زاوية حادة لماذا لم أتكرمس؟ جعفر عباس كنت في جوف طائرة في الكريسماس، ولم تكن المناسبة على بالي لأنها تندرج تحت بند «الشهر الذي ليس عندك فيه نفقة»، ولكن سائق الطائرة توجه بالتهنئة للركاب ووزعت المضيفات بنت الحان التي هي الخندريس والتي هي الداء والدواء في عالم أبو نواس (الكمبيوتر الغبي وضع خطا أحمر تحت كلمة «خندريس»، لأنه أي الكمبيوتر- اسم الله عليه - من عائلة محافظة ولم يسمع بتلك الكلمة)، وكان الخندريس الذي دارت كؤوسه هو الصنف الذي تقول الأناجيل إن المسيح عليه السلام صنعه بغمس يده في الماء، وسألني خواجة يجلس جواري: واي آرنت يو سليبريتنق؟ لماذا لا تحتفل؟ وسألته بدوري: أحتفل بماذا؟ فقال: بالكريسماس.. فسألته مجددا: هل احتفلت أنت بمولد محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)؟ ضحك الرجل وقال إن محمد ولد في تاريخ معلوم، بينما نحن ? يعني المسيحيين ? جعلنا من عيد الحصاد في أوربا ما قبل المسيح مناسبة للاحتفال بذكرى ميلاد المسيح.. هيص يا رجل، وضحكت بدوري وقلت له إننا في السودان نحتفل رسميا وشعبيا بالكريسماس وأن غالبية المهيصين والمهججين في الكريسماس في الخرطوم من المسلمين. على كل حال أتقدم للإخوة المسيحيين في السودان بالتهاني في ذكرى مولد المسيح، وأعتذر لهم بأثر رجعي وتقدمي لأنه لم يحدث أن شاركتهم وليس في نيتي مشاركتهم الاحتفال بالكريسماس، لأنني تنبهت منذ عهد الشباب الأول إلى أن هذه المناسبة ? عندنا في السودان على الأقل ? لا يهتم بها من المسلمين إلا من هو «برج» وازي»، بينما أنا من برج «العذراء»، كما أنني سمعت من الشيوعيين أن البرجوازيين «بطّالين»، ويتسمون بالنَفَس القصير والأفق الضيق، وأتذكر قول شاعرهم: عينا حبيبتي نقابتا عمال وخصرها أفق برجوازي صغير،.. يقصد أن يقول للحبيبة إن ضميرها «خاتم»، كما جاء في الكثير من شعرنا الشعبي، ولأن القارئ غير الشعبي لن يفهم الجملة السابقة، أقول إن «الضمير» هو الخصر وهي من ضمر يضمر بمعنى ضاق يضيق، وبالتالي فخصر الحبيبة ضيق بدرجة أنها تستطيع ان تلبس فيه خاتما، مما يعني أن الحبيبة تعاني من ويلات سوء التغذية، وأنها مجرد جلد على عظم، وأرجو من جيل الشباب الذي يعاني الكثير منه من تلف الأذن الوسطى بسبب الكركبة التي يتمايلون على إيقاعاتها المختلة في الحفلات، أن يبحثوا عن أغنية «بدري من عمرك» للفنان الصومالي/ السوداني الراحل أحمد ربشة لأنها درة ,كانت إذاعيتنا الأشهر الراحلة ليلى المغربي تشجينا بها بانتظام في برنامجها الإذاعي الصباحي. وليلة رأس السنة الجديدة (2012) على مرمى حجر، وبالتأكيد لن أحتفل بها، لأن الاحتفال يعني الفرح، وعيب أن يحتفل أو يفرح شخص ينتمي بشكل أو آخر للعالم العربي برحيل عام 2011م، الذي كم تمنيت أن يطول ويطول حتى يسقط كل حاكم من فئة «أبو الهول»، ويسقط معهم «الفلول»، ولكن يحز في نفسي أنني مضطر لمقاطعة حفلات رأس السنة الجديدة هذا العام، لأن نانسي عجرم شخصيا ستغني في واحدة منها في العاصمة القطرية (الدوحة)، والتذكرة تقريبا ب»بلاش»، لأن سعرها المعلن في الشباك(560) دولارا، وذهبت إلى البنك لأطلب منه تمويل تذكرتي فقالوا لي إن التذاكر نفدت، وما يوجد منها في السوق السوداء يباع ب(1200)دولارا، «ولكن لا مانع من تمويل التذكرة على أن يكون السداد في غضون سنة وبعد حساب الفوائد ستصبح قيمة التذكرة العجرمية نحو (1600) دولارا»، فشرحت لهم أنني لا اعتزم طلب يدها بل الجلوس أمامها بعقلية «أفكر فيه وأتأمل/ أراه تجلى وتجمّل».. المهم رفضت العرض البنكي، ونجوت بجلدي من عقوبتي الربا و»النظرة التي عليك».. وتذكرت ان ذلك المبلغ يعادل الرواتب الشهرية لنحو (13) سودانيا، ثم وجهت سؤالا لهؤلاء ال(13) نفراً: قاعدين بتعملوا ايه ما تقوموا تروحوا؟ّ! الراي العام