العصب السابع شظايا الانفصال..! شمائل النور صدفة كانت أن بثت إحدى قنوات الأفلام الأمريكية صبيحة اشتعال الأحداث في ولاية النيل الأزرق، الفيلم الأمريكي الملحمة "الساموراي الأخير" الذي يحكي قصة جندي أمريكي أنهكته الحروب وبدأ في إعادة حياته من جديد ليبدأ من الصفر، وتأتي خواتيم الفيلم بعبارة أن السلام هو هدف نظل نبحث عنه في كل مكان، شعرت كأن الخطاب موجه إلينا جميعاً.. السلام ندفع فيه كل ما أُوتينا وأحياناً ندفع أكثر مما تتحمله طاقتنا، والواقع بين أيدينا يُثبت ذلك كم دفعنا لأجل السلام، وكم ندفع، لكن بالمقابل نحن لا ندفع ثمن الحفاظ على سلامنا، بل نفضل أن يُحرس سلامنا بواسطة التدخل الخارجي، من مبعوث إلى وسيط إلى ممثل خاص، فيبقى من الطبيعي أن يصبح السلام ماهو إلا مجرد "حكي". لعل الذي تبين للجميع الآن، أن انفصال الجنوب كان حدثاً جنونياً وكارثياً بكل المعايير، وما تشهده أطراف الوطن في هذه المرحلة خاصة جنوب كردفان والنيل الأزرق ماهو إلا نتاج طبيعي جداً لانفصال الجنوب، الانفصال أصبح الآن واقعاً، والتعامل معه بكل حيثياته مطلوب بأعلى درجات المسؤولية والحسم ودون أية خسارة أكثر مما خسر الوطن من تشظٍّ وشتات.. فقط لأنه وببساطة فإن الانفصال كان فاتورة سلام لشعب الشمال وشعب الجنوب على حد سواء، ولا زالت شعوب البلدين تدفع باهظ الأثمان. والحرب تُعلن دون حياء مستنطقة حكمة "عليّ وعلى أعدائي"، وكأننا جنينا ثمارها.. المأزق الذي يمر به السودان حالياً أشبه بالولادة المتعثرة التي يُضطر فيها إلي سحب الجنين بقوة وعنف حتى تتم عملية الولادة، ولا شك أن الناتج إما الجنين مشوهاً،أو سلامة الأم في خطر. القرارات العسكرية المتلاحقة في أزمة النيل الأزرق، قد تجعل الأوضاع هادئة نسبياً، رغم أن الأنباء تقول إن المواطنين هناك لا زالوا في حالة نزوح خارج المنطقة، لكنها بالتأكيد لا تُمثل الحل الجذري للأزمة، القرار العسكري ينبغي أن يأتي من قرار سياسي،أو على الأقل أن يُستغل القرار العسكري سياسياً، لأن الأزمة أزمة سياسة ولم تكن أزماتنا في يوم ما عسكرية، الحل العسكري ماهو إلا فضيحة لضعف السياسة. نحن الآن أمام أحد احتمالين، إما حل سياسي عاقل يتوافق عليه كل الأطراف، أو الحرب من جديد، وليس من خيار خارج هذه الدائرة، ورغم أن هناك بعض الذين يرون في أزمة النيل الازرق نهاية كل الازمات باعتبار أن الأوضاع بلغت الزبى ووصلت الروح الحناجر"مافيش أكتر من كدا" فإما أن يتصحح مسار كل الأزمات السياسية بما فيها إمكانية قيام حكومة قومية،وإما النكسة الكبرى والفوضى تعم كل الأرجاء،لكن أيعقل بعد كل هذه السنين الجدباء هل من مستعد إلى العودة إلى المربع الأول والوطن يتشظى..؟ نترقب ونامل أن تتعامل الحكومة مع أزمة النيل الأزرق وجنوب كردفان ب "نفس بارد"، وبعيداً عن غضبة الحُكام، فلا حل يُرتجى من السلاح، وإن كان ذلك لما وصلنا إلى هذا الدرك السحيق. التيار