الصادق المهدي الشريف [email protected] خرج الرجل من بيته.. فوجد رجلين يقتتلان.. أحدهما يضرب ذا لحيةٍ كثّة بكل ما أوتي من قوة.. فصار يضرب معه بكلِّ قوته وغبينته.. سأل الأول (ياخي أنا داير قروش من الزول دا.. ونكرها.. لهذه أضربه.. فلماذا تضربه أنت؟؟).. قال (والله.. أنا قايل الحكومة أتقلبت!!!). والرجل لا يمت بصلةٍ لأيِّ تنظيمٍ أو حزب.. ولكنّها الغبينة.. وكم من مواطنٍ بلا تنظيمٍ ولا جماعة.. وغرت الغبينة في صدره لأنّ هنالك ما يستفزّه.. ومَن يستفزّه من الحزب الحاكم.. مثلما دأب الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل في آونته الأخيرة. قال السيّد/الدكتور/ طبيب الأسنان/ المستشار الرئاسي (كلٌّ من هبَّ ودبَّ بات يكتب في الصحف).. والكلمتان أوردهما من باب الإساءة والتصغير.. في ندوة بجامعة النيلين. وفي الآونة الأخيرة هاجمت الصحفُ مصطفًى بعدما قال إنّ الشعب السوداني كان مجموعة من الشحاذين.. وأنّ الإنقاذ هي التي أكرمتهم بإيقاف الشحذة. ثمّ كرَّتْ عليه مرةً أخرى.. واسمه يظهر في سجلات (الويكيليكس) وهو يطالب الولاياتالمتحدة بأن تتدخل وسيطاً لتطبيع علاقات الخرطوم بتل أبيب. ثمّ صحيفة السوداني الغراء والمواقع الإسفيرية وهو يجيب على حوار صحفي من وراء جدار.. ويضيف أسئلةً من عنده.. ودَّ لو أنّ الصحيفة سألته عنها. والاحتفاظ بالمناصب في حكومة الإنقاذ يحتاجُ إلى علاقة طيّبة مع الصحف.. فكم من مسؤولٍ فقد منصبه من على متن الصحف.. أخبارها وآرائها. وفي جامعة النيلين قال الرجل (هبَّ ودبّ).. و(فاكر نفسو بنبذ فينا). وفي (لسان العرب) هبَّ الرجل من نومه إذ استيقظ وانتبه.. وهبّ من جلسته إذ قام.. وتأتي كلمة هبّ دائماً لتصف وضعاً أكثر انتباهةً أو علواً من الموقف الذي قبله.. فلا يمكن أن تقول (هبَّ الرجل إلى داخل البئر.. وتقصد أنّه نزل إليها.. ولكن تقول هبَّ إلى سطحها.. إذ خرج منها). أمّا دبَّ.. فالدبيب هو صوت مسير النمل.. والدابة هي كلُّ ما يمشي على الأرض.. فالدَبُّ هو المشي على الأرض.. وتأتي بمعنى انتشر مثل دَّب المرض في الجسم، ودبّ البلى بالثوب.. والكلمة تصف حالة الانتقال من السكون إلى الحركة.. والطبع ليس هذا ما قصده المستشار.. فبدلالات اللغة.. (هبّ ودبّ) ذات معنى إيجابي. إلا أنّ العبارة محفوظة في الذاكرة الشعبية السودانية على أنّها تصغيرٌ للشأن وتتفيهٌ للغير. ومثال ذلك ما نسمع من قول (كلُ من هبَّ ودبَّ داير يعمل لينا فيها ابو عرّام).. و(كلُ من هبَّ ودبَّ داير يعمل لينا فيها صحفي).. (كلٌّ من هبَّ ودبَّ بات يكتب في الصحف). الرجل صار يشتم الشعب.. ويشتمُ الصُحفيين.. وهي حالة صدمة نرجسية تعتري من يظنُّ نفسهُ شيئاً ويراهُ الناس شيئاً آخر.. مثلما اعترى د.حسن الترابي بُعيد المفاصلة حين اغتاظ من الشعب الذي لم يسانده أمام بوابة المجلس الوطني.. فقال (السودانيين كانوا يُسمون كذلك لسواد سحناتهم.. نرجو ألا يكون لسواد قلوبهم كذلك). ولو أنّ الحزب الحاكم ارتقى بالرجل لأعلى الدرجات.. فهو بلا مستقبل سياسي طالما صار يشتم هذا الشعب العفيف الصبور.. ويشتمُ الصحفيين.. ولا ندري ما هي الفئة القادمة في لائحة ال (إساءات). صحيفة التيار