية ، ولبس الممثلون الملابس التنكرية وتحدثوا بالأرقام المضروبة عن النمو والازدهار فصفق المشاهدون بعد أن تناولوا الوجبة المعهودة وشربوا المرطبات علي حساب المنتج . ومسرحية ثانية في ضواحي الكاملين عن النفرة الزراعية والشراكة الذكية والثراء الفاحش لمزارعي مشروع السكر المزعوم بينما كان المسرح مظلماً بسبب غياب الكهرباء التي لن تأتي للمشروع إلا يوم القيامة العصر . ومسرحية ثالثة إسمها " دهباية تحت حجراية " بطلتها وزارة المعادن ، يبدأ فصلها الأول بالمقولة الشهيرة الذهب الذهب يكاد عقلي يذهب " وينتهي الفصل الأخير بالمثل الشائع " الله يجازي اللي كان السبب " . ومسرحية رابعة ستعرض علي مسرح اللا معقول قريباً إسمها " دستوركم يا اولاد ماما " مستمدة من دساتير حمورابي والقرون الوسطي وسودنتها " هناية " الوداعية وشارك في إعدادها محسوبون علي قوي الاجماع الوطني . ثم مسرحية خامسة بطلها بنك السودان عنوانها " جنيهك خلي عندك " وقصتها تدور عن 2 مليار جنيه بالجنوب محظور دخولها للشمال ، رغم أن العملة الورقية هي سند قانوني لزام علي أي بنك أصدره أن يدفع قيمته ، يبدو أن الفصل الأخير في هذه المسرحية سيكتبه حاجب محكمة نزاع دولي علي طريقة " قرووووشي " . وفي السوق السوداني وعلي " قبايل " رمضان هنالك عرض يومي لمسرحية العجورة الشحرورة وأبطالها السماسرة والست الأمورة ، وقياساً علي ذلك أحسب سعر الزبادي والتوم والفلفل والملح حتي تصل السعر الاجمالي لسلطة الروب في السودان المنكوب . وأخيراً وليس آخراً فالسادن البائن ذهب أول أمس إلي الصالون " الفاخر " وزرع الصلعة لزوم النيولوك تحسباً لمسرحية الفات الفات في ديلو عشرة وزارات ، أما ناس الدلالة فلا زالوا يعلنون عن مزاد علني للحكومة العريضة أو القومية والبلد كاسرة " أمية " . قال المزنوق زنقة حرامي في بيت عزابة : ما تاكلوا كسرة ؟! فاختفي الجنوب والباباي والبفرة . الميدان