البروفيسور عبدالفتاح عبدالله طه [email protected] كنت أرى وما زلت بأن ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان من الولايات البكرة التي لم تسير أغوارها فيما يتعلق بالمصادر الطبيعية و الزراعية بشكل خاص.. واعتقد ( و بقتاعة تامة) بان لها دورا كبيرا في الاقتصاد السوداني عموما والأمن الغذائى حيث تمتع الولايتان بميزات مناخيه تؤهلهما لهذا الدور خاصة فى مجال الانتاج البستاني للسوق المحلى و التصدير في اوقات الندره ..وقد سبق ان قلت في مقال سابق بهذه الصحيفه\" 30-7-2011 \"أن استيراد الخضروات والفواكه خلال الصيف غير مبرر لان جغرافية السودان والتنوع البيئي تسمح بأنتاج معظم ان لم نقل كل الخضروات والفواكه في موسمين خلال العام (شتوى ,صيفى وخريفي) في جنوب كردفان والنيل الازرق(و فى مناطق أخرى أيضا) ..أقول ذلك ليس فقط من باب الاكاديميات و انّما على أساس تجارب شخصية على مستوى الحقل حيث كان لي شرف الاشتراك في اعداد بعض الدراسات في المنطقتين مع مجموعة الخبراء . زرت النيل الازرق في منتصف عام 2010 ضمن فريق مهنى لتقييم الوضع هناك لحساب أحدى المنظمات الطوعية التي تعمل فى السودان كاحدى مخرجات اتفاقيه نيفاشا للمساعده فى اعادة تاهيل المناطق التي عاشت ظروف الحرب لمده عقدين من الزمان ..و كان من نتائج الدراسة أنّ المنطقه الجنوبيه من الولايه.. الكرمك – يابوس( منطقة قيسان) تحتاج الى اعاده تاهيل كامل حيث كانت ساحة حرب وتحطمت كل البنيات التحتيه.. هناك نقص في التعليم- المياه – الصحه – بناء القدرات وضعف البنيات التحتيه لتحسين حياه المجتمع بشكل عام..تعتبر الزراعه المصدر الرئيسي للدخل وبهذه الصفة فهي الركن الاساسي في حياه الناس خاصه في المناطق الريفيه ... تتميزولاية النيل الازرق كما هو معروف بأنتاج المحاصيل الحقلية الرئيسية ( الذرة ,السمسم,الفول السوداني و اخيرا دخلت زراعة عباد الشمس كمحصول نقدى جديد وهام ) بالاضافة الي المستقبل الواعد للانتاج البستاني ,الموزوالمانجو,الموالح الباباي,الجنزبيل,البن, الانناس و النباتات الطبية و العطرية كما أنّ أن هناك فرصا جيده لأنتاج محاصيل ازهار القطف و نباتات الزينة في كل المناطق التي لا تزيد فيها درجة الحرارة عن 25 درجة مئوية و التوسع فى أنتاج الخضروات و التى تتمتع فيها الولايه بميزه مناخية و لا تشاركها فيها الاّ جنوب كردفان (ومرتفعات الشرق و جبل مرة) وهى أمكانية أنتاج الخضروات و الفاكهه فى موسمين فى السنه كما سبق ذكره.. و هى ميزة نسبية هامة تجعل الولاية تلعب دورا رئيسيا وهاما في الامن الغذائي في السودان , لقد كان ومازال رأيى بأنّ الولاية يمكن أن تكون\" سلة غذاء السودان\" بالاضافة الي لعب دور كبير في المساهمة في الاقتصاد الكلي.. أصبح الانتاج البستاني مصدر دخل هام في شمال الولاية حول الدمازين حيث الطلب المحلى و القومى , و من المتوقع أن يتطور هذا النشاط فى السنوات المقبله و ذلك بالتحسن الكبير الذى طرأ فى شبكة الطرق القوميه. ونقول ذلك لنستصحب القارىء من خارج القطاع الزراعى بأنّ الولايه تتميّز بنوعين من الزراعه : الزراعة الالية في الشمال و الوسط حيث تزرع المحاصيل النقدية منذ الخمسينات بواسطة التجار و كبار رجال الاعمال من الخرطوم ووسط السودان و ينشط صغار المزارعين في المناطق الجنوبية بشكل اساسي ..