تحليل سياسي ولا تثريب .. على المركزي ! محمد لطيف [email protected] رغم أن الفعل الذي شوّه صورة ديوان الأوقاف القومية وهدد سمعتها، وكاد يعطل مصالحها ومصالح المنتفعين من خدماتها من أيتام وأرامل وفقراء وطلاب علم وحيران خلاوى قد صدر من بنك السودان المركزي.. إلا أننا نقول مطمئنين .. ألا تثريب على بنك السودان... فالأخير تلقى خطاباً من وزير.. فكيف لمؤسسة محترمة لا تصدق الوزير..؟ قال منشور بنك السودان- كما يشير الخبر المنشور على صدر هذه الصفحة- إنه تلقى خطاباً من وزير الإرشاد والأوقاف المكلف يطلب فيه إيقاف توقيع الأمين العام لديوان الأوقاف على حسابات الديوان المفتوحة فى كل البنوك .. وحين يطلب وزير ما إيقاف فعل ما؛ فهذا يعني أنه- وعبر مؤسساته وأجهزته بالطبع- قد علم يقيناً و ( تبين ) أن هذا الفعل قائم .. لذا لم يتردد بنك السودان في إصدار تعميمه ذاك .. صحيح أن مسألة العلاقة الرأسية والأفقية والقوانين الحاكمة بين مؤسسات الدولة واحدة من دواعي الثقافة المهنية التي ينبغي أن يلم بها العاملون بالبنك المركزي .. ولكن الصحيح ايضا أن البنك المركزي من الصعب أن يشكك في خطاب من وزير..وهنا لب الأزمة وأس البلاء..!! يقول قانون الأوقاف القومية لعام 2008 في اختصاصات الوزير فى المادة 7 إنه (يشرف إشرافاً عاماً على مجلس الأمناء، ويجوز له أن يصدر توجيهات ذات صفة عامة لمجلس الأمناء ) إذن هذه أقصى سلطات الوزير.. ويبدو أن المشرع قد تحسب لكل شيء.. فعلى بُعد بضع مواد من المادة أعلاه، وضع مادة صريحة لا تحتمل التأويل، حيث منح مجلس الأمناء سلطة (المحاسبة والرقابة على أداء الأمين العام ومؤسسات ديوان الأوقاف القومية) .. إذن وزير الإرشاد - بخطابه ذاك- قد تغول، لا على سلطات مجلس الأمناء فى الرقابة والمحاسبة، بل هو في الواقع قد أصدر الإدانة والحكم لا على الأمين العام، بل على كل ديوان الأوقاف ومشاريعه الآنية والمستقبلية .. فحين يتم- دون مقدمات أو حيثيات- تداول خطاب بإيقاف توقيع شخص هو المسؤول التنفيذي الأول في مؤسسة ما، على امتداد عشرات المصارف ومئات الفروع وآلاف العاملين فماذا بقي إذن ..؟ ولو كان الوزير صاحب سلطة أصيلة كان ينبغى عليه أن يكون ملماً بالتفاصيل .. وأبسط هذه التفاصيل هي: من هو صاحب التوقيع على حسابات الأوقاف ..! السيد وزير الإرشاد قد ضرب بالمؤسسية عُرض الحائط ، حين تخطى مجلس أمناء ديوان الأوقاف الذي شكله رئيس الجمهورية .. وداس على القانون حين مارس سلطة ليست من اختصاصه .. يمكن القول الآن: إن الجمهورية الثانية أمام اختبار حقيقي .. إما أن تحمي مؤسساتها.. وتحترم قوانينها..أو تنحاز لوزرائها ..! الاخبار