هناك فرق بيوت العنكبوت ..! منى ابو زيد \"ليس من شر أكبر من الفوضى!\" .. سوفوكليس كيف تعرف بأنك أمام موظف حكومي ؟! .. حينما تقف أمامه فيقطب في وجهك وكأنهم أيقظوه من النوم كي يطفئ حريقاً، فضلاً عن لغة الخطاب التي تنذر بسوء العاقبة، وعروض المماطلة والتسويف، وتنحية معاملات أصحاب السراط المستقيم – من أمثالك - جانباً، والانشغال بمعاملات يجلس أصحابها للثرثرة واحتساء الشاي في مكتب السيد المدير ..! طيب، كيف تعرف بأنك تقف في طابور سوداني؟! .. الواقفون يتململون وكأنهم ذاهبون إلى المقصلة، الصفوف عشوائية، وهي أقرب إلى الجمهرة منها إلى الطوابير، الوجوه عابسة، ولغة الحوار تبدو عدائية قبل أن يعقبها في الغالب اندلاع شجارات مفاجئة لأسباب تافهة .. يحدث هذا في طوابير معاملاتنا الرسمية كل يوم، لذلك علينا ألا نغضب عندما ينعتنا الآخرون بأننا \"شعب عشوائي لا يحترم الطوابير\"..! بينما تعمل طوابير الشعوب المتحضرة بحكمة بوذا - \"أن تسافر جيداً خير من أن تصل\" -، في اليابان مثلاً، حتى الزلزال الأخير - الذي اعتبر الأكثر عنفاً خلال قرن من الزمان– لم يحدث تغييراً يذكر في صرامة الطوابير التي اشتهر بها شعبها .. وفي بريطانيا حينما أجروا بحثاً للتدليل على انخفاض معدلات الصبر في الطوابير، لم تذكر نتائجه شيئاً عن عدم الالتزام بالأولوية في الصفوف، بل دللت على نفاذ صبر البريطانيين بلجوء معظمهم إلى التسوق ليلاً، ودفع الفواتير عبر شبكة الإنترنت..! وحينما خرج الرئيس الأمريكي أوباما يوماً لتناول شطيرة هامبورجر في مطعم شعبي، انشغلت صحف العالم بدلالة الحدث وتداعياته، وركزت الصحف الأمريكية والأوروبية على صورة البساطة- التي سوق لها الرئيس بتناول الغداء في \"مطعم شعبي\" – بينما انشغل الإعلام العربي (الذي يترفع حكامه على رتابة صفوف الطواف حول الكعبة، فيأتون بمن يشق لهم صفوف الطائفين، والذي تعمل الأنظمة في بلاده وفقاً لمقولة أرسطو \"كبيوت العنكبوت التي تمسك بالذباب الصغير وتسمح للدبابير بالمرور!) بوقوف فخامة الرئيس الأمريكي - بنفسه - في طابور هامبورجر..! احترام الطوابير دلالة تحضر دامغة، والعلاقة بين دقة وانتظام الطابور وتطور المجتمعات طردية، لكن كيف نطالب بسيادة حكم الطابور إن كان الذي يخرق النظام – في مجتماعنا- هو المسئول نفسه!.. إذا أردنا أن تشيع فينا ثقافة احترام الطوابير، علينا أن نبدأ بفوضى السلطة التنفيذية ..! الحكومات – على رأي رونالد ريجان – لا تحل المشاكل بل تدعمها، ووقوف السياسات في طوابير القوانين هو الذي يصنع حضارات الشعوب ..! الاحداث