و يمكن القول بان هناك فهم عام و بوضوح لمطلوبات العمل الزراعي و البرامج المطلوبة من ناحية نظرية و لكن هناك ضعف أو غياب في التمويل والنشاط الارشادى وتقانات الانتاج , و عموما يحتاج المزارع الى الدعم الفنى مجال الانتاج البستانى فى مجالاته المختلفه, وتتميز الولايه بأمكنية تبنى و تطوير الزراعه العضويه فى هذا المجال نسبة للظروف التى تتمتع بها..أنّ كلّ المؤشرات تشهد بأن جهدا مقدرا يبذل لاعادة تأهيل المنطقة والتى تعانى من نقص فى المدخلات الزراعية و التدريب و الارشاد و نقل التقانة و لابد أن نذكر و بتقدير ان هناك جهودا مقدرة فى تدريب المرشدين الزراعيين و المزارعين بدعم من منظمة الزراعة و الاغذيه و بعض المنظمات التى تسعى الحكومة المركزيه مع حكومة الولاية للاستفادة من حسب ال CPA فى منطقة الكرمك ,و عموما فأنّتا نرى مستقبلا واعدا للمنطقة أذا وجدت التخطيط السليم و التمويل و القيادة الرشيدة و التى من أهمّ شروطها الامن و السلام.. وكان من التوصيات الهامة التى وضعت على طاولة المسؤولين تأهيل منطقة خور يابوس و بناء جسر عليه و أقامة مشاريع حصاد المياه وكان من المؤمّل مساعدة الاهالى و المزارعين بشكل خاص فى تسويق منتجاتهم ..تتنع الامكانيات الزراعية فى تلك المنطقة بموسم أمطار طويل (5- 6 شهور بالضافة الى خور يابوس (حوالى 90 كيلومتر جنوب الكرمك) و حسب أفادة المسؤولين فى مكتب الزراعة فأنّ نسبة الاراضى المستغلة تعتبر صغيرة جدا..تغلب المحاصيل البستانية فى جنوب منطقة الكرمك ,والحقلية فى وسط المنطقة بالضافه للانتاج الحيوانى أمّا المنطقة الغربية فغالب نشاطها الزراعى فى الانتاج الحيوانى.. هذه هى الصورة بأختصار عن الوضع هناك و المجهودات التى كانت تبذل من المركز و الولاية وبدعم من المنظمات و المؤسسات العالميه .....كان المأمول و المنتظر من أبناء المنطقة و على راسهم الوالى عقار العمل الجاد لاعادة الحياة بعد دما ر الحرب التى أستمرت سنين عددا خاصة فى المناطق الجنوبية من الولاية ..هل سأل السيد الوالى مالك اهله فى الانقسنا و قيسان و الكرمك عن رايهم فى طريق الكرمك- الدمازين و كيف تغيّرت حياتهم ..لقد سافرت بطريق الكرمك – الدمازين و شعرت ممن تحدثت معهم بمدى سعادتهم بهذا الطريق (رغم أنّه لم يكن قد أكتمل فى ذلك الوقت)..السيد مالك لابد انك على علم بل متابع ( بحكم المنصب و المسؤوليه) البرامج التنموية التى تغطى مساحات كبيرة من الولايه عبر المنظمات و القطاع الخاص السودانى ..هل وصلتك تقارير عن الدراسات لتأهيل السوق المركزى للخضر و الفواكه بمدينة الدمازين و الذى كان من المخطط تنفيذه بدعم فنى و مالى من منظمة لا تبعد مكاتبها سوى امتار من رئاسة الولاية....ألم يكن الاجدر بالسيد الوالى متابعة هذه المشاريع التنموية التى تخدم اهله \"المهمشين\" كما كان يقول سيادته( طبعا سيادته لم يسمع بخور حبراب و مسيدة و ملجاب وأردوان..اريد أن أهمس فى أذنيه بأنّ كل أقاليم السودان تعانى من نفس المشاكل و السبب؟ حالة الحرب و الاقتتال التى فرضت علينا منذ خمسينات القرن الماضى) و الذين من أجلهم حمل السلاح و قاتل لاكثر من عقدين ...