العصب السابع النكسة..!! شمائل النور الحروب دائماً ما يدفع ثمنها المواطنون العزّل الذين في الأساس لا ذنب لهم في كل ما يجري كنتيجة فطرية لسياسة حُكام قصيري النظر.. والعرف عندنا في السودان باعتباره بلدا كارثيا كُتب عليه ديمومة الحروب على مر الزمان أصبح على المواطن أن يتحمّل غباء ساسته و\"عواستهم\" شاء من شاء وأبى من أبى، بل هذا بات من صميم واجبه الوطني والديني، وحادثة وزارة التربية والتعليم أعتى الأدلة، وكذلك كل من يجهر بوقف الحرب يُعتبر ويُصنف عميلاً للطرف الآخر من الحرب، وأي طرف آخر، إنّهم جميعاً أبناء ذات البلد. دون اجتهاد الدليل الآن بين أيدينا.. شعب السودان احتمل حرباً تاريخية شهد عليها كل العالم، حسبها الرجال البلهاء نصراً ليس بعده نصر، والنتيجة بعد طول عنت ومشقة وخسران، أفضت إلي إنشطار للوطن، اقتسموا الأرض لأجل سلام الشعوب أو هكذا خُدعنا لتمرير الجرم التاريخي، الانفصال مقابل السلام، هي معادلة يُمكن أن يقبلها الجميع لو كانت أسباب الانفصال يقبلها عقل أو منطق، ويمكن قبولها أيضاً إن تحققت بنسبة مقبولة رغم \"بلاهة\" مسببات الانشطار.. لكن، فالنكسة الكبرى التي بين أيدينا هي الحرب الضروس التي تدق طبولها بالنيل الأزرق وجنوب كردفان والتي يدفع ثمنها شعب لا حيلة له ولا قدرة على كل ما يجري، تشريد للأسر والأطفال والنساء، فقر ومرض وموت وجوع لا أحد يريد تحمل وزره، الشعب يدفع بكل ما هو غالٍ عنده والحكومة لا تريد أن تتحمل أخطاءها، بل تطلب من الشعب أن يدعمها في حربها، النيل الأزرق وجنوب كردفان، لا يبدو ثمة حل يلوح في الأفق..السودان كله أصبح على شفا حفرة، حرب في منطقتين وغلاء بدأ الناس يجهرون به في الشارع. وسط هذه العتمة الكئيبة أطلقت منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) تحذيراً من مصير بائس ينتظر الآلاف من أطفال السودان بسبب الحروب وانعدام السلام في كثير من ولاياته المختلفة. التقرير يقول إنّ أكثر من عشرة ملايين طفل سوداني بحاجة إلى الغذاء والصحة والتعليم، أضف إلى ذلك مشاكل سوء التغذية والافتقار إلى الرعاية الصحية والتعليم هذا بجانب التهديدات من الصراعات العنيفة التي تشكل حقيقة واقعة بالنسبة للكثيرين. دع عنك ما سوف تقوله الجهات الرسمية هنا، فالأمر لن يتخطى نظرية المؤامرة وتعمد تشويه صورة السودان -كعادتهم- التقرير خطير للغاية..قد يكون الرقم هذا يشمل كل السودان قبل الانفصال أو قد تكون الإحصائية هذه أُجريت بعد الانفصال، في الحالتين هناك أزمة ينبغي الإقرار بها أولاً ناهيك عن العمل على حلها، لأنّ حلها ليس في يد وزارة الرعاية أو مجلس الطفولة، فهذه جهات ليست لها علاقة بالذي يحدث، فقط نحتاج من هذه الجهات إقرارا بأنّ هناك أزمة. الوضع الذي خلفته أزمة دارفور على طول السنين الفائتة ثم لحقت بها النيل الأزرق وجنوب كردفان ولا ندري غدا سوف تنتقل الأزمة إلي أين؛ هذا الوضع لا ينبغي الصمت عليه أكثر من ذلك، هؤلاء أطفال .. ماذا ننتظر أكثر مما انتظرنا. التيار