على أوطانهم..!! شمائل النور أكثر ما يُضحك ويدعو إلى الاستفزاز في آنٍ واحد هو أن الطغاة الذين تساقطوا والذين يتساقطون الآن والذين سيتساقطون، حجتهم في \"الكنكشة\" هي أنهم لا يجدون من يؤتمن عنده الوطن والشعب، وكأنهم قاموا بأداء الأمانة على أكمل وجه، وكأن الأوطان التي هم حكامها ورثوها عن آبائهم، وكأن الشعوب التي يفتكون بها آناء الليل وأطراف النهار قد اشتروها بحر مالهم، بالتأكيد هو منطق وحجة تكشف بؤس عقلية هؤلاء، وأنانيتهم وقصر بصيرتهم وبصرهم، فطالما أن الحاكم الطاغية الذي يقتل شعبه ويستبيح دماءه ولا يقبل مجرد كلمة تغيير، بالتأكيد هو لا يستطيع التفكير إلا بهذا المنطق الأبله. بعد القرارات القطرية في الجامعة العربية والتي علقت عضوية سوريا كخطوة أولى في طريق الضغط على النظام السوري حتى يخرج آمناً إن اراد ذلك، سارع اليمني علي عبد الله صالح بإعلان قرب موعد تنحيه خلال ايام، لكن صالح كان يُعلن بصورة متكررة انه مستعد إلى تسيلم السلطة فقط يريد من هو أهل لثقة الشعب حتى يتولى زمام أموره، وأظن ان صالح لن يجد القوي الأمين إلا ان تأتيه قرارات كتلك التي أغضبت الأسد ورجاله..الشعوب التي خرجت إلى الشوارع أرادت تغييراً حقيقياً، وقطعاً هي تعي أكثر من حكامها الذين لا يرون أبعد من بساطهم الأحمر، تعي تماماً مصلحتها، ودون أقل شك، ان حُرست الثورات التي قامت في المنطقة العربية من اللصوص الذين يجيدون سرقة الثورات والثروات، فسوف لن يكون من السهل حكم هذه الشعوب بذات السياسات القديمة البالية التي تمهد لعقلية مثل التي لا ترى غيرها من هو أهل لإئتمان الأوطان. العقلية التي يُفكر بها الحكام هي عقلية واحدة في كل شيء، يؤمنون إيماناً عميقاً بنظرية المؤامرة، يظنون أن الخلود قُسم لهم، يحسبون ألا أحد غيرهم يؤتمن على الوطن، ويحسبون أنهم يحفظون أوطانهم من شر الأجنبي، والحال عندنا في السودان تعدى الجرأة، ففي الوقت الذي يرون أن انقسام الوطن التزام أخلاقي تجاه اتفاقية موقع عليها، لا يرون ان العمل على وحدة البلاد وحفظ ما تبقى منها له علاقة بالأخلاق.. الذي رضي ووقع على خيار من شأنه أن يجعل الوطن دويلات متناحرة تقوم على الفتنة في المقام الأول، وكان في يده ألا يختار هذا، دون اجتهاد هو لا يؤتمن على وحدة الأوطان ولا حفظها وصونها ولا مصلحة شعبها.. ويا للعجب، بعد أن انفصل السودان الى دولتين، وواجهنا شرور ما اقترفت أيديهم من ضيق في الاقتصاد وحروب هنا وهناك، كان الواجب أن يعوا الدرس، ويعملوا بكل ما منحوا من قوة على الحفاظ وصون ما تبقى من وطن، طالما أن انقسام الجنوب التزام أخلاقي، فينبغي أن يُجبرهم التزام الأخلاق على العمل على وحدة ما تبقى من وطن.. هذا إن كانت وحدة الأوطان هدفاً أخلاقياً في المقام الأول.. لكن الذي وهبه الله مقدرة نفسية على حكم أكثر من 20 عاماً أفضت إلى التشظي، لابد أن يرى أنه أهل للأمانة والصدق، والأوطان تضيع بعدهم. التيار