السيد الوالى و من معه كان يكفى النيل الازرق انتاج البطاطس و الخضروات خارج الموسم المعتاد فى مناطق الانتاج التقليدية ..وفى الشتاء فقط ..أقول و بقناعة بانه كان حريا بالوالى أن يتابع هذه المناشط بدلا عن الحرب و الاقتتال .. ستغادر هذه المنظمات لغياب الامن و الامان و بدأ العاملون فيها يفرون بأقرب و أيسر الطرق ( أثيوبيا) و بتسهيلات من الحركة الشعبيه و ليس من صلاحيات أحد أن يمنع ذلك و أعتقد أن الحركة و الحكومة تعلم بأنّ أقامتهم هناك ستكون خصما على الميزانيات المرصودة لمساعدة الولاية و السودان ..كنّا نود أن نسمع من الاخ الوالى وحكومته تصريحات مثل( ستغزو الخرطوم بالطماطم الصيفى , سنصدر البطاطس فى شهور الصيف الى الخارج بما يفيض عن حاجة البلد ..كنّا نود أن نسمع (أرضا سلاح)..الطورية و الملود فوق فوق ..أمّا (سندخل القصر الجمهورى بالدبابات فهو حديث أقرب الى الاوهام و الخيال وادعاء البطولات فى غير محلها ..أن الذى حدث فى الاسبوع الماضى قد عاد بنا الى الخلف سنوات..عدنا نتكلم بلغة السلاح و فى غير موضعه..من رفع السلاح أولا؟ و ماذا حدث من دمارللبنيات التحتيه و المتشات بما فيها مركز مالك الثقفافى ودوره الهام فى خدمة الثقافة و العلوم والفن فى الولاية؟؟.... و...الان وقع المحظور و تضّرر البادى وأهله ( وأهلنا ) والذى كان يحارب من أجلهم ..و لم يكن أمام الحكومة المركزية خيار اخر غير ما قامت به لأنهاء القتال و بأقلّ قدر من الخسائر فى الارواح و البنيات التحتية ...لا نقول عفى الله عمّا سلف لأنّ العفو دون تحديد الابعاد و الخسائر وتقييم السبب و النتيجة علاج مرحلى ( كمن يتناول حباية بندول للصداع و لا يذهب للطبيب للتشخيص و تحديد العلاج المناسب و الالتزام به ..رفعنا السلاح و أشعلنا الحرب لاسباب و أجندة لاتخصّ المواطن هناك ولم يتمكن ( أو رفض)عقلى من أستيعابها ..الاخوة فى الجنوب حملوا السلاح منذ ستة عقود و أنتهى الامر بدولة بدلا عن الحكم الذاتى الذى كانوا ينادون به فى الخمسينيات ..وسؤال ( محمد أحمد) هو مالى أرى أهل الشمال وقد أقبل بعضهم على بعض يتقاتلون؟!!!..الاجابة وراء البحار و بدعم ومساعدة من الشعب السودانى أو فلنقل ( السياسيين منهم للانصاف)...ان الذي حدث في الاسبوع الماضي عاد بنا الى الخلف سنوات ... عدنا نتكلم بلغه السلاح في غير موضعه ..و هل هناك سبب يبرر رفع السلاح اولا وما حدث من دمار لللبنيات التحتيه والمنشات بما فيها مركزمالك عقار الثقافي والفندق الجميل الملحق به وبغض النظر عن اسمه ومن اسسه فقد كان المنتظر ان يخدم الثقافه والعلوم و الفن ثم المجتمع من خلالهم ... الان وقد وقع المحظور نقول كان على الحكومه المركزيه التدخل لانهاء القتال بأقل قدر من الخسائر في الارواح والبنيات التحتيه .. لا نقول عفا الله عن ما سلف لان العفو دون تحديد الابعاد والخسائر والسبب والنتيجه علاج مرحلي ( كمن ياخذ حبايه بندول للعلاج ولا يذهب للدكتور لتحديد وتشخيص المرض)..نريد –نحن المواطنون- لماذا العودة للحرب و القتال بعد أتفاقية قبلت بها الحركة التى كان السيد عقارالرجل الثانى مى تنظيمها و بشهودها و ضامنيها. (ولست بعامر بنيان قوم أذا كنت تبنى و غيرك يهدم)..