نظرة يا السموأل خلف الله ! محمد التجاني عمر قش [email protected] فريع المحلب الفي مقامه عديَل هباله النسيم و أصبح خداره منيّل وين الساهي في ضله و ضراه مقيّل دانوله الجمال و أصبح فريقه مشيّل \"جامع علي التوم\" إنّ التراث لا يعني فقط الشعر الشعبي و الغناء و الرقصات الشعبية و إنما كل ما له صلة بالإنتاج الفني الشعبي من آلات موسيقية وإيقاعات و قصص وأحاجي و أهازيج تقال في مناسبات معينة مثل مواسم الحصاد و أوقات الحرب و العمل و حتى ما تهدهد به الأم وليدها الصغير من نغمات؛ ولذلك نستطيع القول بأن التراث هو أحد أهم مكونات الشخصية من الناحية النفسية و الاجتماعية. كما أنه أحد مكونات الهوية القومية للمجتمع الذي يمثله؛ وقد يتوسع معنى التراث ليشمل اللبس و الأواني ووسائل الإنتاج وغيرها من الموروث الثقافي الشعبي . ولذلك نجد أن بعض الدول تقيم مهرجانات وطنية سنوية حتى تحافظ على تراثها و تبقيه حياً في نفوس الأجيال المتعاقبة لبث القيم الإيجابية لأن التراث يربط الإنسان بالمكان والزمان وجدانياً؛ وهو بالتالي عنصر مهم من أجل الأمن القومي والوحدة الوطنية. فالسعودية مثلاً تقيم مهرجان الجنادرية كل عام و يدعى له الأدباء والشعراء و المفكرون و أهل الفن و المهتمون بالتراث من كل دول المنطقة و تعرض فيه كل ضروب التراث من شعر و رقصات و صناعات يدوية تراثية و تقدم فيه ندوات وليالي شعرية و معرض كتاب. ما جعلني أكتب في هذا الموضوع هو ما أراه من إهمال للتراث الكردفاني خاصة في جانب الشعر و الغناء من قبل أجهزة الإعلام إذ عرضت كل أقاليم السودان بضاعتها من الفن و التراث و الرقصات الشعبية إلا كردفان، و خاصة شمالها، فقد ظل تراثها بعيداً عن الإعلام إلا النذر القليل مما نجده أو نسمعه من حلقات تبث عبر الأثير من القنوات الفضائية وأحياناً الإذاعة و الصحف. تحفل هذه المنطقة بتراث يتمتع بكثير من الإبداع و الأصالة و هو يمثل امتداداً لما نجده من أنماط التراث في كثير من مناطق السودان المختلفة لأن كردفان تمثل سوداناً مصغّراً تجمعت فيه كل القبائل من الشمال و الغرب و الوسط و تمازجت و اختلطت حتى أنتجت لنا هذا الذي نسميه التراث الكردفاني. عموماً،هنالك تياران من التراث الكردفاني الغنائي والفني هما تحديداً تراث البقارة الذي يمثله إيقاع المردوم لدى المسيرية و الحوازمة وهذا قد نقله لنا نفر من الإخوة في فرقة فنون كردفان على رأسهم الدكتور عبد القادر سالم حتى أصبح إيقاع المردوم معروفاً و مقبولاً لدى كثير من المهتمين بالتراث والموسيقى. و في الجانب الآخر نجد تراث الأبّالة الذي يمثله إيقاع الجراري بتسمياته المختلفة لدى قبائل كثيرة تمتد من ديار الكبابيش شمالاً مروراً بدار حامد و المجانين وحتى دار حمر. و قد قدمت فرقة فنون كردفان نماذج جيدة منه ولكنه لم يحظ بالذات القدر من الذيوع مثل المردوم؛ ذلك لأن الأخوة أمثال عبد الرحمن عبد الله و صديق عباس وأمبلينا السنوسي لم يهتموا بالأمر بالقدر المطلوب و اكتفوا بالأداء دون محاولة تطوير التجربة و الاهتمام بها كرسالة فنية. و لهذا عندما صدحت المطربة الرائعة نانسي عجاج بأغنية ( أندريا) من تراث دار حمر انتبه النقاد إلى قادم جديد كأنهم لم يسمعوا به من قبل. إن الشعر الغنائي في شمال كردفان بالذات يمتاز بقوة المفردة و تعدد الإيقاعات التي ربما تصل إلى ستة عشر إيقاعاً كلها مأخوذة من مشية البعير و لذلك فهو يمتلك قدرة عالية جداً على التطريب. وبالإضافة إلى ذلك فإن مواضيع هذا الشعر لا تختلف كثيراً عن تلك التي نجدها مثلاً في أغنية أم درمان أو غناء الجعليين و البطانة لأنها تتناول قيم الشجاعة و الكرم و الجمال بكل معانيه المعنوية و المادية؛ كما أنها لا تبعد كثيراً في بعض جوانبها عن طنبور الشايقية خاصة إذا وضعنا في الاعتبار غناء الطنبور لدى أهلنا البديرية و الجوامعة وأغاني الدلوكة في شمال كردفان. ومن الطريف أن سرور ذكر أنه في عام 1921 سمع مجموعة من أهل كردفان\" دار حامد و حمر\" يؤدون بعضاً من أغاني الجراري في حي العرب فأعجب بطريقتهم في الأداء و استعان بهم في بعض الحفلات و كادت تلك الحادثة أن تغير تأريخ ومسارالغناء في أمدرمان ليصبح على إيقاع الجراري الكردفاني الصرف حتى أن الشاعر إبراهيم العبادي قد نظم أغنيته المشهورة التي يقول فيها: ببكي ووبنوح وبصيح للشوفتن بتريح و لحنت على إيقاع الجراري ويلاحظ أن كلماتها لا تختلف كثيراً عن مفردات الجراري ولذلك يعد العبادي من شعراء الأبالة ولكن لا ندري لماذا لم يستمر هذا الاتجاه. و نحن بدورنا نناشد المسئولين عن الشأن الثقافي في الولاية أن يولوا هذا الجانب مزيداً من الاهتمام لأنه لا يقل إلحاحاً عن التنمية خاصة وأن كل أقاليم السودان قد أبرزت تراثها عبر وسائل الإعلام؛ و نقول للأديب و الوزير الفاضل الأخ سموأل خلف الله- نظرة يا ابا خلف- وهل لنا أن نطمع في \" ليالي أب قبة\" الفنية على غرار ليالي أم در والثغر حتى نعيد لتراث كردفان شيئاً من الحيوية و الحضور الإعلامي.كما أتمنى أن تنشئ جامعة كردفان قسماً للدراسات الكردفانية يتولى مهمة تدوين تراثنا لأنه يعكس القيم و التقاليد التي من شأنها أن تقوي التواصل بين أفراد المجتمع. سنّك طنّوب لبنْ عينيك فنجال الفنْ ليالي الزفّه جنْ لأب ضهرن مسنْ \"ضوه بت عبد الزين\" محمد التجاني عمر قش- الرياض [email protected]